أطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فعاليات “طرابلس عاصمة للثقافة العربية” في احتفال رسمي اقيم في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس بمشاركة المدير العام للالسكو الوزير ولد اعمر وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي والوزراء في حكومة تصريف الأعمال : الاقتصاد امين سلام، الدفاع موريس سليم، الشباب والرياضة جورج كلاس والطاقة والمياه وليد فياض، المطران جوزيف نفاع ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، عدد من السفراء العرب والنواب والمفتين والمطارنة وحشد لبناني وعربي.
بعد النشيد الوطني اللبناني وتقديم من المحامي شوقي ساسين، ألقى المدير العام للألكسو الوزير ولد اعمر، كلمة قال فيها: “لعل ما يزيد هذا الاحتفاء ثراء وبهجة أيضا؛ وكغيره من الاحتفائيات بمدننا العربية اعتبار مدينة القدس الشريف عاصمة دائمة للثقافة العربية؛ توأمة مع أي مدينة عربية يحتفى بها”.
أضاف:” إن تاريخ مدينة طرابلس اللبنانية الضارب في القدم؛ من الفينيقيين إلى الحقب الإسلامية المختلفة، إضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز، ومفردات نسقها المعماري النادر، ومكتباتها العامرة، ومعالمها الأثرية المكابدة لعاتيات الزمن ما يفوق 180 معلما أثريا، تتنوع بين مسجد وكنيسة وخان وحمام ومدرسة وزاوية وسوق، وقصور، وغيرها من المواقع والمعالم الثقافية التي تشكل وجه طرابلس الحضاري؛ كل ذلك يجعل الاحتفاء هذه السنة، بلا شك، بمدينة طرابلس؛ فرصة لإعادة اكتشافها من جديد والتعريف بتراثها وأعلامها؛ استحضارا لماضيها التليد وتطلعا إلى مستقبلها المشرق. ان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تثمن كل الجهود المبذولة من أجل إظهار مدينة طرابلس بحلتها التي تليق بها، والتي تعكس أهليتها لهذا الحدث والاستحقاق الثقافي والحضاري الهام؛ لتظل منارة حضارية كما كانت دائما، ولتكون أيضا وكحال أخواتها مدن الثقافة المحتفى بها سابقا نموذجا تحتذي به بقية العواصم العربية للثقافة.. خلال السنوات المقبلة”.
والقى الوزير المرتضى كلمة قال فيها: “الآن… هنا… يخلع التاريخ عن كتفيه ألقابه المزمنة، ويلبس مكانا واحدا من ستة حروف اسمه: طرابلس. الطاء طيب فضاء وطيبة ناسوالراء روح مدينة حدودها رائحة الجنةوالألف إيمان يجابه آلاف التحديات والباء باب يفضي إلى بركات القيم واللام لوحة حق وخير وجمال والسين سماحة وسلام، فكيف للزمان أن يجد مكانا أرحب وأفضل وأجمل كي يلبسه؟ الآن… هنا… درة المتوسط وغالية لبنان تبسط أحضانها الفيحاء مضافة للعروبة الآتية إليها، بكامل جلالة ثقافتها، لتتوج المدينة عاصمة لها، فتعيد إلى ذاكرة ترابها ما كانته في أيامها الأولى، ذات تلاقت عليها المدائن واتخذتها مساحة حوار، وبنتها العصور منازل على وسع الحضارات، فإذا كل حجر فيها ناطق بلسان، وإذا بها ناطقة فقط بلسان عربي مبين، لا يخطئ مرة في قول السماحة والحق”.
وأضاف: “طرابلس اليوم، هذه المدينة التعبى من وقر الحدثان، تدخل بنا إلى فرحها… تتسيد مائدة العرس… وتقول لنا جميعا: أهلا وسهلا، ها أنا شرعت صفاتي أمامكم فخذوها بأرفق ما تستطيعون: أنا مدينة العلم والعلماء أنا الحاضرة المملوكية الثانية في هذا الكون، والوحيدة التي لا تزال مأهولة إلى اليوم.أنا حاضنة العروبة وحامية قضاياها أنا الفيحاء حكاية الإنسان والزمان أنا التي يقولني الدهر قصيدة على “منبر من صنع نيسان” أنا التي تكتبني السماء على الأرض بماء الزهر أنا طرابلس… وكفى بالاسم مقالا”.
