مرت مراحل تصنيع السيارات الكهربائية في مصر بمراحل عديدة منذ أعلن الوزير هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام الأسبق، عن توقف المفاوضات نهائيا مع الشركة الصينية لتصنيع السيارة.
ووفق هشام توفيق فإن المفاوضات مع الجانب الصيني في تصنيع السيارات الكهربائية مرت بمرحلتين وتوقفت قبل وقت قصير من التوقيع النهائي.
وتستهدف الحكومة المصرية منذ نحو 7 أعوام تصنيع أول سيارة كهربائية في البلاد، وكادت أن تحقق هذا الهدف عام 2020 بالاتفاق الذي أُبرم بين شركة النصر المصرية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام وشركة دونغ فينج الصينية، إلّا أن المفاوضات تعثّرت بين الطرفين لتقضي على مشروع سيارة النصر E70 في نوفمبر عام 2021.
ومنذ ذلك الحين، تحاول الحكومة البحث عن بدائل محلية وأجنبية لاستئناف مشروع أول سيارة كهربائية تحمل شعار صنع في مصر.
وحسب دراسة حديثة لمركز حلول للسياسات البديلة التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة بعنوان (ما الذي يعطل اعتماد المركبات الكهربائية في مصر؟): فإنه رغم اهتمام مصر المتزايد بتبني استخدام المركبات الكهربائية باعتباره تدخلا عاجلا للتصدي للتحديات البيئية فما تزال وتيرة نمو الاعتماد عليها بطيئة؛ إذ تشير أرقام عام 2023 إلى أن أعداد المركبات الكهربائية تتراوح تقريبا ما بين 3500 و4000 مركبة على مستوى البلاد.
ووفق الدراسة التي أعدها الخبير في مجال الطاقة علي حبيب بمركز حلول للسياسات البديلة تحاول الحكومة التشجيع على التحول إلى المركبات الكهربائية. فطبقًا للقرار الوزاري رقم 255 لعام 2018، فالمركبات الكهربية معفاة من الرسوم الجمركية علاوة على ذلك؛ يسمح القرار باستيراد المركبات الكهربائية التي لم يمض على إنتاجها أكثر من ثلاثة أعوام ومع ذلك، فطبقًا للاتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية والتجارة (الجات)، تستحق السيارات العاملة بالوقود الأحفوري المنتجة في الاتحاد الأوروبي أيضًا الدخول في مظلة اتفاق الإعفاء الجمركي في مصر، الأمر الذي يقضي على أي ميزة مالية للسيارات الكهربائية.
ووفق ذات الدراسة ينصب التركيز حاليا على بناء قاعدة تصنيعية محلية للمركبات الكهربية.
ودخلت الحكومة المصرية مفاوضات مع شركة “دونغفينج موتورز كوربوريشن” الصينية لصناعة السيارات، إلا أن هذه المفاوضات لم تسفر عن جديد ومع ذلك فقد وقعت في وقت لاحق مذكرة تفاهم مع شركة صينية أخرى لتصنيع المركبات الكهربائية -وهي مجموعة بايك (BAIC)- ولكن لا يزال تاريخ بدء الإنتاج غير محدد حتى الآن.
وطبقا للنتائج التي توصلت إليها الدراسة التي أجراها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، فمن شأن تصنيع المركبات الكهربائية محليا أن يساعد على خفض تكلفتها وخلق فرص عمل جديدة، غير أن هذا النهج ما زال يعاني العديد من أوجه القصور وفق الدراسة فأولا، ستنخفض الأرباح التي يحققها توطين إنتاجها بفعل ارتفاع أسعار المواد (المحركات والبطاريات على سبيل المثال) والخبرات المستوردة كما قد يكون من بين العقبات أيضا نقص خيارات طرازات السيارات.
وأعلنت الحكومة المصرية أنها ستقدم دعمًا إضافيًا بمبلغ يصل إلى 50 ألف جنيه مصري على شراء المركبات الكهربائية المصنعة محليا ومع الأهمية البالغة لهذا الحافز المالي، فالدراسة ترى أنه يمكن تطبيقه أيضا على المركبات الكهربائية المستوردة لتوسيع حجم السوق.
ووفق ذات الدراسة يمكن أن يؤديَ تَبَنِّي استخدام المركبات الكهربائية في مصر إلى العديد من الفوائد الاقتصادية والبيئية والصحية حيث قدمت التجارب العالمية عددا من السياسات الفعالة التي يمكن تَبَنِّيهَا لزيادة أعداد المركبات الكهربائية.
ومن جانبه قال الدكتور محمد السعداوي رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام: إن الشركة بصدد الاتفاق مع شركة هندية وأخرى صينية؛ لإنتاج السيارة الكهربائية عبر شركة النصر للسيارات التابعة للوزارة.
وأضاف السعداوي في تصريحات له خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير قطاع الأعمال العام الدكتور محمود عصمت بحضور عدد من رؤساء الشركات القابضة مؤخرا، أن شركة النصر للسيارات تمت تصفيتها عام 2009، وأنه جارٍ حاليا إعادة بناء الشركة من جديد، وهذا شيء ليس سهلا كما أوضح؛ حيث تتم إعادة بناء خطوط إنتاج جديدة للسيارات بعد عملية التصفية التي تمت.
وكشف السعداوي عن أنه يتم التعاون حاليا مع شركة مجرية حاليا لتصنيع الأتوبيس محليا.
وتأسست شركة النصر لصناعة السيارات في عام 1961؛ حين انتهج الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في تلك الحقبة سياسة التنمية الصناعية الشاملة المتكاملة لشبكة من الصناعات الثقيلة والخفيفة في آن واحد، لقطاعات مثل: الحديد والصلب والغزل والنسيج والألمنيوم والسيارات والأدوية.
ومن أهم السيارات التي أنتجتها النصر السيارة “فيات 128” و”نصر شاهين”، وهي موديل مُعدّل في شركة “توفاش” الصربية، وكذلك السيارة “فيات 131″ و”فلوريدا” بالتعاون مع شركة “يوجو” الصربية، وهي نموذج مُعدّل من سيارة “فيات 128”.
وفي عام 2009 أعلنت الحكومة المصرية تصفية الشركة، ثم تراجعت عن قرارها بعد 7 سنوات لتعلن إلغاء التصفية وإعادة التشغيل مجددًا في سبتمبر 2016، وبدأت الحكومة تبحث عن شريك أجنبي متخصص في صناعة السيارات وتلقت عروضا سابقة صينية وألمانية وروسية وإيطالية.
وقطعت الحكومة أشواطا هائلة من المفاوضات مع إحدى الشركات الروسية في عام 2017، ثم مفاوضات أخرى مع شركة إيطالية في عام 2018 لم تكلل بالنجاح، إلى أن استقرت حاليا على التفاوض مع شركات هندية وصينية.
المصدر: القاهرة 24