تصل بعض الفواتير الصادرة عن مؤسسة كهرباء لبنان، إلى المواطنين، بلا توقيع محتسب المؤسّسة، ما يجعلها فواتير غير قانونية وتحمل شبهات حول وجهة الأموال المحصَّلة بموجبها. والمشكلة الأكبر، هي عدم وجود رقابة فعلية داخل المؤسسة، رغم تكرار حالات الغش في الفواتير. علماً أن إصدار الفواتير هو حقّ حصري للمؤسسة. أي أن الفواتير غير الموقَّعة من المحتسب، إما أنها طُبِعَت داخل المؤسسة لكنها لم تسلك المسار الإداري القانوني الصحيح قبل وصولها إلى المواطنين، أو أنها زُوِّرَت خارجها. وفي جميع الأحوال، إن عدم انتظام العمل في المؤسسة منذ سنوات، شجَّعَ على مثل هذه الأعمال. وتعمّقت الفوضى في المؤسسة بشكل كبير بفعل الأزمة الاقتصادية وتفجير مرفأ بيروت الذي تسبَّبَ بأضرار بالغة في المبنى المركزي للمؤسسة.
علماً أن الفواتير غير الموقَّعة من المحتسب، هي امتداد لفضائح أخرى حصلت في المؤسسة، ومنها ما ظهر في العام الماضي من تهريب لفواتير فارغة، بلا أي معلومات عن المشتركين وحجم الاستهلاك وما إلى ذلك، يستعملها جباة وهميون، يطبعون عليها المعلومات المطلوبة، لتظهر وكأنها فاتورة صحيحة، ويتم تقاضي قيمتها من الزبائن. وعدم وصول أمن الدولة ومؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة إلى خواتيم سعيدة تضبط الفوضى والتزوير والاستغلال السلبي لمسألة الفوترة والجباية، شجّعَ على استحداث أسلوب جديدة للتحايل على آلية الفوترة والجباية.
وتجدر الإشارة إلى أن مشكلة الفواتير غير الموقَّعة من محتسب المؤسسة، وتلك الفارغة، كان قد سبقها في العام 2014 عملية طباعة للفواتير خارج مؤسسة الكهرباء، وهي عملية كشفها مياومو كهرباء لبنان. وحينها تمّت الطباعة بحجّة تسيير العمل في ظل ما اعتبرته شركات مقدّمي الخدمات “ظروفاً قاهرة”، وحينها لم يكن العمل في المؤسسة ينتظم بشكل دائم نظراً لإضرابات المياومين وإقفالهم مراراً المبنى المركزي للمؤسسة، في أعقاب تحركاتهم لإقرار تثبيتهم في ملاك المؤسسة. على أن تلك الظروف لم تكن قاهرة بالفعل، وكان يمكن وسطها، الإلتزام بالسياق الصحيح لإصدار الفواتير عبر المؤسسة فقط.
ما يحصل في المؤسسة يستدعي إعادة النظر بالواقع ككلّ. لكن في أعقاب عدم القدرة على الانتقال من واقع إلى آخر بلمح البصر، على إدارة مؤسسة كهرباء لبنان تشديد الرقابة على طباعة الفواتير وجبايتها. كما أن على الأجهزة الأمنية التحرّك بسرعة لتوقيف منتحلي صفة الجباة وتوقيف بعض الجباة الحقيقيين الذين يساهمون بالتزوير والغشّ.
تلك الفوضى تساهم أيضاً في زيادة الضغط والأعباء على موظّفي المؤسسة الذين يضطرون إلى التدقيق بآلاف الفواتير التي يطالب أصحابها بمراجعتها نتيجة الأخطاء. سيّما بالأرقام المضخَّمة جداً التي لا تعكس حقيقة الاستهلاك الصحيح.