بالإعلان عن مقتل زعيم “فاغنر” يفغيني بريغوجين، في سقوط غامض لطائرة كان يستقلها مع آخرين، يواجه الكرملين مسألة خلافته على رأس المجموعة التي تنتشر في سوريا وليبيا وأوكرانيا وأجزاء واسعة من القارة الافريقية.
فرصة أم مشكلة؟
لم تمثل وفاة بريغوجين مفاجأة لكثير من المهتمين، ومن بينهم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
ونقلت شبكة CNN عن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أدريان واتسن: “لا ينبغي أن يتفاجأ أحد إذا وردت أنباء عن وجود بريغوجين على الطائرة التي تحطمت الأربعاء خلال رحلة بين موسكو وبطرسبورغ”.
ويعني هذا، وفقا لمحللين تحدث معهم موقع “الحرة” أن موسكو تمتلك على الأرجح “خطة” لاستبدال بريغوجين بشخص أقل إثارة للمشاكل وأكثر ولاء للكرملين.
ويقول زميل معهد هدسون الأميركي، المحلل ريتشارد وايتز، إن موسكو ستعين غالبا شخصا من الدائرة الداخلية لبوتين لقيادة الميليشيا. ويضيف وايتز لموقع “الحرة”، أن السرية التي تحيط بالمجموعة ستجعل من الصعب التكهن بخليفة بريغوجين، لكنه سيكون بشكل “مؤكد” تابعا لموسكو.
ووفقا لصحيفة “الغارديان”، فإن بريغوجين لم يكن الوحيد من قيادات فاغنر الذي لقي حتفه في الحادث بل كان معه على متن الطائرة ديمتري أوتكين، أحد أقرب حلفائه، وهو شخصية رئيسية أخرى في فاغنر.
ولم يرجح وايتز احتمال أن تقوم “فاغنر” بأي تحرك ضد موسكو، قائلا “مرة واحدة تكفي، نجت فاغنر بالكاد من تمرد بريغوجين ولن يعيدوا الكرة”.
وعقب “مسيرة يفغيني بريغوجين إلى موسكو” قبل شهرين، توقع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن سوف “يأخذ وقته في الانتقام”. لكن عكس توقعات كثيرين، لم تمتد يد الانتقام – حتى الآن – إلى عناصر المجموعة.
ومع تقليص الدور البارز الذي لعبته “فاغنر” في العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا بالفعل في أعقاب العصيان الذي أحرج بوتين والكرملين، بدا الأمر – لفترة قصيرة – كأن بريغوجين يحاول استعادة بعض النفوذ الذي اكتسبه من خلال التحاقه بعملية في أفريقيا بناء على طلب الكرملين. وكان بريغوجين قد أصدر بيانا يدعم الانقلاب في النيجر، اعتبره بعض المحللين تذكيرا بالكيفية التي خدمت بها “فاغنر” ذات مرة غايات الكرملين.
زميلة معهد واشنطن، والخبيرة بالشأن الروسي، آنا بيروفيسكايا، تقول إن “موسكو استثمرت كثيرا في هذه المجموعة ولن تدمرها”. وتضيف لموقع “الحرة” إن “مقتل بريغوجين عزز قوة بوتين، لكنه وضعه أمام مشكلة اختيار قائد”.
وتعتقد أن المجموعة، التي تضرر نفوذها بشدة بعد محاولة العصيان، تعرضت لضربة أخرى بوفاة زعيمها، الذي منحها الكثير من القوة وجعلها مساوية في النفوذ للقوات المسلحة، إن لم تكن أكثر نفوذا.
وأدى هذا، كما تقول الباحثة، إلى أن “المجموعة أصبحت أضعف بكثير من ذي قبل، ومن المتوقع أن تشهد انقسامات بين أعضائها”، ورجحت أن تحتاج الميليشيا إلى فترة طويلة “قبل أن تعود إلى سابق عهدها”.