كثر الحديث في العقود الأخيرة، عن أخطار الكوارث الطبيعية المحتملة التي تتهدد الأرض من نيازك وبراكين وزلازل وما شابه، لكن خطر اختفاء “النحل” في المقدمة.
ذكر العالم الشهير ألبرت أينشتاين ذات مرة، أن النحل حين يختفي من الأرض، فسيكون ذلك نهاية العالم، ويبدو أن هذا الأمر الخطير قد بدأ بالفعل، وبدأ القلق يستشري في أوساط العلماء من شواهد انقراض النحل!
وأكد العلماء أن مستعمرات النحل تشهد انخفاضاً متواصلاً منذ أكثر من نصف قرن، لكن وتيرة هذا “الانقراض” تسارعت في السنوات القليلة الماضية.
واختلفت التقديرات للخبراء التي تتحدث عن نفوق ما بين 50 على 80 بالمئة من النحل في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، في حين تقدر هذه النسبة بالنسبة لروسيا بـ40٪.
وحذر المتخصصون في هذا السياق، من أن النحل سيختفي إلى الأبد بحلول عام 2035، إذا لم تتخذ إجراءات تغير الوضع القائم بطريقة جذرية.
واللافت أن الدول التي سُجلت فيها أكبر نسب انخفاض لأعداد النحل وهي الولايات المتحدة الأميركية وكندا والصين وأستراليا وبعض الدول الأوروبية، تزرع في أراضيها نباتات معدلة وراثيا بشكل جماعي.
واختفاء النحل يعد مشكلة عالمية، لأن النحل لا يعطي العل فحسب بل ويقوم بتلقيح ثلاثة أرباع جميع المحاصيل. من دون النحل لن يجد البشر ما يأكلونه أو ما يطعمون به ماشيتهم، وسيكون الجوع مصيرهم.
وانقراض النحل الذي يعود وجوده على الأرض إلى أكثر من 100 مليون عام، بمثابة كارثة بيئية على الكوكب بأسره، وستبدأ النباتات البرية التي تعتمد في استمرارها على التلقيح أيضا في الموات، وبعدها الحيوانات البرية.
ويعتقد العلماء أن السبب الرئيس وراء موت النحل، يعود إلى مشكلة الاحتباس الحراري، وتبعاً لذلك ترتفع درجة الحرارة في خلايا النحل فوق المعدل الطبيعي، فتتأثر الإيقاعات البيولوجية الراسخة المرتبطة بالسبات وتربية النسل وتتعطل، ناهيك عن التأثير البشري المدمر من خلال تربية النحل في مشاريع تجارية لإنتاج العسل، وبالتالي وقف عملية الانتقاء الطبيعي “والبقاء للأصلح”، وانخفاض مناعة النحل وبالتالي موته بالتدريج.
ومن أسباب عملية انقراض النحل أيضاً هي تدهور الوضع البيئي العام، والاستخدام غير المنضبط للمبيدات الحشرية، والإشعاع الناجم عن الاتصالات المتنقلة “الهواتف المحمولة”.
وهناك دواع لمثل هذا القلق، حيث أجرى علماء في معهد بافلوف لعلم وظائف الأعضاء التابع لأكاديمية العلوم الروسية في عام 2019 بتجربة تم خلالها تعريض النحل لموجات “واي فاي” لمدة يوم واحد، وتبين أن استثارة الطعام والذاكرة قصيرة المدى انخفضت لدى النحل.
والجدل لا يزال دائراً بين العلماء بشأن قدرة النحل على التكيف في ظروف التغير المناخي الحالية، لكن الأمر الثابت والأكيد أن “طريق النحل” وفي أي اتجاه يسير يرتبط بمصير الحياة على الأرض، ولن يمر انقراض النحل على الأرض بسهولة مثل انقراض الديناصورات. هذا ما يؤكده أينشتاين ذاته.