| رندلى جبور |
يجب الاعتراف أولاً أن الضربات المتتالية التي نفّذها العدو الاسرائيلي في أسبوع واحد، إن بتفجير أجهزة البيجر واللاسلكي، أو بالغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال القيادي الكبير ابراهيم عقيل، ثم الغارات العنيفة على الجنوب والبقاع، آلَمَت “حزب الله” ومعه كل لبناني يمتلك ذرّة عاطفة وقطرة إنسانية ونقطة وطنية.
فهذه الضربات أسقطت عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى، وأدت إلى خسارة مقاومين من الطراز العسكري والقيادي الرفيع، وأثارت الرّعب بين الناس، وفتحت الباب على المزيد من توسعة الحرب.
ولكن، في المقابل، يُسجَّل لـ”حزب الله” التالي:
أولاً ـ استيعاب الضربات بسرعة قياسية، ولم يَطُل الوقت حتى ضَرَب بدوره، مستهدفاً القاعدة الجوية الأهم في الشمال، قاعدة “رامات دافيد” التي انطلق منها استهداف الضاحية، بالإضافة إلى “مصنع رافائيل” للتكنولوجيا العسكرية في حيفا، وهو أحد المصانع الأساسية في العسكرة والاقتصاد في الكيان المحتل، وبالتالي ردّت على استهداف التكنولوجيا بضرب مجمّع لتصنيعها، كما ساهمت في نزوح المزيد من مستوطني الشمال وقد وصل العدد في تقدير أوّلي إلى 300 ألف بدلاً من مئة ألف، بينما كان العدوّ وضع هدف إعادة سكان الشمال إلى الـ”كيبوتسات” علناً.
ثانياً ـ أثبت “حزب الله” أن قدراته العميقة لم تهتز، لا بشرياً ولا عسكرياً، على الرغم من خسارته مقاومين أشدّاء واستهداف منصات إطلاق صواريخ، والدليل إدخال “فادي 1” و”فادي 2″، نسبة الى المقاوم الشهيد فادي الطويل، كسلاح جديد إلى المعركة، واستكمال الإسناد والردع والرّد.
ثالثاً ـ وصول المقاومة إلى عمق جغرافي جديد يبعد حوالى 60 كلم عن الحدود، بدلاً من أن يبتعد هو إلى ما بعد الليطاني.
رابعاً ـ لا يزال “حزب الله” يحيّد المدنيين في كيان الاحتلال الإسرائيلي، في رسالة واضحة الى أنه جاهز للرد ولكنه لا يبغي الحرب الشاملة ولا يريدها.
خامساً ـ على الرغم من استهداف إحدى وسائل اتصال المقاومة وخرقها، إلا أن المقاومة لم تفقد التحكّم بنظام القيادة والسيطرة وإلا لكان شُلَّ عملها وهو ما لم يحصل.
أخيراً، صحيح أن الخطر كبير، ولكن المقاومة تحافظ على قوّتها، وقدرتها، وحكمتها، وإدارتها السليمة لمعركة جُنَّ فيها جنون القيادات الاسرائيلية من دون أفق لتحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة.