امس الجمعة، الرابع من أب ٢٠٢٣، انها الذكرى الثالثة لجريمة انفجار مرفأ بيروت، لم استطع التوجه إلى بيروت للمشاركة في الذكرى، بقيت في المنزل اراقب القنوات التلفازية وهي تنقل ما يدور في مكان الحدث قرب المرفأ.
انها جريمة العصر التي يمكن وصفها بالجريمة الكاملة، اذ سقط اكثر من ٢٣٠ ضحية والاف الجرحى ودمرت الاف الوحدات التجارية والسكنية، والنتيجة لا موقوف واحد مشتبه به، بسبب امتيازات اطراف السلطة التي هي فوق القانون، وهي أطراف موجودة في الحكم او خارجه تطلق خطابات سياسية تبرأ نفسها وتحيل التهمة على الآخرين.
بعض القضاء متورط بعدم إكمال التحقيق وصولا لمعرفة الحقيقة، انهم بذلك ينعون الوطن ليبنوا دويلاتهم وقضاءهم. ويحولون الكيان اللبناني الى مساحة جغرافية مهمشة وهامشية.
اعتقد جازما ان جميع المتورطين في الجريمة سياسيين وامنيين واداريين وقانونيين كانوا امس يشغلون انفسهم بمواضيع سخيفة كي لا يراقبون مباشرة ما تنقله محطات التلفزة، حتى لو كانت ضمائرهم ميتة، لكنهم لا يملكون الجرأة لمواجهة الحقيقة.
انهم ينظرون الى الوطن مساحة للنهب وبناء السلطة الخاصة بهم.
ما يحصل في بيروت يعيدني الى مدينتي صيدا وما عاشته خلال الأيام الماضية، لن ادخل في قراءة أسباب ما حصل في مخيم عين الحلوة من اشتباكات مسلحة وأهداف الاقتتال.
بل لاسلط الضوء على ما عاشه المقيمين في المخيم ومنطقة التعمير، وما كانت ردة فعل السلطات المعنية تجاههم، نحو نصف المقيمين في مخيم عين الحلوة اضطروا للنزوح، والإقامة في مدارس الاونروا الواقعة خارج المخيم ومراكز الجمعيات، في منطقة تعمير عين الحلوة، وهي منطقة لبنانية ويسكنها نحو الفي عائلة، اضطر عدد كبير منها للنزوح منها الى الساحات العامة والجوامع ومنازل الأقارب، كما شهدت المدينة سقوط قذائف في الشوارع والأحياء، فكيف كان سلوك السلطة الرسمية؟ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اكتفى بتصريحات صحفية علق على ما حدث في مدينة صيدا ومحيطها وكانه يعلق على حدث حصل في المريخ. اما وزير الداخلية بسام مولوي فقد ظننت انه غادر البلد في اجازة، ولم نعرف من سلوك وزارته سوى اقفال الاوتستراد الشرقي لمدينة صيدا، في حين ان محافظ الجنوب منصور ضو اكتفى بتعطيل العمل في الدوائر الرسمية، اما ادارة المستشفى الحكومي في صيدا فقد اخلت المستشفى من المرضى بسبب وقوعه على مقربة من مناطق الاشتباكات، الا ان وزير الصحة د. فراس الأبيض يرافقه رئيس هيئة الإغاثة العليا اللواء محمد خير زارا اليوم السبت الخامس من أب مبنى المستشفى الحكومي وأعلن الأبيض إعادة تشغيل قسم غسيل الكلى ووعد بترميم ما تضرر في المستشفى.
اما الخير فقد تلعثم بتصريحه التلفزيوني وأعلن ان المشكلة عند مصرف لبنان المركزي وضرورة ان تتدخل الحكومة لفتح الاعتمادات المطلوبة لترميم المستشفى. مع العلم ان الاضرار التي أصابت المستشفى طفيفة نسبيا، طلقات رصاص في عدد من النوافذ وثلاثة الواح من الطاقة الشمسية وطلمبة ماء على السطح، وكان مدير المستشفى د. احمد الصمدي واضحا عندما حدد الاحتياجات بالامن فقط.
لكن عشرات المنازل في التعمير تعرضت الى الخراب والدمار، ويبدو ان احدهم سأل الخير جانبا عن امكانية ترميم ومساعدة المواطنين اللبنانيين، لكنه نفى امكانية ذلك، وطلب مراجعة رئيس الحكومة ميقاتي بشأن ذلك. ولمدينة صيدا تجربة مع ميقاتي عندما وعد منذ اشهر متابعة قضية النفايات وما زلنا نقول: على الوعد يا كمون.
امس الجمعة تحركت الاونروا وحضرت مديرة الوكالة في لبنان يرافقها فريق عملها وعقدت اجتماعا في بلدية صيدا بحضور عدد من المنظمات الدولية التي يمكن تساعد على تصحيح المنازل والمحلات التي تضررت في المخيم، وأن أهمية الاجتماع هو دفع المنظمات الدولية للمبادرة وخصوصا ان وكالة الاونروا لا تملك اي امكانية للقيام بالمهام المنوطة بها وبمسؤوليتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين. الا ان احدا لم يبد جديا اي امكانية لمساعدة المواطنين اللبنانيين.
ماذا فعلت السلطة تجاه مدينة صيدا خلال الأيام الماضية، ان السلطة تتجاهل المدينة الثالثة في الوطن، انها تكمل نفس السياسة التي استخدمتها في جريمة مرفأ بيروت، لتهمش مدينة صيدا وتدفع بها نحو مزيد من التهميش ولا تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها.انها سياسة ادارة السلطة ظهرها للمواطنين ولا تقوم بواجباتها المطلوبة منها. وفي صيدا لم تبادر بلدية صيدا وهي السلطة المحلية والقوى المعنية الى عقد اجتماع وتشكيل آلية ضغط على السلطات المعنية لمساعدة المواطنين، ويساعد السلطات في ذلك سلوك بعض قوى المجتمع السياسية والاجتماعية في أنحاء الوطن.