أصبح من الصعب فصل الازمة اللبنانية المتعددة الاوجه، عن الازمات والتوترات في المنطقة، لاسيما بعدما فتح حزب الله جبهة الجنوب اللبناني مع إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى، بايعاز مكشوف مع النظام الايراني، الذي اوفد وزير خارجيته أمير عبد اللهيان الى بيروت خصيصا لهذه الغاية اكثر من مرة، تحت عنوان التضامن مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، ما ادى الى الزج بلبنان بمواجهة من جانب واحد مع إسرائيل بمعزل عن قرار الدولة او الاطراف السياسيين، واكثرية الشعب اللبناني، ما تسبب بربط قسري للازمة المستعصية في لبنان والاوضاع عموما، بمسار المواجهات التي تحصل جنوبا، بين الحزب وإسرائيل، مع كل ما يترتب عنها من خراب ودمار وتفاهمات اوترتيبات سياسية لاحقا.
وما زاد في ربط أزمة الوضع الداخلي بمجريات المواجهة المحتدمة جنوبا وازمة المنطقة، اصرار حزب الله على ابقاء انتخابات رئاسة الجمهورية، التي كان للحزب اليد الطولى في تعطيل اجرائها منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون قبل أكثر من عام، تحت شروط تعجيزية، معلقة لحين انتهاء حرب غزّة ووقف اشتباكات الحزب مع إسرائيل، بحجة انشغاله بالوقت الحاضر بهذه المواجهة وتركيزه عليها، ولا وقت لديه للاهتمام بانتخابات رئاسة الجمهورية، ما أبقى الازمة الداخلية مستفحلة في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية في سدة الرئاسة، يتولى اعادة الانتظام لمؤسسات الدولة وتفعيل دورها في حل الأزمة القائمة.
وتضيف الاتصالات والمبادرات التي يجريها أكثر من مسؤول وموفد دولي للبنان على مدى الاشهر الماضية، من خلال تركيزهم اولا وأخيرا، ومن دون التطرق الى الانتخابات الرئاسية، الا لماما، على خفض التصعيد العسكري الحاصل جنوبا وتنفيذ القرار الدولي رقم١٧٠١، بعدا اقليميا ودوليا اضافيا، لربط الازمة اللبنانية بازمة المنطقة الناجمة عن الحرب الإسرائيلية الاجرامية على غزّة.
إزاء هذا الوضوح في الوقائع والتحركات الجارية، لحصر تداعيات الاشتباكات المسلحة جنوبا في نطاقها القائم حاليا، ومنع انزلاقها الى حرب موسعة، تبقى كل المبادرات والتحركات الجارية محليا، ان كان من كتلة الاعتدال الوطني اوغيرها محكومة بنتائج المواجهة العسكرية جنوبا بين الحزب وإسرائيل، ومن الصعوبة بمكان ان تصل الى اي نتائج فعلية وايجابية، لاجراء الانتخابات الرئاسية، وتعتبر بمثابة تقطيع للوضع السائد حاليا، كما هي حال تحركات اللجنة الخماسية في الخارج والداخل معا، بالرغم من كل الوعود البراقة بالتعاون الايجابي والانفتاح والمساعدة، باعتبار ان تركيز من لديهم الحل والربط بالافراج عن ملف الرئاسة، مصوب على انهاء حرب غزّة، وعلى مصير التفاهمات والاتفاقات الاقليمية التي تحصل من وراء الكواليس، على انقاض هذه الحرب الإسرائيلية العدوانية ضد الفلسطينيين، ومن خلالها ترسم حدود المكاسب الاقليمية وتحديد مناطق النفوذ والتدخلات، وبعدها يأتي دور فتح ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
المصدر: اللواء