كتبت صحيفة “نداء الوطن”: في تطور ميداني غير مسبوق منذ اندلاع حرب غزة بعد 7 تشرين الأول الماضي، قالت مصادر إيرانية وعراقية متعدّدة أمس لـ»رويترز» إنّ زيارة قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني لبغداد أدّت إلى وقف هجمات الجماعات المتحالفة مع إيران في العراق، على القوات الأميركية، معتبرة أنها علامة على أنّ طهران تريد منع صراع أوسع.
ويعتقد مراقبون أنّ هذه الخطوة من مرجعية بارزة في الحرس الثوري الإيراني لا يمكن إبعاد نتائجها عن لبنان. فمن المعروف أنّ الفيلق الإيراني يضم في عضويته كل التنظيمات الخارجية المتحالفة مع الجمهورية الإسلامية، وفي مقدّمها «حزب الله».
وقالت المصادر إنّ قاآني أعلن «أنّ الميليشيات يجب أن تبقى متخفّية لتجنّب الضربات الأميركية على كبار قادتها أو تدمير البنية التحتية الرئيسية أو حتى الانتقام المباشر من إيران».
وكان قاآني التقى ممثلين عن بعض الجماعات المسلّحة في مطار بغداد يوم 29 كانون الثاني بعد أقل من 48 ساعة من إلقاء واشنطن باللوم على هذه الجماعات في مقتل ثلاثة جنود أميركيين في موقع برج 22 في الأردن.
وفي حين أنّ أحد الفصائل لم يوافق في البداية على طلب قاآني، فإنّ الفصائل الأخرى وافقت عليه. وفي اليوم التالي، أعلنت جماعة «كتائب حزب الله» المدعومة من إيران أنّها ستعلق هجماتها.
ومنذ 4 شباط الجاري لم تقع هجمات على القوات الأميركية في العراق وسوريا مقارنة بأكثر من 20 هجوماً في الأسبوعين اللذين سبقا زيارة قاآني، في إطار تصاعد العنف من جانب الجماعات المعارضة للحرب الإسرائيلية في غزة.
ولهذه الرواية حادثت «رويترز» ثلاثة مسؤولين إيرانيين ومسؤولاً أمنياً عراقياً كبيراً وثلاثة سياسيين عراقيين من الشيعة وأربعة مصادر في جماعات مسلّحة عراقية مدعومة من إيران وأربعة ديبلوماسيين يتركزون على العراق.
والسؤال بعد هذا التطور في العراق، هل يمكن أن تمتدّ مفاعيله الى لبنان؟ وجواباً، أعاد المراقبون الى الأذهان الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الى بيروت يوميّ 9 و10 شباط الجاري. وأوردت «نداء الوطن» في عددها في 12 الجاري، نقلاً عن مصدر واسع الاطلاع أنّ «الهدف الرئيسي لزيارة عبداللهيان كان لقاء الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله، حاملاً اليه رسالة إيرانية من رأس الهرم القيادي وخلاصتها، «أنّ أمور طهران مع واشنطن «ماشية»، ونحن متفقون مع الإدارة الأميركية على عدم توسيع الحرب وعدم تحويلها الى حرب اقليمية».
وفي سياق متصل، وتزامناً مع التصعيد الميداني المتواصل على الحدود الجنوبية، سئل أمس الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بني غانتس في الاجتماع السنوي لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في أميركا عن حرب محتملة على الحدود الشمالية مع «حزب الله»، فأجاب: «نصرالله ينظر إلى غزة ويفهم أنّ ما حدث في بيت حانون، التي لم تعد موجودة بعد الحرب، يمكن أن يحدث في أي مكان في لبنان». وأضاف: «إذا اضطررنا إلى استخدام المزيد من القوات، فنحن قادرون على ذلك، وسيشعر لبنان بثمن الحرب، وهو ما لا نريده، ولكن إذا لم يكن هناك خيار، فسيحدث، وآمل ألا يحدث ذلك».
بدوره، التقى قائد القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي الجنرال أوري غوردين أمس مجموعات الدفاع المحلية لسكان الشمال «لرفع الروح المعنوية وتنسيق المزيد من الجهود ضد «حزب الله»، وإذا لزم الأمر تجاه سوريا»، بحسب ما أورده الإعلام الإسرائيلي. وقال: «إذا انتهى بنا الأمر إلى الحاجة إلى الهجوم في الشمال، فسيكون ذلك بقوة هائلة».
داخلياً، كانت للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد مواقف من التطورات الجنوبية، فقال: «الحرب تولّد الحرب، والقتلُ القتل، والإعتداءُ الإعتداء. الحرب تخلّف الخراب والدمار وتشريد المواطنين الآمنين على الطرقات وفي العراء، وعلّمنا أيضاً أن نستبدل الشريعة القديمة «العين بالعين، والسنّ بالسنّ» (متى 5: 38) بشريعة المحبّة».
وأضاف: «إنّ البطولة ليست في صنع الحرب بالأسلحة المتطوّرة الهدّامة، بل البطولة هي في العقل والإرادة والقلب والدعوة إلى صنع السلام وتحقيق العدالة وتغليب المحبّة. البطولة هي في تجنّب الحرب، لا في صنعها