قد يكون الربيع فصل الفرح والحياة للعديد منكم، لكنّه كابوس حقيقي للبعض الآخر. فهو موسم العطاس والحكّة وسيلان الأنف مع كل “نسيم عليل”.. إنه مأساة ملايين الأشخاص الذين يعانون من “حساسيّته”، هؤلاء يرددون سرّاً “ليت الربيع لا يعود دوماً”!
حالة مزعجة.. غير خطيرة
التهاب الأنف الموسمي أو “حساسية الربيع” هي ردّ فعل تحسسي على مواد موجودة في البيئة. وبالرغم من الازعاج الذي تسببه لمن يعاني منها، لا تعتبر هذه الحساسيّة خطيرة، وفقاً للاختصاصية في العلوم المخبرية، ايليان بطرس.
بطرس تشرح لـ”لبنان 24″ أن “هذا المرض يرتبط بتفاعل الجهاز المناعي مع عناصر خارجية كالغبار وحبوب اللقاح والأتربة المتواجدة في الهواء”، مؤكدة أن “لدى زوال مسببات الحساسية تختفي الأعراض والمعاناة معاً. لذا لا داعي للقلق من التحسس الربيعي، لأنه ما ان ينتهي فصل الربيع تعود حياة المصابين به الى “سلامها”.
أمّا عن أعراض الاصابة، فتقول الاختصاصية إن “الشعور بالحكّة في الأنف والعين يدلّ على التحسس الموسمي. إضافة الى سيلان الأنف أو انسداده، العطاس والأزيز الانفي”، مشيرة الى ان “العين الحمراء وبالبكاء اللاإرادي من الأعراض الشائعة ايضاً، كما احمرار الجلد وتهيّجه”.
إجراءات احترازية ضرورية
الحساسية الفصليّة تقلب حياة من يعاني منها الى جحيم؛ فرحلات التنزه والاسترخاء أو حتى مجرد الاستمتاع بالنسمات الربيعية تتحوّل الى مأساة بنوبة عطاس تترافق بدموع لا يمكن التخلص منها من دون تناول العقاقير. من مرّ بهذه الحالة، يعي تماماً بشاعة هذا الموقف المتكرر طيلة فصل الربيع؛ فهل يمكن تفادي إحراج “حساسية الموسم”؟
بطرس تلفت الى أن “حساسية الربيع هي تفاعل أجسامنا مع البيئة. وللحد من هذا التأثير يجب تقليل ملامسة المسببات ان أمكن لأن الهواء المحيط بنا في هذا الفصل مليء بالغبار وحبوب اللقاح”. وتضيف: “لا أقول الانعزال عن المحيط، بل اتخاذ الإجراءات الاحتياطية اللازمة لتفادي نوبات التحسس”، مفنّدة بعض الخطوات المهمّة والضرورية لاجتياز هذا الموسم بـ”سلاسة”.
“الأمر يبدأ من المنزل”، تؤكد بطرس، موضحة أن السكن في مكان نظيف هو الأساس. وتقول: “يجب التأكد من إزالة الغبار وتنظيف الأسطح والسجاد والمفروشات، تغيير مفارش الأسرّة بشكل دوري، إغلاق النوافذ والاعتماد على المكيفات بدلاً من الهواء الطبيعي”.
أما عند الخروج، فيستحسن ارتداء النظارات الشمسية لحماية العينين من غبار الهواء، كما اللجوء للكمامات لمنع تنشّق الغبار واللقاح”.
هذا وتلفت الى ضرورة تبديل الملابس والاستحمام عند العودة الى المنزل، كما تجنب وضع العطور ذات الروائح القوية.
وتنبّه بطرس أيضاً من الاقتراب من الحيوانات الأليفة، مفسّرة أنه “يمكن للغبار وحبوب اللقاح الالتصاق بوبر الحيوانات وبالتالي اللعب مع الحيوان الأليف قد يتسبب بحدوث عارض تحسس”.
هل تكفي الوقاية؟
من الصعب جداً تفادي التعرض لمسببات الحساسية، فلن تكون سجين المنزل خلال الربيع! ووفقاً لبطرس، هناك طريقة سريعة وغير مكلفة للتخلص من الغبار ومسببات الحساسية لدى تنشقها، وهي غسل الأنف بحلول ملحي منزلي الصنع.
كما تشير الاختصاصية المخبرية الى بعض الأدوية التي غالباً ما يلجأ المتحسسون إليها، لأنها لا تحتاج الى وصفات طبية ومنها مضادات “الهيستامين” التي تخفف أعراض التحسس كالكحة والعطاص وسيلان الأنف وذرف الدموع.
وتعتبر بطرس أن “البخاخات الأنفية” هي سلاح من يعاني من الحساسية بوجه المسببات، موضحة أن “الغبار متنشر أينما تواجدنا خارج المنزل وحتى ان حافظنا على نظافة منزلنا لا يمكن تعميم وفرض معايير النظافة التي نعتمدها على محيطنا، لذا من المحبّذ ترك بخاخ بحوزتنا”.
أيضاً، تشير الى أن الحساسية كأي مرض آخر، يمكن اللجوء الى التطعيم للحد من استجابة الجسم للمواد المسببة للتحسس، لافتة الى ان “التطعيم يتطلب اجراء فحوصات مخبرية لمعرفة المؤرّج، ثمّ منح الجسم حقنات منتظمة من هذه المادة لقليل استجابة الجهاز المناعي لها مع الوقت”.