أثار قرار “أبل” وقف عمل قطاعها لتطوير تقنيات السيارات الذكية، العديد من التساؤلات بشأن الأسباب الكامنة وراء القرار، ومصير الفريق الذي كان يعمل بهذا المشروع الطموح.
وبحسب “بلومبرغ”، فإن مدير التشغيل في “أبل” جيف ويليامز، ومدير قطاع السيارات الذكية بالشركة كيفين لينش، أعلنا القرار في رسالة داخلية إلى موظفي القطاع، والذي كان يعرف داخلياً باسم Project Titan، ويُقدر عددهم بألفي موظف.
وأشار التقرير إلى احتمالية إجراء تسريحات في صفوف “أبل” بعد قرارها، إلا أن من غير المعلوم عدد الموظفين المتوقع تضررهم.
تاريخ طويل
وشهد قطاع “أبل” للسيارات الذكية تقلبات عديدة على مدى نحو 10 سنوات، فمنذ إطلاق مبادرة الشركة لدخول سوق جديد كلياً عليها في 2015، كانت بدايته كمنصة ذكية لاختبار تقنيات وأفكار رقمية مختلفة، مثل تقنياتها للرؤية الحاسوبية، ومنصتها الترفيهية داخل المركبات CarPlay، وغيرها.
وبعد ذلك أصبحت رؤية “أبل” أكثر ميلاً نحو جعل “مشروع العملاق” يدخل بالشركة كمنافس في سوق السيارات الذكية، حيث استقطبت عدداً من أفضل المصممين والمطورين في كبرى الشركات المصنعة للسيارات مثل BMW، وMercedes، بل وضمت مديراً سابقاً لقطاع تطوير نظام القيادة الذاتية Autopilot في سيارات “تسلا” الكهربائية.
ولكن بعد ذلك تحوَّل الاتجاه داخل “أبل” إلى تطوير التقنيات والشرائح والجانب البرمجي للسيارات الذكية، وبدأت البحث عن شريك بخلفية سوقية قوية، وكان مصنعي السيارات الآسيويين على رأس القائمة، مثل Nissan، وHyundai، وKia.
وسيطرت الفكرة بالكامل على اهتمام “أبل” لدرجة دفعت مديرها تيم كوك إلى التصريح في أبريل 2021، خلال حوار مع صحيفة “نيويورك تايمز”، بأن الشركة جادة في دخول سوق السيارات الذكية.
وفي 2022، رفعت الشركة النقاب عن تغيير جذري في منصتها الترفيهية CarPlay داخل السيارات الذكية، وهو التحديث الذي من المرجح أن جعل “أبل” تفكر في جعل المنصة هي ورقتها الوحيدة للعب في سوق السيارات للوقت الحالي، للتركيز بشكل أكبر على نظارة Vision Pro الذكية، والتي كانت في ذلك الوقت هي المنتج الجديد الوحيد الأقرب للخروج للنور مقارنة بتعقيد تصنيع سيارة ذكية بالكامل.
يُذكر أن “أبل” سرَّعت وتيرة اختبارات سياراتها الذكية في شوارع الولايات المتحدة خلال العام الماضي، حيث قطعت نحو 45 ألف ميل، إلى جانب ورود تقارير مطلع العام الجاري تؤكد أن الشركة أصبحت أكثر جدية وتركيزاً على سوق السيارات، وأنها ستخرج بأول سيارة للنور في 2028.
تحويل الدفة لوجهة جديدة
فيما أعلن مدير “أبل” في مؤتمر الشركة للكشف عن نتائجها الفصلية أنها ستطلق أولى مزايا الذكاء الاصطناعي على متن منتجات وأجهزة الشركة بنهاية العام الجاري، ما يجعل توقيت قرار حل فريق السيارات الذكية وتوجيهه إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي مثالياً.
وتُعد “أبل” من الشركات القليلة التي ما زالت لم تقدم تطبيقات صريحة معتمدة على الذكاء الاصطناعي، في وقت يتسابق عمالقة مثل “جوجل” و”مايكروسوفت” و”أمازون” و”ميتا” و”هواوي” و”سامسونج” لكسب اهتمام الجمهور، من مستخدمين وقطاع الأعمال، وكذلك إقناع المستثمرين بأن الشركة قادرة على المنافسة، خاصة وأن أحدث منتجاتها نظارة Vision Pro، لاقت فتوراً واضحاً من جانب السوق.
“قرار صائب”
من جهته، قال المحلل التقني في شركة “ويدبوش” دان ايفز إن القرار يُعد “خيبة أمل محدودة”.
وأشار إيفز إلى أن “الشركة ترّكز على تسريع وتنفيذ استراتيجية واسعة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي ضمن بنيتها، وهو ما يشكل قراراً صائباً في المستقبل”.
ولم تقرّ “أبل” مطلقاً بشكل علني أنها تعمل على ابتكار سيارة ذاتية القيادة بدون عجلة تحكم، مع أن وسائل إعلام كانت سربت هذه المعلومة منذ سنوات.