| خلود شحادة |
“أتينا لاستكمال مسيرة الوالد الشهيد رفيق الحريري”.. هي الجملة التي استهلّ بها “الشيخ” بهاء الحريري زيارته إلى لبنان، في نهاية حزيران الماضي.
في كل مرة يعود فيها بهاء الحريري إلى لبنان، يخيّل إلى الناس وكأنه قد أطل رأسه من نافذة البلد، مستطلعاً الحال. يحدث ضجة خلال فتحه النافذة، وما أن أطلّ رأسه حتى بدأ يهمس كلامه همساً!
رافقت هذه الزيارة الكثير من القراءات السياسية، وتحديداً للجهة العربية، أو الدولية، الداعمة لحركة بهاء في لبنان. إلّا أنه وبعد دعوته للإقامة في أوتيل “الحبتور”، لم يكتف بهاء الحريري بشكر صاحب الفندق، وإنما “بالَغ” في توجيه الشكر والإمتنان لدولة الإمارات العربية المتحدة، “دولة وشعباً وقيادة”.
هذا الشكر “المبالغ فيه”، يعزوه البعض إلى الدعم الإماراتي المبطّن لحركة بهاء الحريري، بانتظار النتيجة، وبحال نجحت هذه المبادرة، تُظهر الإمارات علناً دعمها لدور بهاء السياسي في الداخل اللبناني، إلا أنه لا شيء مؤكد حتى الساعة.
عود على بدء لحركة بهاء السياسية في لبنان، فهو قد حاول في وقت سابق، وقبيل الانتخابات النيابية عام 2022، حجز مكان له في الساحة السياسية عموماً، والسنية على وجه الخصوص.
يعود بهاء إلى لبنان، حاملاً في جعبته برنامجاً إنمائياً، واعداً بتعبيد الطرقات، بناء الجسور، إنماء المناطق المحرومة، إعمار الجنوب بعد الحرب، حفر آبار، وغيرها من المشاريع الإنمائية المتنوعة، مع غياب تام لأي برنامج سياسي واضح في المرحلة المقبلة.
غياب هذا البرنامج، يخلق حالة من التردد لدى القاعدة السنية التي يحاول استقطابها، والتي تشعر بشيء من النفور بسبب “طلاته وغيباته” غير المفهومة بالنسبة لهم.
بهاء ما زال يبحث عن دور يعتقد أنه “سُلب” منه بعد اغتيال والده عام 2005 وجُيّر لشقيقه الأصغر سناً منه سعد، وأنه آن الأوان ليستعيده بعد تجميد أخيه دوره السياسي في لبنان، وانكفائه “الإلزامي” في الإمارات.
يعتبر بهاء، أنه بإمكانه أن يحل مكان أخيه سعد في الشارع السني، الذي يشعر أنه متروك ويعيش حالة من التخبط، في الوقت الذي يسعى كل فريق إلى “قضم” قطعة من هذا الشارع.
يأتي سعي بهاء للتربع على عرش الزعامة السنية، معيداً ما كان عليه واقع الحال في أيام “العز” لتيار “المستقبل”، مع إطلاقه تيار سياسي جديد، باسم مختلف، يكون هو الحاضنة السياسية للقاعدة السنية.
استنفر أحمد الحريري، وعمل على قطع الطريق على ابن خاله، عبر تطويق المسارات التي كان يرسمها بهاء، والمتعلقة باللقاءات السياسية، والتي لم ترقَ إلى مستوى الحشد ولا إلى مستوى النخب القيادية في الطائفة، ولا في البلد.
وكان من الملفت، غياب لقاءاته، المعلنة أقله، مع الكوادر السياسية لتيار “المستقبل”، السابقة والحالية، ومنهم أشرف ريفي ومن يجاريه.
أما الجمهور، فبالنسبة له، برنامج بهاء ضبابي المسار والأفق، وليس واضحاً لا في طريقة تنفيذه ولا في أدواته، وإطاره التنظيمي لم يظهر أي علامة واضحة سوى بتسميته “المسار”، وهي مجرد حالة تمايز عن اسم تيار “المستقبل”، ليقول إنه حاضر بمشروع جديد، وليس حالة وراثة لأخيه سعد، في الشارع اللبناني.