بدران عن مؤتمر معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية “طوفان الأقصى بين الأسرلة والتهويد””يُشكّل منصّة لتبادل الأفكار والتعاون والبحث العلمي الذي يُسهم بتقدّم معرفي، وهو لا شك هدف من أهداف جامعتنا”

برعاية وحضور رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسّام بدران، نظّم معهد العلوم الاجتماعية ومركز أبحاث المعهد في الجامعة اللبنانية مؤتمرًا أكاديميًا حول أحداث غزّة بعنوان “طوفان الأقصى بين الأسرلة والتهويد\ قراءة سوسيو-سياسية”. حضر المؤتمر وشارك في فعالياته كل من وزير العمل الدكتور مصطفى بيرم، ووزير الإعلام الأستاذ زياد مكاري، وعميد المجلس العام الماروني الوزير السابق الشيخ وديع الخازن، والوزير السابق البوفسور طراد حمادة، وأمين عام اللقاء الأرثوذكسي، النائب السابق الأستاذ مروان أبو فاضل، ، وعميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية البروفسورة مارلين حيدر، وعميد المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية البروفسور محمد محسن، ورئيس مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية البروفسور حسين أبو رضا، ومدراء فروع معهد العلوم الاجتماعية: الدكتور عاطف الموسوي (الفرع الأوّل)، الدكتورة تيريز سيف (الفرع الثاني)، البروفسورة وديعة الأميوني (الفرع الثالث)، الدكتورة داليدا بيطار (الفرع الرابع)، البروفسور نديم منصوري (الفرع الخامس )، ومنسّقة مختبر علم الاجتماع السياسي في مركز الأبحاث البروفسورة لور أبي خليل، وأمين عام الجمعية العربية للعلوم السياسية البروفسور حسان أشمر. كما حضر المؤتمر منسّقي وأعضاء مختبرات مركز الأبحاث في المعهد، وشخصيات أكاديمية وأساتذة ومحاضرين جامعيين، وباحثين من مراكز دراسات، وطلاّب دراسات عليا وفعاليات وجهات تربوية وثقافية وإعلامية ومهتمّين.قدّم للمؤتمر الأستاذة المساعدة في الجامعة اللبنانية ومسؤولة الإعلام في مركز أبحاث معهد العلوم الاجتماعية الدكتورة ليلى شمس الدين.

البروفسور بسّام بدراناستهل رئيس الجامعة اللبنانية كلمته بالقول “في خِضم الأحداث الجارية على الساحة الدولية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، عودة إلى الوراء وتحديدًا إلى ما قبل العام 1948 وحتى يومنا هذا، لم يمر على تاريخ هذا العالم كيان محتل وغاصب بقي خارجًا عن القوانين الدولية وخارج المحاسبة والمساءلة كمات هو الحال مع هذا الكيان الغاصب. والمسؤولية تزداد علينا يومًا بعد يوم، كأكاديميين وحقوقيين وإعلاميين وباحثين في علم الاجتماع، وذلك بوجوب توثيق هذه الأعمال حتى لا تبقى دون حساب رادع”. وأكمل البروفسور بدران “إنّ تنظيم مؤتمركم هذا، في هذه الظروف الصعبة والدقيقة والحرجة التي تمر بها جامعتنا وبلدنا والمنطقة بأسرها، لا يرمز فقط إلى التزامنا بالتميّز الأكاديمي الذي نعمل جميعنا لنحافظ عليه. ولكنه أيضًا يُشكّل منصة لتبادل الأفكار والتعاون والبحث العلمي الذي يُسهم بتقدّم معرفي، وهو لا شك هدف من أهداف جامعتنا”.

