كشفت مجلة “بوليتيكو”، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تواجه ضغوطاً من الديمقراطيين التقدميين، والمسؤولين العرب، وحتى بعض الأميركيين، من أجل إنهاء الحرب في قطاع غزة، لكن البيت الأبيض، لا يريد بالضرورة وقف القتال، وعلى الأقل ليس بعد. ورأت أنه حتى لو فعلت الولايات المتحدة ذلك، فمن المحتمل أن “إسرائيل” لن تستمع لها.
وأشارت إلى وجود حقائق صعبة، نتيجة هذا الصراع، من خلال محادثات مع 8 دبلوماسيين ومحللين ومسؤولين في الإدارة، بالإضافة إلى مراجعة ما قاله القادة الأميركيون و”الإسرائيليون” والعرب.
ومع ارتفاع عدد الشهداء، قالت المجلة إنه من الممكن أن تتغير الحسابات بشكل كبير، وقالت إنه حين يعرض المسؤولون الأميركيون أهدافهم فإنهم يذكرون 4 تفاصيل:
1. دعم “إسرائيل” بقوة.
2. منع انتشار القتال خارج القطاع.
3. إطلاق سراح أكثر من 200 أسير.
4. المساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تتفق مع هدف الاحتلال “الإسرائيلي” المتمثل في تدمير “حماس”، حتى لو لم يكن من الواضح تماماً كيف سيبدو ذلك في النهاية، وعندما سئل الرئيس جو بايدن الشهر الماضي من قبل شبكة “سي بي إس نيوز” عما إذا كان يعتقد أنه “يجب القضاء على حماس بالكامل”، قال: “نعم، أعتقد ذلك”.
وفي الوقت الحالي، تضغط الإدارة على الاحتلال الإسرائيلي للسماح بوقف القتال لأغراض إنسانية وتوخي الحذر في استهدافها، لكنها لن تدعم وقف إطلاق النار طويل الأمد.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحفيين: “ما زلنا لا نعتقد أن وقف إطلاق النار العام مناسب في هذا الوقت، وعندما نتحدث عن وقف عام لإطلاق النار، فإن ما يعنيه ذلك هو وقف كامل للقتال في جميع أنحاء غزة، وهو ما نعتقد في هذه المرحلة أنه يفيد حماس”.
وقال اللواء المتقاعد في جيش الاحتلال ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي “الإسرائيلي” من عام 2011 إلى عام 2013، إن حكومة بلاده لا تشعر حاليًا بأي دفع حقيقي من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب.
وقال إن الضغط الوحيد “هو أن نقلل من عدد المدنيين الذين ينبغي قتلهم، والضغط الثاني هو السماح بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة”.
وأشارت المجلة، إلى أن ما لا يقال علناً هو أن “إضعاف حماس هو في مصلحة الولايات المتحدة على مستويات عدة”.
وتابعت: “حماس هي قوة مزعزعة للاستقرار في منطقة لا تزال ذات أهمية حاسمة للمصالح الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة. كما أن الجماعة المسلحة لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود، مما يجعلها عائقا رئيسيا أمام حل الدولتين، كما أشار أحد المسؤولين الأميركيين الذي طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة.
تمتلك الولايات المتحدة أدوات مهمة يمكنها استخدامها للضغط على الاحتلال الإسرائيلي بما يتجاوز مجرد الكلمات التي يلتزم بها المسؤولون الآن. ويمكن أن تهدد بقطع المساعدات العسكرية عن كيان الاحتلال، أو التوقف عن الدفاع عنه في الأمم المتحدة، أو التخلي عن الجهود طويلة المدى لمساعدة الاحتلال “الإسرائيلي” على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الدول العربية. بل إن بعض الديمقراطيين في الكونغرس يفكرون في إصدار تشريع للحد من تبادل المعلومات الاستخبارية مع “إسرائيل”.
لكن إدارة بايدن رفضت بشدة مثل هذه التحركات، وحتى في الأوقات العادية، لم تستمع الحكومة “الإسرائيلية” دائما إلى واشنطن. على سبيل المثال، ظل المسؤولون الأميركيون لسنوات يحثون الاحتلال الإسرائيلي من دون جدوى على وقف بناء المستوطنات على أراضي الضفة الغربية.
وعلى صعيد العرب، كشف المجلة،أن العديد من الزعماء العرب “يكرهون حماس، لأسباب ليس أقلها جذورها الإسلامية، بالإضافة إلى علاقتها بإيران، لذا فهم لا يمانعون في رؤية الحركة تضرب”.
وقال مسؤول “إسرائيلي” كبير للصحفيين في واشنطن الشهر الماضي: “كان هناك فرق كبير بين ردود الفعل العامة والخاصة للدول العربية. وتعتبر معظم الدول العربية حماس عدوا، وتريد ردعها”.
وعلى الرغم من ازدرائهم لحركة “حماس”، فإن العديد من الزعماء العرب يحثون الولايات المتحدة، سراً وعلناً، على الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لحمله على قبول وقف إطلاق النار، ويعود ذلك جزئياً إلى قلقهم من احتمال أن ينقلب غضب المواطنين ضدهم بسبب صور الشهداء والجرحى الفلسطينيين.
وقال دبلوماسي عربي مقيم في واشنطن: “من خلال إرسال الكثير من المعدات والكثير من الأموال إلى إسرائيل، تشجعهم الولايات المتحدة على الضغط والتصعيد بدلاً من البحث عن حل”.
ولا يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي يستجيب لتحذيرات أشخاص مثل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي من أجل “وقف هذا الجنون”. ويصر المسؤولون على أنهم يفعلون ما يجب عليهم من أجل إنقاذ المدنيين، ولكن مستوى المعاناة الفلسطينية يصعب على الاحتلال الإسرائيلي تفسيره بشكل متزايد.
وعلى الرغم من أن إيران لا تشارك بشكل مباشر في الحرب، إلا أنها مهتمة بشدة بالصراع، وتدعم إيران “حماس” بالتمويل والأسلحة والتدريب، وتسعى منذ فترة طويلة إلى طرد القوات الأميركية من الشرق الأوسط.
وقالت المجلة: “لقد استغلت طهران هذه اللحظة لإثارة المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وقد هاجم وكلاؤها القوات الأميركية في العراق وسوريا بطائرات بدون طيار وصواريخ 38 مرة على الأقل منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، حتى في الوقت الذي يرسل فيه البنتاغون كمية متزايدة من القوة النارية إلى المنطقة”.
لكن المسؤولين الأميركيين يقولون سراً إنهم يعتقدون أن إيران تحاول ببساطة زيادة الضغط على واشنطن، وليس إثارة حرب إقليمية أوسع.
وأفضل دليل على هذا الحساب هو طبيعة الهجمات وحجمها – لا سيما بالمقارنة برد إيران على أمر الرئيس السابق دونالد ترامب باغتيال قائد عسكري إيراني كبير، قاسم سليماني، في عام 2020.
فمن ناحية، اعتمدت الجماعات الوكيلة بشكل شبه حصري على طائرات بدون طيار وصواريخ هجومية رخيصة الثمن في اتجاه واحد لشن الضربات غير الناجحة في معظمها. ووصف الجنرال باتريك رايدر مثل هذه التحركات بأنها “مضايقة”.
وعلى الرغم من أن رايدر قال إن الولايات المتحدة ستحمل إيران مسؤولية الضربات، إلا أن طهران لم تعلن مسؤوليتها عنها.