اتفق خبيران دوليان تحدثا لموقع “سكاي نيوز عربية” على أن التغير المناخي الناتج عنه ارتفاع درجة الحرارة بشكل متسارع، يهدد قدرة الأرض على توفير مصادر الحياة لمزيد من البشر.
يأتي ذلك بعد أيام من تأكيد مبعوث الولايات المتحدة الخاص للمناخ جون كيري أن النمو السكاني العالمي ليس مستداما مع توقع بلوغ عدد البشر عشرة مليارات عام 2050.
وقال كيري في مقابلة مع وكالة “فرانس برس”، في أوسلو، السبت الماضي، “أنا شخصيا لا أعتقد أن ذلك مستدام… علينا معرفة كيفية التعامل مع قضية الاستدامة وعدد الأشخاص الذين يتعين علينا الاعتناء بهم على الكوكب”.
ومنذ نوفمبر، تجاوز عدد سكان الأرض رسميا 8 مليارات، أي أكثر من ثلاثة أضعاف عدده في عام 1950. وفيما تهدد احتياجات الغذاء والطاقة موارد الكوكب ومناخه، ينتظر أن يقترب العدد من عشرة مليارات نسمة (9,7 مليارات) في منتصف القرن، وفق توقعات الأمم المتحدة.
وارتفعت درجة حرارة الأرض بنحو 1.2 درجة مئوية منذ حقبة ما قبل الصناعة، ما يترك مجالًا ضئيلًا للغاية لتحقيق هدف اتفاقية باريس المتمثل في الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية.
وإطعام 8 مليارات شخص حاليا يولد أكثر من ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسؤولة عن تغير المناخ، أيحوالى 40 بالمئة بسبب تربية الماشية ونفايات الطعام، والباقي مرتبط بإنتاج الأرز واستخدام الأسمدة وتحويل الأراضي وإزالة الغابات.
ومن ثم فإن تغير المناخ بدوره يُعقد إنتاج الغذاء من خلال الجفاف والفيضانات وغيرها من الظواهر المناخية المتطرفة.
من جانبه قال كبير مستشاري الأمم المتحدة لشؤون تغير المناخ، الدكتور محمد عبد المنعم، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” إن التغيرات المناخية لها أضرار، وهذه الأضرار تؤثر على قدرة الناس على التعايش.
التغيرات المناخية تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وهذا يقلل الأمطار ويحدث جفاف، وفيضانات وحرائق مثل الحاصلة في كندا حاليا، كما يرتفع مستوى سطح البحر.
كل هذا ينتج عنه فقدان البشر لمصادر الغذاء الخاصة بهم، وتصبح حياتهم مهددة لأن التغيرات المناخية تؤثر على عوامل إنتاج غذائهم من ماء وأرض وغابات وخلافه.
التفيرات المناخية مثلا تهدد الأرض عبر التصحر وتهدد الثروة الحيوانية عبر الفيروسات الجديدة وتهدد الثروة النباتية عبر الحرائق، وبالتالي يضيق كوكب الأرض بالبشر من حيث صعوبة العيش عليه.
واتفق معه مستشار مرفق البيئة العالمي “GEF”، مجدي علام في حديثه لسكاي نيوز عربية، في أن التغيرات المناخية تهدد مصادر الحياة على الأرض وبالتالي تؤثر على قدرة البشر على التعايش، مشيرا إلى أن الأرض قادرة على استبعاب أكثر من 10 مليارات شخص ولكن المشكلة في تهديد مصادر الحياة عليها.
إرتفاع درجة الحرارة يهدد مصادر الغذاء وفي مقدمتها القمح بالعالم كله، لأن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى إبطاء نمو القمح، وبالتالي تقوم مراكز البحوث الزراعية بتعديل جينات القمح ليكون قادرا على تحمل التغيرات المناخية من ارتفاع درجة حرارة وقلة مياه.
الدراسات تؤكد أنه بحلول 2050 سنخسر 15 في المئة من إنتاج القمح عالميا، والتأثير ممتد إلى كل مكان في العالم حتى في أميركا والصين.
منظمة الفاو تؤكد أننا حاليا نواجه ظواهر وتغيرات مناخية حادة، وستتأثر بتلك التغيرات 3 محاصيل شهيرة هي القمح والبن والقطن، وإن كان البعض يرى أن ارتفاع درجة الحرارة سيزيد من إنتاج القطن.
وفقا لمنظمة الفاو يوجد مثلث نكساس، وهو مثلث الأمن الغذائي، مكون من ثلاث عناصر، هي الماء والغذاء والطاقة، أي خلل في عنصر من الثلاثة يهدد قدرة البشر على الحياة فوق سطح الأرض.
كانت التوقعات تشير إلى أن درجة حرارة الأرض سترتفع بمعدل 1.5 درجة مئوية بحلول 2050، وهو معدل مقبول، ولكن للأسف التقارير الحديثة تؤكد أنه درجة حرارة الأرض في 2050 ستزيد بما يتخطى 2.5 درجة مئوية، لأن معدل الزيادة حاليا تخطى 1.2 درجة مئوية.
بحثا عن الحلول اتجهت الدول لحل أزمة الكربون، فالبعض اتجه لتخزينه في مناطق جليدية، والبعض اتجه لاتبعاس إنتاج وقود حيوي من الكربون في دورة تسمى عكس دورة الكربون.
من أجل القدرة على التعايش وزيادة قدرة الأرض على استيعاب البشر، لابد من البحث عن بدائل تخفف من وتيرة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
يجب تجريم حرق المخلفات الزراعية والغابات، والتوسع في زراعة الأشجار التي تمتص الكربون كأشحار المانجروف.
كذلك تقليل استهلاك اللحوم يؤدي لتقليل تربية الأبقار لأنها أكبر منتج لغاز الميثان الذي يساعد في ارتفاع درجة الحرارة.
اتباع الضوابط الصحيحة التي تخفف من درجة حرارة الأرض يجعلها قادرة على استيعاب عدد لا متناهي من البشر.