وبيّن رئيس الجامعة اللبنانية “أنّنا لا ننظر إلى هذا المؤتمر من منطق مجرد كمسعى أكاديمي؛ إنما يستبطن دعوة واضحة لدعم مبادئ العدالة والرحمة والحقوق الأصيلة لكل فرد في هذا الشعب المقهور الذي يعيش في أقسى الظروف والاعتداءات المستمرّة”. وهو واقع برأي البروفسور بدران “لا يستحق اهتمامنا فحسب، بل يستحق التزامنا الثابت بالتضامن، باعتبارنا جزء لا يتجزّأ من هذه القضية، لذلك فإننا نتحمّل مسؤولية استخدام براعتنا الفكرية الجماعية لتسليط الضوء على الظلم، ولإيصال أصواتنا لمن لا صوت لهم، وللدفاع عن الحقوق التي يستحقها كل فرد في منطقتنا والعالم أجمع”.

كما أوقن رئيس الجامعة بأنّ أوراق المؤتمر البحثية “تمتلك القدرة على تشكيل الروايات، وتوجيه السياسات، والتأثير على مسار الأحداث في مواجهة الشدائد. لذا نحن ننظر إلى هذا المؤتمر بمثابة منصة للتضامن، ومكان للقاء المدافعين عن قضية حقوق الإنسان والعدالة وكرامة كل فرد. إنها دعوة للعمل، تجبرنا على سد الفجوة بين النظرية والتطبيق، بين المعرفة والنشاط”.

وتوجّه رئيس الجامعة اللبنانية إلى أساتذة جامعتنا وطلاّبها بالشكر على التزامهم بالبحث الأكاديمي والسعي وراء المعرفة. واعدًا إياهم بالاستمرار “في بذل كل الجهود، ودق كل الأبواب كي نصل إلى تحسين أوضاع الأساتذة في كل الأدوار التي يقومون بها، وكل العاملين والموظّفين والأجراء، لما فيه مصلحة ومستقبل طالباتنا وطلابنا الأحبة، ونحن ندرك انّ مساهماتكم جميعًا تُشكّل حجر الرحى لعملنا، سواء داخل الفصول الدراسية أو خارجها، مقدّرين دوركم الفعّال في تشكيل مستقبل مجتمعنا الأكاديمي وخارجه”.

وبعد أن صرّح البروفسور بسّام بدران في بداية كلمته عن شهادة على الروح التعاونية التي تحدّد جهد العاملين في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية ممثّلاً بشخص عميدته البروفسورة مارلين حيدر وبشخص رئيس مركز الأبحاث في المعهد البروفسور حسين أبو رضا ختم رئيس الجامعة اللبنانية كلمته بتكرار الشكر لمنظّمي هذا المؤتمر، متقدّمًا بجزيل الشكر لكل واحد منهم على مشاركتهم في هذا الحوار النقدي، متمنّيًا أن تتميّز طروحاتهم ومناقشاتهم بالعلمية والصرامة الفكرية والالتزام المشترك بتحويل المعرفة إلى عمل هادف.

البروفسورة مارلين حيدربدأت عميدة معهد العلوم الاجتماعية كلمتها مرحبّة بالحضور، وقالت “نفتتح وإياكم أعمال هذا المؤتمر، ومحورُه ” طوفان الأقصى” والتداعيات الناجمة عنه على مستوى الصراع والايديولوجيا والتاريخ”، وأضافت “يشهد العالم اليوم في فلسطين محوا لمعالم المكان وابادةً بشرية، وفي الجنوب اللبناني مناوشاتٍ وجولاتِ قتال بين العدو الصهيوني والمقاومة، ما يولّد من ارتداداتٍ على المنطقة لا بل على العالم الذي يشهدُ تموضعاتٍ وتحالفات في محاورَ متعدّدة”.

واعتبرت البروفسورة حيدر “إنّ تنظيمَ مؤتمرٍ حول طوفان الاقصى في معهد العلوم الاجتماعية لقراءة سوسيو سياسية مهم جداً على المستوى البحثي في أكثر من تخصّص اجتماعي يتضمّنه منهاجنا التعليمي. فحالة الطوفان هذه أتت لتذكرَنا بقضية شعب مقهور حاول كثيرون طمسَها وما زالوا، متناسين أنها قضيةُ شعبٍ سُلبت أرضُه وسلبَ حقهُ في الحياة والعيش الآمن منذ النكبة الأولى عام “1948.

