معدل الرفض في الجزائر يبلغ 45.8% يليه المعدل في غينيا بيساو مع 45.2% ثم نيجيريا مع 45.1%
رفضت فرنسا مرتين طلب الحصول على تأشيرة دخول من نبيل تاباروت، وهو مطور إنترنت جزائري يبلغ من العمر 29 عاماً ويأمل هذا العام في زيارة أخته هناك.
تاباروت من بين العديد من الأشخاص الذين يخوضون عملية شاقة للحصول على تأشيرات الزيارة في جميع أنحاء إفريقيا، والتي تواجه معدلات رفض تأشيرات أعلى من أي مكان آخر في العالم عندما يتعلق الأمر بزيارة دول منطقة شنغن في أوروبا.
غالباً ما يصعب تأمين المواعيد، وغالباً ما يجب على المتقدمين إثبات وجود رصيد بنكي كحد أدنى، كما يتعين عليهم إثبات الغرض من زيارتهم وإثبات أنهم يخططون للعودة إلى بلدانهم.
تاباروت، الذي نجح مرة واحدة فقط في الحصول على تأشيرة فرنسية، قال “هذا هو الحال، إن كل متعة تستحق الألم”.
على الرغم من أن الكثير من نقاشات أوروبا حول الهجرة يركز على الأشخاص الذين يصلون دون إذن، فإن كثيرين يختارون أن يأتوا بوسائل قانونية. ولكن من المؤلم اكتشاف أن اتباع القواعد يفشل في كثير من الأحيان.
إن معدلات رفض الزيارة غير المتناسبة التي تزيد بنسبة 10% لإفريقيا مقارنةً مع المتوسط العالمي، تعيق الشراكات التجارية والأعمال والتعليمية على حساب الاقتصادات الإفريقية، وفقاً لدراسة أجرتها شركة “هينلي أند بارتنرز” المتخصصة في استشارات الهجرة والتي يقع مقرها في المملكة المتحدة.
ووصفت الدراسة هذه الممارسات بالتمييزية، وحثت دول شنغن على إصلاحها.
ولا يتم رفض المتقدمين في أي مكان أكثر من الجزائر، حيث رفض أكثر من 392 من المتقدمين عام 2022. ويأتي بعد معدل الرفض هذا الذي يبلغ 45.8%، معدل رفض قدره 45.2% في غينيا بيساو، و45.1% في نيجيريا.
بالمقابل، تم رفض واحد فقط من كل 25 من المتقدمين الذين يقيمون في الولايات المتحدة. وفي حين وجدت الدراسة أن المتقدمين من البلدان الفقيرة تعرضوا لرفض أعلى بشكل عام، أشارت إلى أن المتقدمين من تركيا والهند تعرضوا للرفض أقل من المتقدمين من غالبية البلدان الإفريقية.
يمكن أن تكون أسباب هذا التحيز المناهض لإفريقيا سياسيةً، وفقاً لمؤلف الدراسة مهاري تاديل مارو من مركز سياسة الهجرة التابع للمعهد الأوروبي.
ويتم استخدام رفض التأشيرة كأداة سياسية من قبل الحكومات الأوروبية، بما فيها فرنسا، للتفاوض على ترحيل أولئك الذين يهاجرون إلى أوروبا دون إذن مناسب. وقد رفضت حكومات شمال إفريقيا توفير وثائق قنصلية لمواطنيها الذين يواجهون الترحيل.
في مقابلة، قال مارو إن الجزائر لديها معدلات رفض تعادل قارة لأن عدد المتقدمين يفوق أولئك من البلدان الإفريقية الأخرى، لأسباب جغرافية واقتصادية وتاريخية. ويتقدم العديد من الجزائريين بطلب للحصول على تأشيرات في فرنسا، حيث يتحدثون اللغة وقد يكون لهم روابط عائلية.
جزائريون ينتظرون أمام مركز تأشيرات شنغن في العاصمة
وقال مارو إن قرب شمال إفريقيا من أوروبا يعني أن الرحلات قصيرة ورخيصة مقارنةً بالرحلات من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ما يؤدي إلى تقديم مزيد من الأشخاص لطلبات التأشيرات.
إلى جانب معدلات الرفض، فإن صعوبة التقديم هي أيضاً سياسة متبعة من قبل الحكومات الأوروبية، وفقاً لما ذكره مارو الذي أضاف: “عندما نتحدث عن زيادة العوائق أمام المتقدمين المحتملين، فهذا ليس فقط معدل الرفض، بل هو أيضاً القيود المفروضة على تقديم الطلب”.
هذا يعني أن التحديات يمكن أن تكون محلية أيضاً. بالنسبة للجزائريين مثل تاباروت، تعد شركة “في إف إس غلوبال” لاعباً جديداً في عملية طلب التأشيرة. وقد تم تعيين مزود الخدمات هذا من قبل السلطات القنصلية الفرنسية بعد سنوات من الانتقادات حول النظام السابق الذي يهيمن عليه ما تسمى “مافيا التأشيرات”.
واجه المتقدمون سابقاً تحديات تأمين مقابلات، والتي كان يتم حجزها بسرعة من قبل وسطاء الطرف الثالث ثم يعاد بيعها للجمهور، بنفس الصورة التي يسيطر بها المستغلون على حفلات الموسيقى عن طريق شراء التذاكر وإعادة بيعها. وانتشرت شائعات حول برامج حاسوب معقدة ترتبط بمنصات مواعيد المقابلات وتلتهمها في غضون لحظات.
في السياق، أكد علي تشالالي، الذي ساعد ابنته مؤخراً في تقديم طلب تأشيرة طالب لفرنسا: “إنهم حفنة من المحتالين الذين كانوا يفعلون ذلك لسنوات، ويجنون ثروات على حساب المواطنين الفقراء من خلال جعلهم يدفعون غالياً لتحديد موعد للتقدم للحصول على تأشيرة”.
بموجب النظام السابق، كما أخبر متقدمون وكالة “أسوشيتد برس”، فإنهم اضطروا إلى دفع 15 ألف إلى 120 ألف دينار جزائري (103 إلى 825 يورو) للحصول على موعد.
في الجزائر، قرر كثيرون متابعة الفرص في فرنسا بعد عدم العثور على فرص اقتصادية كافية في الوطن أو يسعون إلى الإقامة بعد الذهاب إلى الجامعات الفرنسية بتأشيرات الطلاب.
ووفقاً لتقرير عام 2023 من مديرية فرنسا العامة للمواطنين الأجانب، فإن 78% من الطلاب الجزائريين “يقولون إنهم ليس لديهم نية للعودة إلى الجزائر” عند الانتهاء من دراستهم.
وكانت قضية التأشيرة تاريخياً سبباً للتوترات السياسية بين البلدان. ومن المقرر أن يزور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون فرنسا في وقت لاحق من هذا العام.
وإلى ذلك، قال السفير الفرنسي، ستيفان راموتيت، في مؤتمر اقتصادي عقد مؤخراً في الجزائر: “يجب أن يتم تسهيل كل ما يمكن أن يسهم في زيادة التجارة بين فرنسا وأوروبا والجزائر في كلا الاتجاهين. للاستفادة من جميع المرافق، ولاسيما التأشيرات”.
المصدر:العربية