وتابع المرتضى: “إعلان طرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024، حدث في تاريخ المدينة ولا أبهى، يزف إليها، وهي ولبنان والمنطقة في الظروف القاسية التي تعلمون. لن أترك للشجن أن يتسرب إلى مفاصل يومنا الطرابلسي السعيد، لكن لا بد من قول يقين لا يتزحزح، بأنه ينبغي لهذه المناسبة أن تكون فرصة تستعيد فيها المدينة كامل موقعها على خريطة التنمية المستدامة، نظرا لما تحتويه من مرافق اقتصادية ومقدرات ثقافية، ومن إمكانيات بشرية ذات كفاءات عالية في جميع الميادين. فطرابلس التي احتضنت العروبة ولبنان والإنسان، علينا اليوم أن نحتضنها نحن، لتعلن عن حقيقتها المضيئة، أنها منارة على شاطئ الغد، ومختبر لكيمياء العيش في المعية على ألفة الآخر، زندا بزند وقلبا إلى قلب، في فضاء الفكر الحر والإيمان السمح ولقاء الإنسان بالإنسان. وهذا بالحقيقة مغزى الثقافة وغايتها، كما عاشتها الحضارة العربية ووزعتها على العالم أجمع. إنها تلك التي تبني الحياة بكامل تجلياتها المادية والمعنوية، وتسعى إلى إرساء السلام بين الأنام على مبدأ “لكي تعارفوا”. وهي تشهد اليوم صراعا ملتهبا وداميا بينها وبين العنصرية الصهيونية التي تقوم على رفض الآخر حتى قتله وإبادته وتدمير وجوده. وهذا ما يحدث في غزة والجنوب وغيرهما من بلادنا المقدسة. وإذا كان لجبهات القتال العسكرية مع هذه العنصرية الحاقدة أن تتأيد بعزائم المقاومين وتضحياتهم، فإن المقاومة الثقافية لا تقل أهمية عن النزال العسكري، ولهذا وجب علينا كلبنانيين وكعرب، بعد غزة ومآسيها، أن نعمل على إرساء استراتيجية ثقافية تشترك فيها جميع عناصر القوة التي نمتلك، بما فيها نعمة الاختلاف، وهي في عمقها وجوهرها قيمة إنسانية مناهضة للأحادية العنصرية التي يعيش بها ويقتات منها هذا الكيان المغتصب”.
وتوجه الوزير المرتضى بالشكر إلى كل من ساهم في هذه الاحتفالية، وخص بالذكر المدير العام السابق لوزارة الثقافة الدكتور فيصل طالب قائلا: “دولة الرئيس ميقاتي. الوفاء يفرض علي توجيه الشكر والتقدير إلى سعادة المدير العام السابق لوزارة الثقافة الدكتور فيصل طالب، الذي أتمنى عليه الوقوف وأطلب منكم التصفيق له، على الجهود التي كان قد بذلها من أجل أن تنال طرابلس هذا الشرف العظيم”.
وبعد ذلك ازاح الرئيس ميقاتي والمدير العام ولد اعمر و المرتضى وسلام ورئيس مجلس ادارة معرض رشيد كرامي الدولي أكرم عويضة، اللوحة التذكارية للمناسبة.
ثم وقع الوزير المرتضى مع سفير دولة فلسطين اشرف دبور ممثلا وزير الثقافة الفلسطيني، اتفاق توأمة بين طرابلس والقدس عاصمتين للثقافة العربية.
وتسلم الوزير مرتضى درعا تذكارية من دبور في حين سلم ولد اعمر وزير الثقافة درع العاصمة الثقافية في حضور الرئيس ميقاتي.
ووجهت خلال الحفل “تحية من طرابلس الى الأشقاء في العالم العربي” فقرة فنية مع المبدعة كريستيا كساب ابنة الجنوب و”موسيقيون من أجل طرابلس” بقيادة المايسترو هياف ياسين.