| رندلى جبور |
في صدفة تزامن، حضر إلى بيروت كل من الأميركي آموس هوكشتاين والايراني حسين أمير عبد اللهيان.
ما بين الإيرانيين والأميركيين، اليوم، تبادل سجناء وإفراج عن أرصدة مجمّدة. أما على الأرض اللبنانية، فليس ما يجمعهما، ولا حتى في ملفات البحث!
هوكشتاين أتى ليتفقد حدودنا البرية، محاولاً تسجيل إنجاز فيها، بعدما كانت له يد في ترسيم الحدود البحرية، ولكن الفرق هو أن بَرّنا مُرَسَّم وحدودنا مودعة في الأمم المتحدة ومعترف بها دولياً، ولا حاجة إلى ترسيم، بل إلى انسحاب العدو الإسرائيلي من الجزء الشمالي لقرية الغجر وباقي الجغرافيا المحتلة. وكان لافتاً الاعتراف الأممي ما بين سطور قرار التجديد لـ”اليونيفيل”، بأن هناك أرضاً لبنانية محتلة، وهذا الاعتراف تُرجم بمطالبة إسرائيل بالانسحاب من “خراج بلدة الماري”.
وعليه، إذا أراد الأميركيون فعل شيء ما حقاً، فعليهم الضغط على مدلّلتهم إسرائيل لتخرج نهائياً من أرضنا فقط لا غير، لا ترسيم ولا من يحزنون.
وإذا أرادوا المساعدة أيضاً، فليفرجوا عن أموال قرض البنك الدولي الخاص باستجرار الغاز المصري، ولا يستخدموه في كل مرة كورقة لمنع الإيرانيين من الدخول بنفطهم إلينا، بوعدهم أن غازاً بلا عقوبات سيصل من مكان آخر من الشرق الأوسط، ولكنه لا يصل.
أما الإيراني فيأتي بدبلوماسيته الناعمة، بخلاف الدبلوماسيات الوقحة، ليكرر تأكيده الوقوف إلى جانب لبنان، واستعداده للدعم من دون تدخل في الشؤون الداخلية أو طبل وزمر. فلا هو يفتح موضوع الرئاسة الذي يتركه للبنانيين أنفسهم، ولا حتى سيدخل على خط الحدود أو الغاز والنفط، بل إنه يأتي ليضع المسؤولين هنا في جديد العلاقات الإيرانية ـ السعودية، خصوصاً بعد زيارته الاخيرة إلى المملكة، وليحثّ باتجاه الاستثمار في هذا الجو الإيجابي وعدم تفويت فرصة “اللا تشنج” النادرة في منطقتنا، ولو أنه يعرف حساسية لبنان تجاه الأميركيين الذين يرفعون العقوبات سياسة دائمة.
والإيراني في لبنان، بمحض صدفة على الأرجح، بعد اتهام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون له بأنه يعرقل انتخاباتنا الرئاسية، مع العلم أن رافضي حوار جان إيف لودريان هم المعارضة وليسوا “حزب الله”.
ولكن فرنسا أرادت أن “تشيل من الفشل اللي فيها بالملف اللبناني، وتحطوا بغيرها”. وليس معلوماً بعد موعد زيارة لودريان الثالثة التي يفترض أن تكون في أيلول، وهو الوحيد من الزوار الثلاثة الذي يأتي من أجل الملف الرئاسي تحديداً.
من الجيد أن يكون لبنان على خريطة تحركات دول كبيرة، ولكنه حتى الآن ليس الأولوية المطلقة لتكون لهذه الزيارات نتائج ملموسة وسريعة. وكلٌّ حتى الآن “يغني على ليلاه” اللبناني، ويبدو أن موعد “سهرة الطرب” الموحّدة لم يحن بعد!