تَتبّعَت الأوساط السياسية على اختلافها التطورات الجارية على جبهتي الجنوب اللبناني وغزة وما يجري من حراك ديبلوماسي داخليا وخارجيا لوقف الحرب الدائرة فيهما، بدأ يُرجّح احتمال التوصل الى هدنة او وقف للنار قبل حلول شهر رمضان في العاشر من الشهر المقبل، فيما لم يسجّل اي تطور جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي، اذ ان الجولة المقررة لسفراء دول المجموعة الخماسية العربية والدولية على القيادات والكتل السياسية والنيابية المعنية بهذا الاستحقاق لم تبدأ بعد من دون ان تعرف الاسباب، وكذلك لم يتحدد بعد اي موعد للموفد الفرنسي جان ايف لودريان ولا للموفد الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين المتوقّع أن يزورا لبنان في اي وقت الآن أو خلال الشهر المقبل.
يستمر الاستحقاق الرئاسي مراوحاً في دائرة الجمود انتظاراً لمبادرات خارجية او تطورات في مواقف الافرقاء السياسيين المعنيين، من شأنها ان تساعد على إنجازه بعدما تركته عواصم المجموعة الخماسية العربية والدولية لهم في اعتباره شأنا داخليا عليهم ان يتفقوا على معالجته.
ومع ترقّب الحراك الجديد لسفراء دول اللجنة الخماسية في اتجاه القوى السياسية لتحريك الملف الرئاسي، أبلغ النائب المستقل الدكتور غسان سكاف الى «الجمهورية» انه باشَر منذ اسبوعين وحتى امس الاول تحرّكاً في اتجاه السفراء، والتقى امس الاول السفير القطري وقبله التقى سفراء فرنسا ومصر واميركا، وغالبية القوى السياسية، «في إطار مبادرة جديدة نسعى لها بعيداً عن الاعلام بهدف التوافق على اسمٍ ثالث لرئاسة الجمهورية يدخل السباق الانتخابي الى جانب الاسماء الاخرى المطروحة المعروفة للذهاب بعدها الى جلسات انتخاب».
وقال سكاف: «نسير في خطى علمية هادئة تؤدي الى انتخاب رئيس اذا «صَفت النيات»، ووفق معادلة تتضمن الثوابت الثلاثة الآتية: نعم لمرشح «الثنائي الشيعي» ولا مرشح غيره من دون موافقة «الثنائي الشيعي». ونعم لمرشح الغالبية المسيحية ولا مرشح آخر من دون موافقة الغالبية المسيحية. لا مرشح لدى اللجنة الخماسية لكن لا رئيس يُتفق عليه داخلياً من دون موافقة اللجنة الخماسية». واضاف: «هناك آلية معينة موحدة يجري البحث فيها للوصول الى توافق على المرشح الثالث».
واوضح سكاف انه سمع من السفير القطري «ان لا خلاف بين اعضاء اللجنة الخماسية، وانهم لم يدخلوا في أسماء المرشحين فهذه ليست مهمتهم، هم يطلعون على اسماء المرشحين بعد التوافق الداخلي عليها». وقال: «استطيع أن اقول إنني لست متفائلا بمقدار كبير لكنني اكثر تفاؤلاً هذه المرة من الاسابيع الماضية. فقد بدأت عملية خفض السقوف والشروط، ولاحظتُ ذلك خلال لقائي قبل ايام مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وغيره من قوى سياسية. وسأقوم الاسبوع المقبل بجولة جديدة على القوى السياسية لعلّنا نصل الى التوافق المنشود».
في غضون ذلك، قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشّيخ نعيم قاسم، خلال لقاء مع «العلماء والمبلّغين» في بيروت: «لم تكن الحرب على غزة والعدوان عليها عائقًا لانتخاب رئيس للجمهوريّة، وليست نتائجها مسهِّلة أو معيقة لانتخاب رئيس للجمهوريّة»، مؤكّدًا أنّ «مسألة رئاسة الجمهورية مسألة داخليّة لبنانيّة لها علاقة بتوزّع المجلس النيابي، إلى درجة أنّه لا توجد كتل قادرة على أن تتفاهم لتشكل غالبية تساعد على الانتخاب».
وأوضح قاسم أنّ «هذا المشهد في المجلس النّيابي كان قبل حرب غزة، والآن بعد مرور 4 أشهر ونصف الشّهر لم يتغيَّر فيه شيء على الإطلاق. وإذا استمرّ على هذه الشّاكلة من دون رسم طريق للتّفاهم لتذليل العقبات وتقريب وجهات النّظر للاتفاق على آليّة معيّنة وعلى أشخاص معينّين، يمكن أن يستمرّ هذا الأمر طويلاً». وأعلن «انّنا كـ«حزب الله» حاضرون لانتخاب الرّئيس إذا حصل الاتفاق غدًا، على الرّغم ممّا يحصل الآن من عدوان وعلى الرّغم ممّا هو موجود في جبهة الجنوب. نحن حاضرون أن نذهب بالاتفاق إلى انتخاب رئيس جمهوريّة غدًا بمعزل عن كلّ التّطوّرات الموجودة».
وشدّد على أنّ «مشكلة الرّئاسة هي مشكلة كلّ الكتل النّيابيّة، لسنا نحن من يَحجزها. كلّ كتلة من الكتل النيابيّة تحجز الرّئاسة، لأنّها واقفة عند قناعاتها ولا تريد أن تفتح لتُعدِّل أو تغيِّر في العلاقة مع الآخر، الجميع في عدم الانتخاب سواء، ولا يتحمّل هذا الأمر لا «حزب الله» ولا حركة «أمل» أو أي جهة أخرى؛ وإنّما الجميع معنيّون مباشرة».