ليست المرة الأولى.. لكن تطبيق “تيك توك” بات مهدداً من جديد بالاستمرار في العمل داخل الولايات المتحدة، منذ إقرار الكونغرس لمشروع قانون يحظر التطبيق.
تعود جذور الصراع إلى عام 2019، وهو العام الذي شهد طفرة في نمو تطبيق الفيديو القصير، إلا أنه كان شاهداً أيضاً على تنام كبير للتطبيق من حيث عدد ساعات الاستخدام التي يقضيها المراهقون على الإنترنت، خاصة في الولايات المتحدة مع استحواذ “تيك توك” على تطبيق “Musical ly” بقيمة مليار دولار في عام 2018.
ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد مستخدمي “تيك توك” في الولايات المتحدة إلى أكثر من 170 مليون شخص، يقضون في المتوسط نحو 80 دقيقة يومياً لكل منهم على التطبيق.
ولا يستبعد وجود رابط مشترك بين الحرب الأميركية على “تيك توك”، والحرب التجارية الأوسع بين بكين وواشنطن.
وفي مقابلة مع “بلومبرغ”، انتقد كبير الدبلوماسيين الأميركيين في الصين اعتراض بكين على الحظر المحتمل على تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، في تعليقات حادة تسلط الضوء على التوترات المستمرة بين البلدين على الرغم من التحسن الأخير في العلاقات.
وقال السفير نيكولاس بيرنز يوم الخميس: “أجد الأمر مثيراً للسخرية للغاية لأن المسؤولين الحكوميين هنا يستخدمون منصة X لانتقاد الولايات المتحدة. إنهم لا يمنحون مواطنيهم الحق في استخدام X، أو إنستغرام، وفيسبوك، وحتى الوصول إلى غوغل”.
وقال بيرنز إن تطبيق مشاركة الفيديو والرقائق المتقدمة عنصران أساسيان في المنافسة بين أكبر اقتصادين في العالم، مما يشير بشكل أكبر إلى موقف إدارة بايدن المتشدد تجاه الطموحات التكنولوجية للصين.
وأضاف بيرنز: “التكنولوجيا الآن، من نواحٍ عديدة، هي في قلب المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، سواء كانت تكنولوجيا تجارية، تيك توك على سبيل المثال، أو ما إذا كانت تكنولوجيا يمكن تحويلها إلى تكنولوجيا عسكرية تستخدم للتنافس ضدنا”.
وبغض النظر عن رئيس الولايات المتحدة، ومدى المنافسة بين ترمب وبايدن، إلا أن التوافق حول موقفهما من الصين شبه متطابق، ففي عام 2020، وضع ترامب موعدا نهائيا يقضي بحظر التطبيق من الولايات المتحدة، أو بيع شركة “بايت دانس” للتطبيق إلى شركة أميركية، ما دفع “تيك توك” لرفع دعوى قضائية، ربحتها في النهاية واستمر عمل “تيك توك” داخل الولايات المتحدة.
ولكن يبدو أن بايدن أقرب في حظر التطبيق في الولايات المتحدة مع إقرار الكونغرس لمشروع قانون يحظر “تيك توك”، قبل أن يقرر مجلس الشيوخ إبطاء المصادقة على الاقتراح لما له من أضرار اقتصادية، داعياً إلى ضرورة الحصول أولاً على موافقة شركات التكنولوجيا.
حصان طروادة أم سبق تكنولوجي؟!
كان النمو اللافت لـ “تيك توك”، صداعاً لكافة شركات التكنولوجيا سواء كانت شبكات تواصل اجتماعي، أو منصات للفيديو، وحتى من غيرها، حيث أشار تقرير لصحيفة “واشنطن بوست”، إلى أن أكبر مبتكري التكنولوجيا في أميركا يعيدون اختراع أنفسهم على طريقة تيك توك، ليس فقط في تطوير مقاطع فيديو قصيرة مقلدة – مثلما فعلت “ميتا” عبر إطلاق Reels، وYouTube Shorts – ولكن في استبدال شبكات الأصدقاء والعائلات بخلاصات الغرباء الذين يطاردون المجد الفيروسي، إذ يمكن لنموذج تيك توك أن يشكل شبكة الإنترنت بأكملها قريباً، بحسب “واشنطن بوست”.
لكن ملكية “تيك توك”، من قبل شركة التكنولوجيا العملاقة ByteDance ومقرها بكين، جعلتها أيضاً واحدة من أكبر الشركات المنبوذة في واشنطن. وحاول الرئيس السابق دونالد ترامب تفكيكها. وقد حظرته الفروع العليا للحكومة والجيش الأميركي من الهواتف الصادرة عن الحكومة. ويصر أعضاء الكونغرس على أنه يمكن أن يكون حصان طروادة لآلة دعاية ومراقبة صينية سرية.
وحتى مع تحول التطبيق إلى ساحة عامة للأخبار والمحادثات، فإن أنظمة الترويج والقمع المبهمة التي تطبقها تيك توك تغذي المخاوف من أن نموذج الصين العدواني للتحكم في الإنترنت يمكن أن يشوه ما يظهر هناك.
وجادل المسؤولون التنفيذيون في “تيك توك” بأنهم لا يتأثرون بجداول أعمال الحكومة ويريدون فقط تعزيز منصة ترفيهية ممتعة وخالية من الصراعات. لقد عملوا على تهدئة الشكوك وتكوين صداقات في واشنطن المعادية من خلال توظيف متخصصين مقيمين في الولايات المتحدة، والوعد بالشفافية، ونقل بيانات المستخدمين الأميركيين عبر خوادم في الولايات المتحدة.
لكن الموظفين السابقين في TikTok والخبراء الفنيين يقولون إن إصلاحات الشركة لا تفعل شيئاً لمعالجة أكبر مخاطرها: أن كبار صناع القرار يعملون في بلد ماهر في استخدام الويب لنشر الدعاية ومراقبة الجمهور واكتساب النفوذ وسحق المعارضة. وقد أدت أزمة الثقة هذه إلى نقاش مستمر بين الهيئات التنظيمية الأميركية: ما إذا كان يجب مراقبة التطبيق عن كثب أو حظره تماماً.
وعندما سُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين، عن تصريحات كبير الدبلوماسيين الأميركيين في الصين “بيرنز” يوم الجمعة، قال: “إن الولايات المتحدة تصور نفسها كدولة حرية التعبير واقتصاد السوق الحر، لكنها لم تدخر جهداً لتسخير سلطة الدولة لملاحقة تيك توك. هذا هو الشيء المثير للسخرية حقاً”.
وقال وانغ في المؤتمر الصحافي الدوري إن الصين منفتحة على “جميع أنواع المنصات والمنتجات والخدمات” طالما أنها تتبع القانون. “تعمل TikTok بشكل قانوني وتم تسجيلها وفقاً للقانون الأميركي ولكن تم قمعها من قبل الجانب الأميركي”.
واعتبرت الصين في أول رد فعل على مصادقة الكونغرس على مقترح قانون بحظر تيك توك تنمراً.