انه العقار الذي يحمل الرقم ١٥٨٧ في حي الوسطاني من مدينة صيدا، والذي منذ ربع قرن لم تستطع المجالس البلدية المتوالية إنجاز اي مشروع بيئي يحقق لمدينة صيدا مساحة خضراء مفيدة.هل هو عقار منحوس لا تجدي معه كل محاولات الاستثمار، ام سوء ادارة المجالس البلدية منعت مدينة صيدا من الاستفادة منه.
لقد اثار الكتاب الذي وجهه رئيس المجلس البلدي في صيدا الدكتور حازم بديع وأعضاء المجلس البلدي الى جمعية محمد زيدان للانماء، بتاريخ ٥ كانون الاول ٢٠٢٣، ردا على طلب الجمعية المذكورة من بلدية صيدا الموافقة لها بإقامة حديقة عامة وصيانتها وادارتها طوال عشر سنوات بدون اي تكلفة في العقار رقم ١٥٨٧ الوسطاني، وهو من املاك البلدية العامة، ردود فعل متباينة، لكن معظم قوى المجتمع الصيداوي ابدى استغرابه لمضمون الكتاب الذي يطلب من جمعية زيدان تحويل الاموال المرصودة للمشروع او قسم منها الى البلدية للمساهمة في حل مشكلة جمع النفايات ونقلها، على “أن يصار الى بحث مضمون مشروع الحديقة العامة المقترح بعد ايجاد حل مستدام لمشكلة النفايات الحالية”.
وفي ١٣ كانون الاول ٢٠٢٣ رد راعي جمعية محمد زيدان للانماء محمد حسن زيدان على كتاب رئيس البلدية د. بديع، بكتاب اخر ابرز ما جاء فيه ان زيدان قد صعق من جواب المجلس البلدي المتعلق بمبادرة جمعية محمد زيدان للانماء، وتساءل:”الجواب لم يظهر ما اذا كان موقف البلدية نتيجة قرار في معرض اجتماع رسمي، ام اسفر عن اجتماعات جانبية وهذا يظهر عدم الاكتراث بمبادرة رائدة”.
وأشار زيدان في رده على كتاب البلدية الى “ان كتاب العرض الذي قدمته الجمعية بتاريخ ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٣ لإقامة حديقة عامة قد جاء بناء على طلب موجه للجمعية من رئيس البلدية الحالي لأجل تقديم عرض خطي جديد للبلدية، لذلك كان المتوقع هو قبول العرض او طلب المناقشة في تفاصيله”.
وراى بطلب البلدية الدعم لمعالجة ازمة النفايات وربط مضمون مشروع الحديقة الى ما بعد ايجاد حل مستدام لمشكلة النفايات هو نسف المشروع.
ونفى احد اعضاء المجلس البلدي ان يكون الكتاب الذي أرسله رئيس البلدية قد أقر في المجلس البلدي، وأن ما حصل هو مشاورات جرت بين اعضاء المجلس وتم الاتفاق على نقاش الموضوع مع جمعية زيدان وليس ارسال كتاب رسمي بخصوص الحديقة.
وقد علق العضو في تجمع عل صوتك المهندس محمد دندشلي بالقول: “نرى ان المجلس البلدي بموقفه هذا يتهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقه، وعجزه عن تقديم تصور لاستخدام العقار المذكور، وخصوصا ان موقف المجلس البلدي يطرح تساؤلات حول الموقف الفعلي من العقار المذكور ، اذ كيف يعقل رفض اقامة مشروع بيئي بهذه الاهمية ، ومن خلال هبة بهذا الحجم ، من دون ان يرتب على صندوق البلدية اي اعباء مالية !!اليس كان من الاجدى ان يبادر المجلس الى دعوة جمعية زيدان وغيرها من الجهات المانحة “ان وجدت ” الى نقاش عام ، للبحث في كيفة الاستفادة من العقار المذكور من خلال تحويله الى حديقة عامة والفرص المتاحة في تقديم الخدمات العامة للمواطنين”.
وعن رؤية تجمع عل صوتك للحل، اضاف:” نطالب المجلس البلدي بعقد جلسة عامة للبحث في موضوع العقار ١٥٨٧ المذكور وكيفية استخدامه، من دون الهروب الى المجهول تحت حجة الأولويات بعد ان تحولت احتياجات المواطنين كلها الى أولويات في حياتهم اليومية”.
