كتبت دارين منصور في موقع mtv:
يشهد لبنان، منذ حوالى أربع سنوات، أزمة نقدية واقتصادية مُستفحلة تسبّبت في زعزعة ركائز مُختلف القطاعات. كما أدت إلى انهيار سعر صرف اللّيرة مُقابل الدولار، وسط عدم قدرة المصارف على ردّ الودائع بالدولار للمودعين، في ظلّ شحّ العملات الصعبة وانخفاض قياسي في احتياطي العملات الأجنبية. بالإضافة إلى الأزمة السياسية المتلخّصة بعجز المجلس النيابي عن إنتخاب رئيس جديد للجمهورية أو تشكيل حكومة جديدة تقّر قوانين إصلاحيّة تُساهم في بدء حلّ الأزمة، إلى جانب عجز الدولة عن دفع استحقاقاتها وتأمين رواتب القطاع العام وغيرها…
في هذا الصدد، يؤكّد أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللّبنانية جاسم عجاقة أنّ “لبنان يمرّ بوضع مالي سيء حالياً، إذ على الدولة ديون لا تدفعها ولديها استحقاقات في العملة اللبنانية وبالدولار الأميركي، يبدو أنّها عاجزة عن تغطيتها، إلى جانب أجور القطاع العام التي تجد صعوبةً في تغطيتها، في ظل رفض المصرف المركزي تمويل الدولة، سواء كان بالليرة أو بالدولار. هذا ما يشير إلى أنّنا نتجه نحو مشكلة مالية حقيقية تتمثّل في عدم قدرة الدولة على تأمين أو سدّ التزاماتها، ممّا سيوصل إلى مُشكلة على صعيد تأخير رواتب القطاع العام في الدرجة الأولى، وعلى الصعيد الصحّي في الدرجة الثانية، بحيث سيكون هناك تأخير ونقص في عملية شراء الأدوية والالتزامات الأخرى”.
ويُضيف عجاقة، في حديث لموقع mtv: “إنّ ما يزيد الأمر صعوبةً هو أنّ وزارة المال لم تنشر الأداء المالي للدولة اللبنانية أو للحكومة منذ كانون الأوّل 2021، وهذا يعني أننا لا نعرف تفاصيل الوضع المالي”.
ويُتابع: “هناك قطاعان يوفّران المال للدولة هما قطاع الاتصالات والكهرباء، لكنّنا لا نستطيع معرفة الأرقام بسبب غيابها في هذا الخصوص. أمّا باقي القطاعات سواء كان على صعيد تسجيل السيارات والدوائر العقارية وحتى المرفأ فمداخيلها قليلة، وبالتالي فهذا الأمر يعني أنّنا ذاهبون إلى مشكلة فعليّة”.
أمّا بالنسبة الى الحلول وكيف سيتم تأمين رواتب القطاع العام، فيُجيب عجاقة أن هناك احتمالين:
“الأوّل هو أن تقوم الدولة بإصلاحات، عندها يقدر أن يموّلها صندوق النقد بقرض ويموّل عجز الموازنة، وهذا الاحتمال صعب جداً وضئيل لأنّ هناك خلافٌ سياسي كبير ولا موقف موحّداً للقوى السياسيّة بالنسبة الى الاصلاحات.
أمّا الاحتمال الثاني فهو أن يُعيد مصرف لبنان تمويل الدولة من خلال طبع الليرة، لأنّ وفرة الدولارات قليلة جداً وهناك استحالة للمس بأموال الاحتياطي الإلزامي. وأغلب الظن أن هذا ما سيحدث، لكن السؤال المطروح هو: هل هناك إمكانية لطبع الليرة؟ وهل القانون يسمح لحاكم المصرف المركزي بالإنابة بطبع العملة؟ لا أجوبة واضحة على ذلك”.
ويختم: “عملياً، نتوقّع أنّه حتّى إن لم يكن لدى الحاكم إمكانية القيام بذلك، فسيُمرّر المجلس النيابي له قانوناً خاصاً أو بنداً خاصاً أو تعديلاً في قانون النقد والتسليف، قد يسمح له بالقيام بذلك. وبالتالي، ستُطبَع اللّيرة بشكل شبه حتمي”.