أكدت الصحافية أنطوانيت لطوف أنها “مستعدة للقتال مهما كلف الأمر” بعدما وصلت جلسة الاستماع الأولى في خلافها مع شبكة ABC إلى طريق مسدود.
وتؤكّد لطوف أن إنهاء عملها من شبكة ABC كان غير قانوني، وأن قرار الشبكة بفصلها بسبب “رأي سياسي”.
وخلال جلسة الاستماع، التي عقدت الأسبوع الماضي في سيدني، أكدت لطوف أنها طُردت، ليس فقط بسبب رأيها السياسي، ولكن أيضاً بسبب عرقها وتراثها الثقافي اللبناني الأسترالي.
وقالت للصحفيين “المسألة لم تحل اليوم لكن القتال مستمر وأنا مستعدة ومستعدة للقتال مهما كلف الأمر. هذه قضية مهمة لأنها لا تتعلق بي فقط، إنها تتعلق بحرية التعبير، إنها تتعلق بالعنصرية… والأهم من ذلك، أنها تتعلق أيضاً بأن تكون ABC مؤسسة عادلة ومستقلة وقوية.”
وتقول شبكة ABC في تقريرها إن قضية لطوف “خاطئة بشكل أساسي وكلي”.
ويؤكد الطلب أن عملها المؤقت قد تم إنهاؤه لأنه يُزعم أنها “فشلت أو رفضت الامتثال للتوجيهات بعدم نشر محتوى مثير للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي”.
ولم يتم التوصل إلى قرار في جلسة الأسبوع الماضي، وسيستمر النظر في القضية.
وكانت محطة التلفزة الأسترالية “إي بي سي” قد طردت، الشهر الماضي، الصحافية الأسترالية من أصول لبنانية أنطوانيت لطوف، بسبب نشرها تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” الذي يدين الاحتلال الإسرائيلي بسبب حربه على قطاع غزة.
وقد نشرت الصحافية اللبنانية ـ الأسترالية التقرير على منصات التواصل الاجتماعي تحت عنوان “تقرير هيومان رايتس ووتش: التجويع وسيلة حرب”.
ونظّم المحامون المؤيدون لكيان الاحتلال الإسرائيلي حملة للمطالبة بطرد الصحافية لطوف. لكن حملة اللبي الصهيوني كانت بدأت منذ تعيين لطوف في هيئة الإذاعة الأسترالية (إي بي سي)، حيث أخبرها مدراء المؤسسة بأن صلتها في الراديو ستنتهي مبكرا.
وفي اجتماع صاخب لحوالي 200 موظف، قال محرر الشؤون الدولية في “إي بي سي” جون ليونز والذي كان سيسافر إلى كيان الاحتلال “الإسرائيلي” إنه “تم التنازل عن سمعة واستقلالية المؤسسة، لأنها عبرت عن استعداد للاستجابة لضغوط خارجية وفي موضوع مهم”.
وأضاف ليونز: إن “إي بي سي” واجهت “أحلك أيامها” في يوم الثلاثاء الماضي، عندما كشفت “ميلبورن إيج” وشقيقاتها من المنشورات كيف أثرت حملة كتابة رسائل على أهم مسؤولين في “إي بي سي” في قرار عزل لطوف.
وقال ليونز: “لقد شعرت بالحرج من قدرة 156 محامياً على الضحك بالطريقة السهلة التي تلاعبوا فيها بـ إي بي سي”.
وصوت أعضاء الاتحاد بنسبة 129 صوتا إلى 3 أصوات وعدد من الأصوات الممتنعة على سحب الثقة من المدير الإداري وكبير المحررين في “إي بي سي” ديفيد أندرسون.
وفي بيان قال أندرسون إنه طالما دافع عن الصحافة في “إي بي سي”.
وشهدت هيئة الإذاعة الأسترالية في الفترة الماضية استقالة صحفيين من المواطنين الأصليين والعرب والآسيويين الذين اشتكوا من تعرضهم للعنصرية أو أنهم عوملوا بطريقة مختلفة عن زملائهم.
واستقال ستان غرانت، الأسترالي الأصل وبضجة كبيرة في أيار/ مايو بعد تعرضه لسيل من الانتهاكات العنصرية احتجاجا على تغطيته زيارة الملك تشارلز، حيث قال في حينه إنه حصل على دعم المؤسسة. واستقالت نور حيدر، هذا الشهر، بسبب قلقها من تغطية المؤسسة للحرب في غزة وقلقها من طريقة معاملة الموظفين من الثقافات الأخرى.