وأكملت البروفسورة مارلين حيدر بقولها “لقد عايشنا في لبنان هذه القضية منذ بداياتها، كما اختبرنا ويلات الغزو والاحتلال الصهيوني، وما زلنا ندفع أثماناً باهظة بسبب هذا الكَيان الغاصب الرابض على حدودنا والطامع في أرضنا ومائنا وحضارتنا ودورِنا في المنطقة، وبيّنت العميدة “أنّ حالة طوفان الاقصى وضعتنا أمام تحدياتٍ ومراجعات فكرية وبحثية كثيرة، بدءاً من قيمة شرعة حقوق الإنسان ومضامينها التي تبدو مجرد حبرٍ على ورق، وصولاً الى كثير من المفاهيم والقيم الإنسانية التي تبَنيناها فكرياً وروجنا لها في أبحاثنا وكتبِنا وفي صفوفِنا؛ كما تأخذنا الى قراءة نقدية عميقة للفكر الاستعماري الغربي، ولمفهوم الإبادة الجماعية الذي تصورنا أننا تخطيناه مع تطور الفكر البشري ووعيه لأخطائه التاريخية”.

واختتمت البروفسورة حيدر كلمتها بالشكر لكل من “دعم وخطط ونظّم وسعى وعمِل وحضّر لهذا المؤتمر، واسمحوا لي ان اخصّ بالذكر رئيس مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية البروفسور حسين أبو رضا ومنسّقة مختبر علم السياسي فيه البروفسورة لور ابي خليل. وكل المشاركين ومن شرّفنا من الحاضرين” ، وتمنّت عميدة معهد العلوم الاجتماعية التوفيق في مهمّة هذا المؤتمر في تقديم دراسات علمية رصينة في مجالات اجتماعية متعدّدة، أساسها الواقع المعاش الذي يفرض علينا مراجعة أدواتِنا التحليلية ومفاهيمِنا القائمة على ما أُشبعنا به من القيم الانسانية وفي نطاق الإقرار بحقوق الشعوب في أوطانها.

البروفسور حسين أبو رضااعتبر رئيس مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية، أنّه “يبدو غريباً ومثيراً للجدل بعض بيانات ومفكري الحداثة الغربية حول أحداث غزة وتداعياتها المجتمعية، وتشير هذه الغرابة إلى علاقة الأفكار والنظريات المثالية التي نادى بها بعض هؤلاء المثقفون الغربيون تحديداً، بالحقائق والأخلاق والوعي الإنساني.

فبدى للوهلة الأولى عند قراءتها وجود تشوهات بنيوية داخل الوعي والمناخ المعرفي الغربي عموماً”. واضاف ” لقد روج علماء الغرب ومفكريه عن الحداثة المتواصلة بين الانسان والاخلاق للوصول إلى قيم المجتمعات الحديثة والسلم الاهلي والقبول الآخر. لكن يبدو من خلال بعض مفكريهم حالياً، جعلوا هذا الامر يتمركز حول مركزية الغرب فقط. حيث دافع يورغن هابرمس أيضاً للأسف! عن الوجود الاسرائيلي، وعن سياساته، وعن أنموذجه، ضمن الوعي المتعالي لنزعة الأوربة الغربية، فكانت اسرائيل الكيان، مثالاً لسياقها كنتاج حضارة أوروبية”. مبيّنًا “أنّ هذه المقاربة قد تكون ناتجة عن عقد بعض المثقفين المسكونين برعب معاداة السامية، فتحولت إلى فوبيا ثقافية مفرطة من جهة وإلى نزعة متعالية من خلال الأوربة الغربية من جهة أخرى، فجعلت اسرائيل نتاج الحضارة الغربية، مثالاُ في المقاربات السياسية والاجتماعية”.

