يسود الترقب في لبنان لما سيؤول إليه الحراك الذي تقوم به كتلة «الاعتدال الوطني» النيابية التي تبدو متفائلة بإمكانية إحداث خرق في جدار الاستعصاء الرئاسي الحاصل والفراغ المستمر منذ نحو سنة ونصف السنة.
وفي حين يبدي جزء كبير من المعارضة تجاوبه مع الطرح الذي يرى أنه يتقاطع مع المطالب التي لطالما رفعتها المعارضة، وأبرزها الدعوة لجلسات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية، تتجه الأنظار إلى ما سيكون عليه موقف «حزب الله» الذي يفترض أن يلتقيه وفد «الاعتدال» في الأيام المقبلة، إضافة إلى مرشح الحزب رئيس «تيار المردة» الوزير السابق، سليمان فرنجية.
وبانتظار ما سيكون عليه موقف «حزب الله» من المبادرة، تقول مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، لـ«الشرق الأوسط»، إن موقف الحزب لن يكون متعارضاً مع موقف بري الذي سبق له أن أبدى تجاوباً مع طرح «الاعتدال». وتذكّر بأن رئيس البرلمان سبق له أن تحدث عن طرح مماثل داعياً لحوار بأي شكل من الأشكال تمهيداً للتوافق وانتخاب رئيس، وإذا لم يتم التوافق فعندها نذهب لجلسات متتالية لانتخاب رئيس. وفي رد على سؤال عما إذا كان موقف بري يعني قبولاً بالتراجع عن دعم فرنجية، اكتفت المصادر بالقول: «منفتحون على أي مبادرة تفضي إلى انتخاب رئيس والأهم عدم إقصاء أحد».
وواصل وفد «الاعتدال الوطني» لقاءاته مع الكتل النيابية؛ حيث التقى الأربعاء تكتل «التوافق الوطني» الذي قال إنه ينظر بإيجابية إلى المبادرة.
واجتمع الوفد بأعضاء التكتل، النواب؛ وفيصل كرامي، وطه ناجي، وحسن مراد، ومحمد يحيى، وعدنان طرابلسي الذي لفت بعد اللقاء إلى أنهم اطلعوا على تفاصيل المبادرة التي تهدف أولاً إلى الحوار أو التداول بين الكتل النيابية والزملاء النواب فيما يتعلق بإيجاد حل لأزمة الشغور الرئاسي عبر الحوار: «هذا الحوار الذي نؤمن به كتكتل بعدّه الوسيلة الوحيدة للتوافق وللخروج من الأزمات». وأضاف: «نحن ننظر بإيجابية إلى هذه المبادرة، وطبعاً لدينا بعض التساؤلات التي طرحناها خلال الاجتماع، آملاً في «التوافق لانتخاب رئيس للجمهورية يعيد الانتظام إلى العمل السياسي وإلى العمل الدستوري».
وبعدما كان رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، دعم مبادرة «الاعتدال»، تؤكد مصادر «القوات» عدم وجود مخاوف لديها تجاه هذه المبادرة، لا سيما أنها تصب في خانة كل المطالب التي لطالما دعت إليها المعارضة. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «ليست لدينا مخاوف، من عليه أن يخاف وألا يكون مطمئناً هو الممانعة التي عطلت كل الجلسات في مرحلة سابقة، وبالتالي ننظر إلى أي حراك انطلاقاً من رؤيتنا لهذا الاستحقاق». وتوضح «بصفتنا قوات ومعارضة نريد انتخابات رئاسية وفق الآلية الدستورية التي تنص على جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس ونرفض أي حوار ملزم مخالف للدستور». وأضاف: «الاعتدال وضع الآلية التي نطالب بها دائماً وهي أن يدعو بري لجلسة مفتوحة وليفز من يفوز وفي حال كان هناك من لا يريد هذه الآلية واستباقها بتوافق كيلا يصطدم برئيس محدد، فنحن نقول إننا مستعدون لكن للتوافق على خيار ثالث؛ لأنه لو كان لكل من الطرفين (المعارضة والممانعة) القدرة على إيصال مرشحه لفعل».
في المقابل، يبدو حزب «الكتائب اللبنانية» متريثاً في الإعلان عن موقفه من المبادرة، وهو ما لفت إليه النائب سليم الصايغ، قائلا: «هناك مرجعيتان يجب أن نعود إليهما؛ هما المكتب السياسي والمعارضة، حيث يحدد التوجه العام داخل لجنة المتابعة لاتخاذ المواقف النهائية من مبادرة تكتل الاعتدال».
وأوضح في حديث تلفزيوني «توجهنا العام في المعارضة أننا نرفض دعوة (حوار) رئيس مجلس النواب نبيه بري لأنه اختصار للدستور وخروج عنه ولا يقدر أن يكون بري فريقاً وحكماً في الوقت عينه، لكننا بقينا منفتحين على أي مبادرة أخرى، وما يحكيه من مشاورات ثنائية أو غيرها ويكون لها إطار من خلال تداعي النواب للحديث، ونحن مع هذا التوجه العام ومع حصول تشاور بين النواب لذلك نتعامل مع الموضوع بمرونة متأنية».
وتحدث الصايغ عن عوامل تمنح دفعاً لمبادرة «الاعتدال»، مشيراً إلى أهمية «الاعتدال» وتموضعه الوسطي وحيازته على تمثيل سنّي مهم، وهذان العاملان يعطيان نوعاً من البريق المختلف لمبادرته.
ورأى في المقابل، أنه من المبكر الدخول في لعبة الأسماء البديلة لأننا مقتنعون أن أفضل الموجود بالمعادلة القائمة اليوم، جهاد أزعور (مرشح المعارضة) وسنقوم بكل جهد لإقناع الفريق الآخر به، وهذه عملية سياسية، ونحن سياديون ولكن «الفيل الأكبر داخل الغرفة» قراره غير لبناني، في إشارة إلى فريق «حزب الله» وحلفائه.
وبعدما كان «التيار الوطني الحر» أعلن عن إيجابية تجاه مبادرة «الاعتدال»، قال النائب سيمون أبي رميا في حديث تلفزيوني: «التيار يتعاطى بإيجابية مع كل طرح جدي ومع كل مبادرة يمكن أن تخرج لبنان من الفراغ الرئاسي عبر جلسات متتالية للمجلس النيابي بالتزام كل الكتل بتأمين النصاب وعدم تطييره وإذا تم التوافق المسبق على اسم الرئيس وبرنامجه عندها نكون ارتقينا إلى مستوى التحديات الخطيرة التي تتطلب إجماعاً وتكاتفاً».
المصدر: الشرق الاوسط