كشف استطلاع “أصداء بي سي دبليو” السنوي الخامس عشر لرأي الشباب العربي، أن أكثر من نصف الشباب العربي في دول شرق المتوسط (53%) وحوالي النصف في شمال إفريقيا (48%) قالوا إنهم يحاولون أو يفكرون جدياً بمغادرة بلدانهم للبحث عن فرص أفضل، ولا سيما فرص العمل.
من جهة أخرى، قال أكثر بقليل من ربع الشباب (27%) في دول مجلس التعاون الخليجي إنهم فكروا في الهجرة، بينما قال أغلبهم إنهم “لن يغادروا بلدهم مطلقاً”.
وأبدى معظم الشباب العربي رغبتهم في الهجرة إلى كندا (34%)، تلتها الولايات المتحدة (30%)، وألمانيا والمملكة المتحدة (20% لكل منهما)، وفرنسا (17%).
وضم الاستطلاع الذي أصدرته “أصداء بي سي دبليو” – شركة استشارات العلاقات العامة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – الشريحة السكانية الأكبر في المنطقة والتي تضم أكثر من 200 مليون شاب وشابة.
وتتناسب هذه الرغبة في الهجرة مع المشهد الاقتصادي القاتم في العديد من الدول العربية. وقال حوالي 72% من الشباب في شرق المتوسط (العراق، والأردن، ولبنان، وفلسطين، وسوريا، واليمن)، وحوالي ثلثي الشباب العربي (62%) في شمال إفريقيا (الجزائر، ومصر، وليبيا، والمغرب، والسودان، وجنوب السودان، وتونس)، إن اقتصاد بلدانهم يسير في الاتجاه الخاطئ.
بينما لا يزال شباب دول مجلس التعاون الخليجي متفائلين إلى حد كبير، حيث قال 88% منهم إن اقتصاد بلدانهم يسير في الاتجاه الصحيح.
وأكد الاستطلاع تصدّر الوظائف أولويات الشباب العربي مع ارتفاع مستويات بطالة الشباب في الشرق الأوسط إلى أكثر من 25% – وهي النسبة الأعلى والأسرع نمواً في العالم وفقاً لمنظمة العمل الدولية. فمن بين الشباب الذين يفكرون جدياً بالهجرة، أشار حوالي نصف (49%) المشاركين إلى أن السبب الرئيسي لرغبتهم في الهجرة هو “البحث عن فرصة عمل”.
فيما قال ربع الشباب الخليجيين إن الدافع الرئيسي لرغبتهم في الهجرة هو “خوض تجارب جديدة” مقابل 13% في شمال إفريقيا و11% في شرق المتوسط.
وعلى الرغم من مخاوفهم بشأن اقتصادات بلدانهم، أعرب ما يزيد على ثلثي الشباب العربي (69%) عن اعتقادهم بأن أيامهم القادمة أفضل، بزيادة قدرها 5% عن عام 2022. وكان الشباب الخليجي الأكثر تفاؤلاً (85%)، تلاه شباب شمال إفريقيا (64%)، وشرق المتوسط 60%.
ارتفاع نبرة التفاؤل
ومقارنةً بنتائج السنوات الأربع الماضية، بلغ تفاؤل الشباب العربي ذروته في استطلاع هذا العام، حيث قال 57% من المشاركين إنهم سيحظون بحياة أفضل من آبائهم، مقارنة مع 45% في استطلاع عام 2019. وبلغت هذه الروح الإيجابية أعلى مستوياتها لدى شباب دول مجلس التعاون الخليجي (75%)، تلتها دول شرق المتوسط (52%) وشمال إفريقيا (50%).
ولدى التفكير في السنوات العشرة القادمة، يصبو الشباب العربي بالدرجة الأولى إلى تأسيس حياة مهنية ناجحة (18%)، ومن ثم إنهاء تعليمهم (17%) والعمل على تحقيق شغفٍ ما (15%).
ومن ناحية أخرى، قال أكثر من 85% من شباب عرب إن الدول العربية يجب أن تتمسك بالقيم العالمية، مثل الحرية والمساواة واحترام حقوق الإنسان – وهو توجه يتشاركه معظم الشباب العربي في جميع المناطق الثلاث المشمولة بالاستطلاع – 91% في شمال إفريقيا، و81% في كل من دول مجلس التعاون الخليجي ودول المشرق العربي.
أمّة فتية
من جانبه، قال رئيس شركة “بي سي دبليو” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومؤسس “أصداء بي سي دبليو”، سونيل جون: “تشير رغبة الشباب العرب المتنامية في الهجرة بحثاً عن حياة أفضل إلى سمتين مهمتين: الأولى، خيبة أملهم إزاء الحصول على تعليم جيد وحياة مهنية ناجحة في بلدانهم، والثانية تتوقهم لبناء مستقبلهم”.
وأضاف جون: “تشكل هجرة الشباب استنزافاً كبيراً لاقتصاد العالم العربي، ولا بد من وقفها إذا أرادت المنطقة أن تستفيد من إمكانات شبابها. فهي تعتبر من أكثر المناطق فتيةً في العالم، حيث إن أكثر من 60% من سكانها لا يتجاوزون 30 عاماً بتعداد يتجاوز 200 مليون شاب وشابة”.
واختتم جون: “رغم المشهد الاقتصادي القاتم في دول شمال إفريقيا والمشرق العربي، يبقى الشباب رغم كل شيء متفائلاً بعيش حياة أفضل. وهو ما يؤكده الشباب العربي الذين يصرّ في معظمه على التفاؤل بمستقبل أفضل. وهذا يعني أن الدول العربية يجب أن تركز على خلق بيئة داعمة تضمن ازدهار الشباب في بلدانهم، وهذه مسؤولية مشتركة تقع على عاتق القطاعين الحكومي والخاص في آن معاً”.
تم إجراء الاستطلاع من قبل شركة أصداء بي سي دبليو خلال الفترة الممتدة من 27 اذار – 12 نيسان 2023، وتضمن 3600 مقابلة شخصية أجراها محاورون متمرسون من شركة سيكث فاكتور الاستشارية مع شبان وشابات عرب تراوحت أعمارهم بين 18- 24 عاماً.