| رندلى جبور |
مئتا يوم من حرب إبادة وتدمير وقتل، ذاق فيها قطاع غزة ما لا تستطيع الانسانية تحمّله في أي بقعة من جغرافيا هذا العالم.
ولكن خلاصات المئتي يوم نختصرها كالتالي:
أولاً: أظهر الفلسطينيون قدرة هائلة على الصمود الشعبي، وإرادة كاملة للتجذر في الارض، ورغبة جامحة في المواجهة والتحرير، وأظهرت المقاومة في فلسطين بطولة أسطورية وقوة فائقة منعت العدو “الاسرائيلي” من تحقيق هدفه في القضاء عليها على الرغم من جنوح إجرامه.
ثانياً: بدا “الاسرائيليون” في موقع الضعيف غير القادر على تحقيق ما يريد رغم أنه يخوض حربه ضمن نطاق ضيّق وضد مجموعة محددة من الناس و”الحمساويين”، وفي موقع العاجز عن الانجاز والانتصار ولو كان يمتلك قوة عسكرية وتدميرية واستخبارية قيل يوماً إنها لا تُقهر، وتبيّن أن هذه المقولة مجرد وهم سقط فيه بعض العرب.
ثالثاً: أرست هذه الحرب تبدّلاً في الرأي العام، وهذا التبدّل يُبنى عليه في المرحلة المقبلة بعدما كان الكيان طيلة الفترة الماضية يعيش على الدعم الخارجي والأممي.
رابعاً: أثبتت هذه الحرب أننا انتقلنا إلى عصر مختلف، لناحية موازين القوى المحلية والاقليمية والدولية، ولناحية الواقع السياسي والاستراتيجي العالمي، ولناحية شكل النظام الكوني.
خامساً: أكدت هذه الحرب أن المقاومة حين أصبحت محوراً متكاملاً، أضحت قوة لا يمكن تجاوزها أو التعامل معها بنفس الطريقة، وأنها قادرة على إحداث كل الفرق وسط تخاذل جيوش وأنظمة كان يمكنها لو أرادت، أن تُزيل الاحتلال منذ زمن بعيد، والفرص كانت مُتاحة ولكن النية كانت غائبة.
سادساً: عكست هذه الحرب إمكانية الضغط على الكيان المصطنع من خلال الإيلام الاقتصادي وذلك عبر استخدام الممرات المائية وسياسة المقاطعة وإفراغ المستوطنات كأوراق ضغط مهمة.
سابعاً: صحيح أن الاثمان الانسانية كبيرة، إلا أنها ليست إلا لتثبيت الحق في الوجود، في مقابل أثمان تدفعها “إسرائيل” من رصيد عمرها وهي متجهة حتماً الى موت.
ثامناً: إن طوفان الاقصى هو محطة في مسار يقود الى التكوين الجديد، ليس لفلسطين والمنطقة وحسب، بل لكل العالم.
تاسعاً: الجميع قال كلمته في هذه الحرب. “اسرائيل” قالت نعم انا أوهن من بيت العنكبوت ولو امتلكت أحدث الاسلحة، والاميركيون قالوا نحن مع “إسرائيل” ولكن بحدود عدم انعكاس حماقاتها على الداخل الاميركي، والفلسطينيون الشرفاء قالوا نحن مستعدون للدفاع عن أرضنا ومقدساتنا، و”حزب الله” قال نحن أقوياء بما فيه الكفاية لردع هذا الكيان، واليمنيون قالوا نحن هنا ونساند وعُدّتنا الموقع الجيواستراتيجي، والعراق قال بحشده الشعبي وكتائبه على رغم وجعنا ندعم ونتدخل حين تدعو الحاجة، وإيران قالت بوضوح ان زمن الصمت قد ولّى ويمكننا الوصول الى حيث نشاء وساعة نشاء وبالمباشر ونحن جزء أساسي من المعادلة.
أخيراً، إن غزة وهي تبكي، ترسم بدموعها الضحكة الاخيرة والانتصار الحقيقي، وتصرخ من تحت الركام: من هنا سيُكتب التغيير لمعالم العالم!