| مرسال الترس |
أوحى “بيان بكين” الذي صدر عن لقاء الفصائل الفلسطينية الـ 12، بعودة الفلسطينيين إلى “اتفاق أوسلو”، خصوصاً عبر ما جاء في البيان حول “الالتزام بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس طبقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
والوقائع القائمة تظهر أن الفلسطينيين يطالبون بدولة لهم منذ خسروا أرضهم قبل ثمانية عقود، ولكن كيان الاحتلال الاسرائيلي يرفض هذا الحق، حتى أن “الكنيست” إتخذ مؤخراً قراراً بإجماع كل أعضائه اليهود برفض البحث في “حل الدولتين”، الأمر الذي قطع الطريق نهائياً على اي مسعى للسلام في منطقة الشرق الأوسط.
وإلى جانب ذلك الرفض المطلق، اعتمد زعماء الكيان مبدأ أسلوب المجازر والاغتيالات لإرغام الشعب الفلسطيني، وقيادات مقاومته، على الرضوخ للأمر الذي يغدو واقعاً ومفروغاً منه، وهذا ما حمل “منظمة التحرير الفلسطينية”، التي تتقدمها “حركة فتح”، على القبول باتفاق “أوسلو” بعد عشرات السنوات من المقاومة التي لم تبدّل شيئاً على أرض الواقع، لأنها لم تنطلق من الداخل، بل كان التركيز على غلاف الدولة اليهودية، فانشغلت المقاومات في الصراعات مع أهل ذلك الغلاف، ابتداء من الأردن وصولاً إلى لبنان، فلم تستطع تحقيق أي من أهدافها. وعندما خرجت بـ”اتفاق أوسلو”، وجدت نفسها بعد سنوات خالية الوفاض من السلطة الفعلية، وباتت متعلقة بحبال هواء الرغبات الاسرائيلية بالسماح بهذه النقطة أو ذلك الإجراء.
أما حركة “حماس”، فقد اعتمدت المقاومة من الداخل، وهذا ما أعطاها دفعاً للقضية يوازي، لا بل يتقدم، على انطلاق المقاومة الفلسطينية في نهاية ستينيات القرن الماضي، الأمر الذي أوصل الكيان الى مأزق فعلي ليس من السهل الخروج منه، حتى باعتراف كبار المحللين العسكريين الاسرائيليين. لا بل إنه دفع بحكومة الاحتلال إلى تخبط كبير في قراراتها، ولاسيما العسكرية منها، التي تأخذها في متاهات الاغتيالات والتصفيات إلى أقصى الحدود، علّها تستطيع إجبار قادة “حماس” على سلوك طريق “منظمة التحرير” والوصول إلى “أوسلو” ما…
الواضح أن ممثلي “حماس” في بكين، أصروا على إدخال عبارات في التوصية النهائية للبيان المشترك جاء فيها: “ترفض الفصائل كل أشكال الوصاية ومحاولات سلب الشعب الفلسطيني حقه في تمثيل نفسه أو مصادرة قراره الوطني المستقل”.
ومع اختيار يحي السنوار لرئاسة المكتب السياسي خلفاً للشهيد اسماعيل هنية، فإن ذلك جاء بمثابة تأكيد على إكمال مسيرة المقاومة من الداخل، وبخاصة أن في يدها ورقة بالغة الأهمية وهي ورقة الأسرى، ومعظمهم من العسكريين، إضافة الى التصميم على المواجهة من قلب الكيان وليس من خارجه أو على غلافه، وهو ما يُعتبر لب المقاومة الحقيقية.