وساهمت لطوف في “إي بي سي” بشكل منتظم، وهي مؤلفة كتاب “كيف تخسر أصدقاء وتؤثر على الشعب الأبيض”، وطالبت بتنوع أوسع في الإعلام، وانتقدت أعمال جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
وفي منشور قريب لها قالت إن عام 2023 سيتم تذكره بأن الدعوة لوقف إطلاق النار هي “تهمة” و”أكثر من استخدام الدعاية والتضليل والتشويه المعلوماتي لتبرير جريمة إبادة جارية”.
وعينتها “إي بي سي” في الشهر الماضي لكي تملأ فراغ مذيع في راديو سيدني لخمسة أيام. وفي اليوم الأول أخبرها مديرها بأن “اللوبي اليهودي غير سعيد بحضورها على الهواء” وحثّها على تجنب الموضوعات الجدلية وهي على الهواء.
وفي اليوم التالي شاركت لطوف منشوراً حول اتهام منظمة “هيومان رايتس ووتش” الاحتلال الإسرائيلي باستخدام التجويع كأداة حرب. وأخبرت قبل 24 ساعة بأنها لن تعود إلى العمل في اليوم الأخير من عقدها.
وقدمت لطوف دعوى قانونية بأنها طردت بطريقة غير منصفة وتعرضت للتمييز، وقالت: “كان مدمراً على المستوى الشخصي”. وأضافت في مقابلة مع “نيويورك تايمز”: “لكنني أعتقد أن الدمار هو الرسالة التي أرسلتها”.
وقالت إيلين بيرسون، مديرة “هيومان رايتس ووتش” فرع آسيا، في رسالة، إن طرد لطوف سيترك أثراً على طريقة تشارك الصحفيين الأستراليين المشاركة في محتويات المنظمات المعروفة، وحثت “إي بي سي” على تقديم توضيح حول المحتويات التي يمكن للموظفين مشاركتها، وهو ما طالب به صحفيو المؤسسة.
ورفضت المؤسسة الاعتراف بأن طرد لطوف له علاقة بعرقها أو مواقفها السياسية، وطالبت “لجنة العمل المنصف” وهي محكمة جنائية للعمل، برفض الدعوى.
وأنكرت “إي بي سي” أن تكون جماعات اللوبي لعبت دورا في القرار المتعلق بطرد لطوف. لكن ثرثرات المجموعة، تظهر أن محامياً أخبر “إي بي سي” بضرورة “إنهاء العقد مباشرة” مع لطوف. وشجع بقية المحامين على الكتابة والضغط.
وتعرضت “إي بي سي” لحملات من المؤسسات التابعة لروبرت ميردوخ التي تشعر بأنها منافسة لها. وفي عام 2017 قالت ياسمين عبد المجيد الصحفية السودانية – الأسترالية إنها تعرضت للتنمر وأجبرت على الاستقالة من “إي بي سي” بعدما تحدثت عن مأزق اللاجئين وسجنهم في البحر. وأدت التغطية التي غذتها “نيوز كورب” التابعة لميردوخ، إلى رمي رأس خنزير أمام مركز إسلامي.
وبالنسبة للطوف، فإنها تأمل بالعودة بعد اعتذار رسمي وقالت: “أحب إي بي سي” و”أخطط للعودة إليها”.
وتعتبر “إي بي سي” منظمة ممولة من أموال الرأي العام، وهي تواجه تصادما في موضوعين خلافيين، الأول، كيف تغطي المؤسسة والعاملون فيها القضايا الساخنة في وقت الخلافات السياسية الحادة؟ أما الثاني، فهو أن المؤسسة الإعلامية تعاني من أزمة تمويل وتواجه هجمات من اليمين المتطرف ولم تدافع عن صحفييها، وبخاصة من الملونين والنساء.
ويعتبر الكفاح للتنوع قضية حاضرة في الإعلام الأسترالي، ففي دراسة أعدت في 2022 وجدت أن نسبة 10 بالمئة من مقدمي البرامج خلال الأسبوع هم من خلفيات غير أوروبية، وهي نسبة أقل بكثير من تمثيلهم السكاني.