| ناديا الحلاق |
سلطت منظمة العمل الدولية الضوء على وضع سوق العمل في المنطقة العربيّة من خلال تقرير بعنوان “التشغيل والآفاق الاجتماعيّة في الدول العربيّة – اتجاهات العام 2024″، في صورة تعكس معدلات البطالة المرتفعة التي تتفاقم رغم التوقعات الاقتصادية المتفائلة في الدول العربية.
وللبنان حصة الصدارة، إذ أوضح التقرير أن مجموعة الأزمات التي عصفت بالبلاد مؤخّراً، ألحقت ضرراً كبيراً بسوق العمل، ما أدى إلى ارتفاع معدّل البطالة من 11.4% في العام 2019 إلى 29.6% في العام 2022، كما فقد 27.7% من الذين كانوا منخرطين في سوق العمل في العام 2019 وظائفهم.
وبحسب التقرير، فاقم ارتفاع مستويات التضخّم من حدّة المشكلة، ما أدّى إلى ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، إذ يواجه 85% من اللبنانيّين صعوبات في تغطية التزاماتهم الماليةّ، فيما وصف 62% منهم وضعهم المالي بالصعب جدّاً. كل ذلك زاد من معاناة اللبنانيين ودفعهم نحو الهجرة خصوصاً الأطباء والمهندسين والأكاديميين وروّاد الأعمال.
ولعلّ أخطر ما أشار إليه التقرير أن البطالة التي امتدت لعام وأكثر، وصلت في لبنان إلى 48.9% من إجمالي نسبة البطالة في العام 2022، ما يزيد من المشاكل النفسية والاجتماعية لدى اللبنانيين.
أما بالنسبة لأكثر الفئات العمرية تضرراً من أزمة البطالة في لبنان، فهم الشباب الذين تترواح أعمارهم بين 15 و24 سنة (بلا مدرسة ولا عمل)، بنسبة 47.8% وهي أعلى نسبة في المنطقة العربية. مقارنة بـ 45.9% في سوريا و42.0% في الأردن و27.7% في العالم العربي (4 أضعاف مستويات البطالة بين البالغين).
كما لفت التقرير إلى أن نسبة الشباب الذكور غير الملتحقين بالعمل والتعليم والتدريب بلغت 26.1% في لبنان، مقارنة بـنسبة 24.3% في فلسطين، و22.1% في العراق.
وبحسب المؤشرات، إن معدلات البطالة تنذر بالارتفاع خلال السنوات المقبلة، إذ أوضح المحلل الاقتصادي عماد شدياق في حديث لموقع “الجريدة” أن “معدل البطالة يرتفع وينخفض بحسب الوضع الاقتصادي في البلد والظروف العالمية خصوصاً في ظل العولمة، فهناك أزمات تؤثر على نسبة البطالة في جميع دول العالم، أما بالنسبة للوضع في لبنان والذي يعاني من أزمة اقتصادية منذ أكثر من أربعة سنوات، فلا شك أن البطالة فيه أصبحت مزمنة وتؤثر على الدورة الاقتصادية بشكل عام، حيث دفعت الشباب اللبناني نحو الهجرة في ظل غياب أي إجراءات إصلاحية من قبل الدولة، لتحفيزهم على البقاء أو تحفيز الشركات على خلق فرص عمل جديدة”.
وقد أكدت موازنة 2024 اعتمادها الكبير على الرسوم والضرائب في بلد يعاني من اقتصاد الظل بنسبة تفوق الـ 50%، ما يعني أن الأعباء الضريبية ستتحملها نصف الشركات التي تعمل بشكل سليم ما سيؤدي إلى تفاقم البطالة بشكل أكبر.
وهنا يشرح شدياق: “في العام المقبل ستكون أرقام منظمة “العمل الدولية” فيما يخص البطالة في لبنان أكبر، لأن الشركات ستضطر إلى دفع مزيد من الضرائب والرسوم على أعمالها وبالتالي سيتم الضغط أكثر على الموظفين، فإما سيتم تسريحهم أو ستقلّص رواتبهم”.
عامل آخر يزيد معدلات البطالة في لبنان كشف عنه شدياق هو “زيادة رواتب القطاع العام، والتي سيلحقها مطالبات من موظفي القطاع الخاص بزيادة رواتبهم أيضاً، وهنا سيصبح اقتصاد لبنان متداخلاً بما يسمى بـ Wage Price Spirel أي دوامة الرواتب والأسعار، فكلما أعطت الدولة زيادات كلما ارتفعت نسبة التضخم ومعها الأسعار، حتى تصبح هذه الزيادات بلا قيمة، ليعود الموظفون ويطالبون بزيادات جديدة، ما يؤثر على القطاع الخاص والقطاع العام ويزيد من معدلات البطالة ويرهق الاقتصاد”.