وأكمل بروفسور أبو رضا “بيد أن ليس كل مثقفي الغرب كتلة واحدة صماء، بكماء، عمياء” مستندًا إلى عالمة الاجتماع والفلسفة الأميركية جوديت بتلر، مؤلفة كتاب “قوة اللاعنف”، إذ اعتبرت إنّ ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية، وبرأيها “لفهم كيفية وقوع حدث ما، يتعيّن علينا أن نتعلّم من التاريخ. وهذا يعني أنه يتعيّن علينا توسيع رؤيتنا إلى ما وراء اللحظة الحالية المروعة. إن وسائل الاعلام المعاصرة، في معظمها، لا تفصّل الفظائع التي عاشها الشعب الفلسطيني لعقود من الزمن” والكلام لبتلر.

من هذا المنطلق رأى رئيس مركز الأبحاث، أنّه “قد آن الأوان لتجاوز فكرة أن الحضارة الغربية هي حضارة كونية، وأن قيمها قيم عالمية وأنها الحضارة الأرقى، وأنها حضارة العقلانية المكتملة والإنسانية الرحيمة الوحيدة. علمًا بأنّ قوّة الإعلام السياسي على ما يبدو، هي التي تصنع الرأي العام الغربي، وليس الفكر”. داعيًا إلى “الخروج من دوائر ومدارات الدهشة والإعجاب العاطفي بالسقف الزجاجي للحداثة، على أن يتأسس ذلك “الخروج” على قاعدة نظرية وعلى نظام معرفي جديد، يقوم على أنقاض الوضعية من جهة، والحداثة من جهة أخرى، خاصة أن لدينا في تراثنا العربي والإسلامي ما يفي بالغرض”. معتبرًا “إنّ مقاربة تداعيات طوفان الأقصى والعدوان الاسرائيلي، يتطلّب من الباحث تفكيك الظاهرة المدروسة إلى قضايا فرعية من خلال متغيرّاتها الخاصّة وبالطبع من خلال مناهج العلوم الاجتماعية”.

واختتم البروفسور أبو رضا كلمته بشكر جميع الحضور والذين عملوا لتنظيم المؤتمر والمشاركة فيه، وبخاصّة منسّقة مختبر علم السياسي في مركز الأبحاث البروفسورة لور أبي خليل على عملها الأساس الذي قامت عليه فكرة المؤتمر وبلورة مراحله وصولاً إلى مخرجاته.

قدّم للمؤتمر الأستاذة المساعدة والمحاضرة في معهد العلوم الاجتماعية، ومسؤولة الإعلام في مركز أبحاثه الدكتورة ليلى شمس الدين، وعرض المشاركون فيه دراسات متخصّصة وأوراق علمية قدّمت خلال ثلاث جلسات، تضمّنت:

الجلسة الأولى بعنوان “مقاربات سوسيولوجية في الأسرلة والتهويد”، بإدارة مديرة كلّية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية (الفرع الرابع) الدكتورة رنا شكر ، وقدّمت فيها مداخلات لكل من :- الدكتور فداء أبو حيدر، عن “التهويد والاسرلة: المنطلقات المفاهيمية المجتمعية”، متحدّثُا ضمن ورقته عن الأسرَلةِ الإضافيّةِ والمُستَحدَثة التي تخُصُّ زمانَنا الحالي فقط، فهي تشريعُ الإبادَةِ التي ارتكبها الصّهايِنَةُ، وذلِكَ من قِبَلِ المنظّمات الدّوليّة ( عُصبةُ الأممِ والأمم المُتَّحِدَةِ)، هذا التّشريعُ العالميُّ للأسرَلةِ والتّهويدِ أدّى بِحسَب بيار بورديو إلى عُنفٍ رمزيٍّ وعُنفٍ ماديٍّ مورِسا على الفسطينيّينَ وعلى سُكَّانِ دُوَلِ الطَّوقِ، طيلة سبعة عقودٍ من الزّمنِ، لأنَّ المنظّمتَينِ شرّعتا الإحتِلالَ وناهضَتا كُلَّ حركاتِ المُقاومةِ ضدَّهُ.