غادر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الاثنين إلى السعودية يرافقه مفتو المناطق تلبيةً لدعوة رسمية، وتردّد أنّ السفير السعودي وليد بخاري سيكون برفقتهم.
وقد أشار متابعون إلى أنّ الزيارة ستحمل انفراجات ماليّة إلى مؤسسات الدّار التي تعاني من شح مالي، فيما أكّد آخرون أن الزيارة سياسيّة بامتياز، ومهمّتها الأساسيّة “ضبط السّاحة السنيّة من المُغالاة في المواقف السياسيّة نصرةً لغزة والمقاومة في لبنان”.
وما يؤكّد هذه النظريّة أنّ “دليل الوفد” إلى المملكة هو الباحث رضوان السيّد، الذي عمل على ترتيب الزيارة والمواعيد بعدما سبق الوفد إلى الرياض قبل يومين على أن يلتقي بأعضائه فور وصولهم لـ”وضع لمساته” على اللقاءات.
كذلك نقل متابعون أنّ الديوان الملكي غير راضٍ عن المواقف المتكرّرة التي يُطلقها دريان دعماً للقضيّة الفلسطينيّة، والوقوف إلى جانب فلسطين والمقاومة، وهو ما كرّره في المطار قبيل سفره إلى السعودية الاثنين، عندما أكّد أنّ “فلسطين قضيتنا وشعبها إخوتنا ونصرة أهلنا في غزة واجب علينا، وما يرتكبه العدو الصهيوني المجرم من مجازر يومية في قطاع غزة من قتل وإبادة جماعية وتدمير ممنهج ينبغي أن يحاسب عليه من قبل مجلس الأمن والمحاكم الدولية، ولبنان يتعرض لاعتداءات صهيونية مستمرة نخشى أن تتوسع وتؤدي الى حرب إقليمية شاملة، ما يتطلب تعزيز وحدتنا الوطنية لمواجهة هذه التحديات الخطيرة”.
وعليه، يخشى المتابعون أن يعود المفتون من الزيارة محمّلين بتوجيهات صارمة بمنع الإدلاء بالمواقف السياسيّة المُدافعة عن المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلّة، و”مُعاقبة” المشايخ الذين يخرجون عن هذه الإرشادات، إضافة إلى كبح جماع «الجماعة» وتكبيلها في الشارع السني. كلّ ذلك، بعدما تُعطي السعودية مفتي الجمهورية والمفتين إشارات واضحةٍ بضرورة القيام بما يلزم لتلبية أمر العمليّات الطارئ.
مع ذلك، لا يتوقّع المتابعون أن تكون توجيهات المملكة ذات تأثير في الشارع السني، إلا إذا رافقها “فتح الحنفية” المالية للتحريض على المُدافعين عن المقاومة، ومحاولة تطويقهم.
ويُرجّح متابعون أن يقوم المسؤولون السعوديّون بـ”فت المال” بذريعة دعم “الإسلام المعتدل”، خصوصاً بعد تجميد المنحة القطريّة التي وُعد بها المشايخ أخيراً. وبينما أُشيع عن تسلّم دريان منذ أيّام منحة بنحو 5 ملايين دولار توزّع شهرياً على المشايخ وأئمة المساجد وموظفي المؤسسات التابعة لدار الفتوى إضافةً إلى تأمين صحي شامل لهم، أكّدت مصادر متابعة أن “لا صحة لهذا الأمر”، وإنما أُبلغت الجهات الرسميّة أنّ “المنحة طارت” من دون تحديد الأسباب، وذلك بالتزامن مع الدّعوة لزيارة الرياض.
وما يزيد هواجس هؤلاء أنّ قطر لم تُعط وعداً لدريان بالمساعدة المالية فور عودته من الدّوحة، إلا بعدما أخذت “الضوء الأخضر” من السعوديّة، إثر طلبات دقيقة لأعداد المستفيدين من هذه المنحة وتفاصيل دقيقة عنهم واستمارات مفصّلة! وعليه، يعتقد هؤلاء أنّ توقيف المنحة القطرية كان قراراً سياسياً وبالتحديد سعودياً، بهدف حصر المساعدات فيها، مقابل ما ستطلبه من وفد المفتين.
من جهة ثانية، حاول بعض المشايخ حض دريان على إرجاء الزيارة بسبب الوضع الأمني في لبنان وارتفاع وتيرة التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة مُرتقبة، ولإقناعه بأنه من غير اللائق أن تكون المرجعيات الدينية السنيّة غائبة في وضعٍ مماثل. إلا أنّ مفتي الجمهوريّة أصر على تلبية الزيارة في موعدها.