فما هي مشكلة هذا العقار المزمنة والذي تملكه بلدية صيدا؟
تبلغ مساحة العقار ٢٢٤٣٤ م٢ ، وهو عقار مستحدث بفعل مرسوم الضم والفرز بمنطقة الوسطاني العقارية.
يقول عضو المجلس البلدي مصطفى حجازي:” مؤخرا عقدنا اتفاقية مع منظمة MEDCITIES لإنشاء مساحات خضراء في المدينة من ضمن مشروعها لإنشاء مثل هذه المساحات في ثلاث مدن في المنطقة العربية، صيدا، جرش، وبيت لحم. وتم تعيين مستشار في كل مدينة، وتقدمت اكثر من جهة بمشروع بيئي للمحافظة على المساحات الخضراء.وتم اختيار مشروع اول لإقامة حديقة على مساحة ٣٢٠٠ م٢ من العقار، ومشروع ثان يقضي بزراعة وسطيات الشوارع في صيدا، ومشروع ثالث حول الزراعة في أحواض من الماء”.
لكن هذه المعلومات لم تكن تصل الى المجلس البلدي باوقاتها، وحول هذا الموضوع، أوضح حجازي: ” ان مسألة عدم اخبار المجلس البلدي بما كان يحصل، لاننا كنا بانتظار ما ينتج عن متابعة الموضوع قبل ان ياخذ المجلس البلدي القرار المناسب”.
ويأتي هذا التوضيح، لأن عددا من الناشطين طلبوا معلومات من المجلس البلدي وقراراته حول الموضوع وكان جواب رئيس البلدية د.بديع: “لا علم لدينا”. هذا ما دفع تجمع عل صوتك الى اصدار بيان بتاريخ ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٣ للإستفسار عن هذا المشروع وكيفية تنفيذه. وكانت جمعية محمد زيدان للانماء تقدمت بطلب الى المجلس البلدي بتاريخ ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٣ تعرض فيه نيتها على تأهيل كامل المساحة كحديقة عامة مع إدارتها وصيانتها لمدة عشر سنوات بدون تحميل البلدية اي تكلفة، هذا العرض اربك المجلس البلدي ودفعه الى عقد جلسة تشاورية، ادت الى اصدار الكتاب المذكور أعلاه. كما يجري المجلس البلدي اتصالاته مع منظمة MEDCITIES والاعتذار منها على عدم امكانية تنفيذ مشروع الحديقة والطلب منها تحويل الدعم المالي الى المشروع الثاني المتعلق بزراعة الوسطيات في المدينة.
اجتماع عقد في البلدية يوم الخميس ٧ كانون الاول ٢٠٢٣ طلب عضو في المجلس البلدي من ممثلي جمعيات ومجموعات مدنية تقديم اقتراحات تتعلق بارض العقار المذكور وأبدى استعداد المجلس لنقاش الاقتراحات بجلسة عامة.
وقد علق احد الناشطين على الموضوع:” كان من الأفضل أن تفتح البلدية في المجال لنقاش عام حول العقار المذكور قبل الدخول باتفاقات هنا وهناك ثم التراجع عنها، وأن ما يهمنا ان تستطيع البلدية تنفيذ مشروع إقامة حديقة عامة ومفتوحة للعموم، والاستفادة منها لتغطية العجز المالي الذي تشهده البلدية مع ملاحظة ان تجربة البلدية في هذا المجال غير مشجعة والمثال على ذلك حديقتي السعودي والشيخ بن زايد”.
ولفت متابع لأعمال البلدية نظر المجلس البلدي بضرورة حسم الوضع القانوني للعقار وإلغاء كل القرارات البلدية السابقة المتعلقة باتفاقات مع مؤسسات خاصة قبل الاقدام على اي خطوة في هذا المجال.
اذ ان هذا العقار شهد تجاذبات ذات طابع سياسي محلي ساهمت في منع المجالس البلدية المتعاقبة على اتخاذ خطوات صحيحة من اجل الاستفادة من استثمار ارض العقار المذكور.