القى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كلمة خلال حفل استقبال جثمان الكاردينال البطريرك كريكور أغاجانيان في ساحة الشهداء قال فيها: “تجمعت في شخصه هويات عديدة، فبات على مثال لبنان، كثيرا في واحد. هو الأرمني الجورجي اللبناني، والحبر المشرقي الروماني المسيحي المنفتح على الآخر بمحبة وإيمان، المحافظ من سدة كهنوت كنيسته الجامعة، على ثبات انتمائه الوطني إلى لبنان، الأرض التي تفيض ايمانا كلما تراكمت عليها المصاعب. الكاردينال البطريرك كريكور أغاجانيان، لن أتحدث اليوم لا عن حياته، ولا عن كهنوته، ولا حتى عن دوره الوطني في لبنان، في زمن الازدهار والتطور، كما في زمن الانقسامات والثورات الداخلية. فإن مآثره تتحدث عنه بأبلغ الكلمات”.
اضاف: “ما أريد اليوم الحديث فيه، هو عن لبنان الرسالة ،خصوصا وأن البطريرك الكاردينال أغاجانيان الذي نستقبل جثمانه بيننا، نموذج بهي عن هذه الرسالة.وأول ما يجب قوله أن الشعب اللبناني الذي يعيش غنى التنوع في كل ميادين الحياة، مدعو لأن يعيش في الوقت نفسه غنى الاتحاد والتلاقي بين مكوناته وفئاته. هذه هي رسالته ودوره في الداخل والمشرق والعالم: أن يعطي المثال للإنسانية كلها على أن الاختلاف والتنوع لا يعنيان التخاصم والحروب وإلغاء الآخر. بل هما السبيل الأفضل للتعارف المؤدي إلى بناء الحياة”.
وقال: “الكاردينال البطريرك أغاجانيان عاش هذه التجربة الفريدة في داخل كيانه،كما في المواقع التي تبوأها على الصعيدين الكنسي والوطني، فكان خير تعبير عن نعمة التلاقي، القيمة الإنسانية النبيلة التي ينبغي لجميع اللبنانيين أن يجسدوها في عيشهم معا. لكن نعمة التلاقي لا تتحقق إلا بالحوار الذي ليس فقط حوار الأفكار والمعتقدات والتوجهات،بل هو أولا وقبل كل شيء،حوار الحياة اليومية التي بها يتأمن للجميع فعل المشاركة في صنع المصير الوطني الواحد. هذا الحوار هو مسؤولية المجتمع بقواه الحية طبعا ومسؤولية الدولة أيضا، لأنها الحضن الطبيعي الذي تأوي إليه جميع الأطياف، فينبغي لها بمؤسساتها الدستورية أن ترعى جنبا إلى جنب حوار الفكر وحوار الحياة، بعيدا عن كل ذرائع التعطيل والمقاطعة.الدولة وجدت لتعمل وتنتج وتبني، لا لكي تتجمد وتتوقف”.
وتابع: “وبالمناسبة، فإن هذه المنطقة من وسط بيروت، حيث نقف الآن، لم يكن يتصاعد منها في الحرب المشؤومة إلا الدخان الأسود. اليوم، يتفاءل جميع اللبنانيين بحلول جثمان البطريرك الكاردينال كريكور أغاجانيان فيها، ويعقدون على ذلك الآمال بأن يتصاعد هذه المرة منها دخان أبيض يعلن البشارة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تيمنا بمشاركة غبطته في انتخابات أكثر من بابا على كرسي روما”.
وأردف: “الكاردينال أغاجانيان، البطريرك المتواضع الممتلئ بمحبة الإنسان، ولا سيما المحتاج والفقير والمريض والمشرد، العامل على تأسيس المدارس والجمعيات ودور الأيتام، أحب لبنان حب الابن لأهله، وأحب اللبنانيين حب الأب لأولاده. وها هو اليوم في أرضه وبين أهله، بعد أكثر من نصف قرن على وفاته، يرفض أن يفصل الموت بينه وبين وطنه، فيرقد فيه .
وقبل الختام لا بد من توجيه التحية الى صاحب الغبطة بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك روفائيل بدروس الحادي والعشرين مينيسيان الذي يعمل بصمت ومثابرة على التقريب بين مختلف العائلات الروحية اللبنانية، وهذا الحشد الوطني اليوم خير دليل على ذلك، ويجمع أبناء الطوائف الارمنية الكريمة على كلمة سواء وفعل محبة.فله منا كل التحية والتقدير.
وختاما، لكم منا جميعا أسمى آيات التقدير والاحترام، على أمل أن نبني يدا بيد هذا البلد الحبيب، ونجعله آمنا مزدهرا، كما أراده الكاردينال أغاجانيان. وشكرا”.