مشروعا بايدن وترامب: رؤى متعارضة في مواجهة تحدّيات الاقتصاد الأميركي

بقلم بولا عطية

تعكس السياسات الاقتصادية لكل من الرئيس الأميركي الحالي الديموقراطي جو بايدن، والرئيس الأسبق الجمهوري دونالد ترامب، اختلافات جوهرية في التوجهات والأهداف. فبينما يركز ترامب على خفض الضرائب والتقليل من التنظيمات لزيادة النمو الاقتصادي القصير الأجل، يركز بايدن على زيادة الإنفاق الحكومي والاستثمار في البنية التحتية والرعاية الاجتماعية لتحقيق نمو اقتصادي طويل الأمد وأكثر شمولية. هذه الاختلافات تعكس فلسفات اقتصادية وسياسية مختلفة، كل منهما يسعى إلى تحقيق الازدهار الاقتصادي بطرق مختلفة. 

يرى أستاذ الاقتصاد في جامعتي القاهرة والنيل، الدكتور مدحت نافع، في حديث لـ”النهار” أنّ “أهم ملامح القوة للحزب الجمهوري بقيادة ترامب، تكمن في أنه يخاطب الشعب الأميركي بدغدغة مشاعره، عبر الاتجاه إلى خفض الضرائب على المواطنين والشركات، زيادة الضريبة الجمركية على السلع المستوردة التي لها بديل محلي لحماية السلع الأميركية، حتى ولو أسهم ذلك في المزيد من تأجيج نيران الحرب التجارية مع الصين على وجه التحديد”. 

ويسعى الحزب الجمهوري إلى استقطاب العمالة من دول قريبة على حساب الدول البعيدة، “وهو ما ينعكس سلباً على معدلات التضخم”، بحسب نافع، إذ إنّ مراكز الإنتاج الأقرب في أميركا اللاتينية وفي المكسيك “لن تكون بالضرورة أكثر كفاءة وأرخص سعراً من تلك التي في الصين، كما أنّ هذه الخطوات من شأنها أن تزيد القيود كثيراً على الصين”، وهي الحرب التي بدأها الجمهوريون في عام 2018، والتي أثرت على معدلات النمو الأميركية التي سجلت خلال فترة ترامب 1.3 من 10 في المئة، وهي أقلّ من النمو في عهد بايدن الذي سجّل 2.1 من 10 في المئة. 

كذلك يتجه الحزب الجمهوري بسياساته الاقتصادية إلى فرض المزيد من القيود على التجارة وفرض ضريبة الـ10 في المئة كقيود على كل الواردات، وهو ما من شأنه، وفق نافع، أن “يعرقل فرص حرية التجارة بين الدول العربية من جهة وبين الولايات المتحدة ومن ثم إعادة تشكيل التحالفات وإعادة تشكيل مراكز التصنيع وسلاسل التوريد بشكل ربما يكون فيه كفاءة أقل في الفترة الأولى نتيجة الصدمة السريعة في المعاملات التجارية”، مضيفاً أنّ “المعاملة بالمثل من قبل الدول العربية من شأنها أن تؤثر على الاقتصاد الأميركي كثيراً، وهو ما سيخفض من توقعات النموّ”.

الضرائب والتضخم والعجز 

على مقلب آخر، يركز الحزب الديموقراطي برئاسة بايدن، على زيادة الضرائب سواء على الشركات أو على الأفراد (ضريبة الدخل الشخصي لتشمل الاشخاص الذين يكسبون اقل من 400 ألف دولار سنوياً) لمعالجة المشكلة الاقتصادية من تضخم وعجز مزمن ودين مرتفع، ويلفت أستاذ الاقتصاد إلى أنّ “بايدن يَعد بزيادة الضريبة على الشركات من 21 في المئة إلى 28 في المئة وهو ما قد لا يحظى بدعم الكونغرس. كما سيبقي بايدن على الرسوم التي فرضها على السلع الصينية بنسبة 100 في المئة، ومنها السيارات الكهربائية، والألواح الشمسية، إلا أنّه قد لا يتوسع كثيراً في مسألة القيود التجارية كما ستكون الحال لو وصل ترامب إلى السلطة”. 

وتطال الحزب الديموقراطي انتقادات حول تدخله في آليات عمل الاقتصاد لصالح تعزيز الصناعة المحلية على سبيل المثال، أما الحزب الجمهوري، فهو متهم بالتدخل في السياسة النقدية لصالح سوق المال ما قد يخلق انقساماً بين ترامب ورئيس الفيديرالي الأميركي حول اعتماد السياسة النقدية المتشددة.