تغيب الدولة. تكاد تُعلَن وفاتُها، ثمّ نرى بعضاً منها يتحرّك، كأنّه يوحي بأنّ الموت لم ينل منها. كأنّه يُعلن أنّ النهوض ممكن.تحوّلت لجنة المال والموازنة النيابيّة، بين ختام عامٍ مضى وبداية هذا العام، الى ضوءٍ في نفق. عملت على تجميل موازنة مشوّهة، فنجحت وإن كان لا قدرة كاملة لأن يصلح العطّار ما أفسده الدهر. في الأمس، كرّرت اللجنة المحاولة.
جلسةٌ لها، من داخل المجلس النيابي الذي يكاد يفقد الدور والتأثير، عنوانها الصحة، أغلى ما يملك الناس، خصوصاً في هذه الأيّام التي حوّلت بعض المرضى الى متسوّلي استشفاءٍ ودواء.برز في الجلسة التكافل بين النوّاب، على الرغم من بعض الكلام الطائفي، وكانت مطالبة بأن تنال المستشفيات “المظلومة” حقّها المادي في بعض المناطق، من دون أن يكون ذلك على حساب المستشفيات الأخرى “المحظيّة”.
فالصحة لا هويّة لها ولا طائفة، كما أكّد رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان الذي انتزع شكراً من وزير الصحة، ولو كان الأخير في موقع المُستدعى، كي لا نقول المتّهم.والأهمّ في الجلسة وعدٌ من الوزير، سنلاحقه، بتوزيع أدوية الأمراض المستعصية بعد انقطاعٍ دام حوالى الستّة أشهر. الدواء للجميع، وما من مرضى بسمنة وآخرين بزيت.تبقى ملاحظتان:الأولى، لا يحقّ لنوّابٍ صمتوا على وزارة الصحة حين قصّرت، ولم يدعموها حين عجزت، أن يشكوا من تغييب دورهم. كما أنّ “إنجاز” توزيع الأدوية لن يجعلنا نغفل عن سوء إدارة الملف الصحي منذ سنوات كانت فيها شركات الأدوية تحقّق أرباحاً طائلة، في ظلّ صمت الوزراء ومن تولّى، في السابق واليوم، رئاسة لجنة الصحة النيابيّة.الثانية، بسيطة.
إن توفّرت النيّة والإرادة لدى المسؤول، يمكن تحقيق خرقٍ وإضاءة شمعة.لجنة المال والموازنة أضاءت أمس شموعاً عدّة.