أكد الرئيس السابق ميشال عون اليوم الأربعاء، أن “الأمل بلبنان أفضل” يبدأ بالقرار القضائي الفرنسي بإصدار مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وأضاف في حديث تلفزيوني مساء اليوم: “سمعنا خطابات كثيرة عن محاربة الفساد في لبنان لكن كلّه بقي في اطار الكلام ولم يترجم عملياً في مكافحته. أول خطوة عملية كانت في قرار إجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، ويومها تجمّع الجميع ضدّي، ساد الصمت في البداية ولم يدعمني أحد، ثم ما لبث أن تحول الى هجوم متواصل في السياسة وفي الاعلام. لكن هذا الأمر لم يدفعني إلى اليأس، بل بقيت مستمراً حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم”.
وشدّد الرئيس عون على أن ” تغيب سلامة عن الحضور يشكّل مخالفة كبيرة وهروباً من التحقيق، والحل يكون بإصدار مذكرة توقيف وتبليغها إلى الانتربول الذي يقوم بتوقيفه في أي مكان في العالم، حتى في لبنان”.
وأضاف: “نحن موجودون ولن نسمح بإفلات المتورّطين من العقاب، ونحن مؤثّرون وكلمتنا مسموعة في المجتمع، وأمام الحق والحقيقة، لا يوجد قوي. وقرار طرد القاضية غادة عون هو خطأ جسيم، فهي أُجبرت على الدفاع عن نفسها عندما تمّ اضطهادها وتعطيلها من قبل القضاء كلّما أرادت التحقيق مع أحد المحميين، وهي أُجبرت على الكلام لتمارس مهنتها بضمير وبشكل صحيح، ما يعني أن المخالفة لا تقع على القاضية عون بل على من تحدّاها وأجبرها على الكلام”.
دليل واحد
وفي إطار المشاهد الانتقامية من الرئيس عون والتيار الوطني الحر، وادّعاء رئيس حكومة تصريف الأعمال على المحامي وديع عقل بجرم إثارة النعرات الطائفية، دعا الرئيس عون المدّعين إلى اعطاء دليل واحد يثبت أن التهمة صحيحة.
ولفت إلى خلل كبير على مستوى السلطة القضائية، حيث يُحاكم القضاة الذي احترموا وظيفتهم وقاموا بواجبهم. وقال: “من كان يجب طرده من القضاء هو المدّعي العام المالي الذي ارتكب خطأ جسيماً برفضه تسلّم ملفّ تحقيقات القاضي جان طنوس الذي أحيل إليه من قبل النائب العام التمييزي، من دون سبب قانوني”، مشدداً على أن “الانضباط في القضاء هو عادة أقوى من الانضباط في الجيش”.
وركز الرئيس السابق على أن “القاضي الذي يسمح بتدخّلات سياسية في عمله ليس بقاضٍ ويخالف المادة 20 من الدستور التي تعطيه أكبر حصانة بتأكيدها على استقلالية القضاة في القيام بوظيفتهم”.
التجديد لسلامة خطأ
وفي موضوع حاكمية مصرف لبنان اعتبر الرئيس عون أن “التجديد لرياض سلامة كان خطأ جسيماً ارتكبه من رفض السير باقتراحي تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، ومن يمكن أن يجدّد لحاكم المركزي هي الجهة التي تملك ثلثي مجلس الوزراء، ونحن لم نكن نملك الثلثين، وإلا كنّا عيّنا بديلاً لسلامة منذ اللحظة الاولى، ومن دون الحاجة لأي تأييد”.
وعمّا بعد رياض سلامة قال: “ولاية رياض سلامة انتهت مع صدور مذكرة التوقيف بحقّه وكان يفترض ان تنتهي منذ بدء التحقيقات في ملفّه، فسمعة حاكم البنك المركزي يجب أن تكون كالماس لا كالذهب، بمعنى أن تكون شفافة جداً”.
وأضاف: “ان الإجراء الذي يمكن اتخاذه اليوم يتراوح بين خيارين، إما ان يتسلّم نائب الحاكم الأول، وهو يتمنّع عن ذلك، وإما ان يتمّ تعيين حارس قضائي، إذ لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال تعيين بديل.”
وجزم الرئيس عون أن تعيين خلف لرياض سلامة غير مطروح الآن ومتروك للمرحلة اللاحقة، نافياً أن تكون أي جهات دولية قد طرحت الأمر أو طرحت أسماء لخلافة سلامة.
المرشح إلى الرئاسة
وأجاب ميشال عون على سؤال مرشح الرئاسية قائلًا: “أفكر بأشخاص لكن من الصعب أن أسمّيهم لأن الوضع صعب وبوادر الإصلاح ليست ظاهرة. فهل ندعم أحداً ونرميه في السلطة وهو غير قادر على العمل مع المنظومة الحالية. فأنا أعرفهم وعشت معهم. الأفضلية اليوم هي للإصلاح، والمعرقلون هم ثوابت في السلطة، وهناك تغيير يجب أن يحصل ليتمكن الرئيس من أن يكون فاعلاً”.
وتابع عون أنه “لن يكون ممكناً إيجاد مجموعة تؤمّن النصاب اللازم لانتخاب رئيس للجمهورية، والجميع ينتظر مساعدة الخارج، لكن من سيساعدنا وكيف سيكون وضع الرئيس المعيّن من الخارج؟”.
وأضاف: “من المعيب ألا يتّفق اللبنانيون على رئيس وينتظروا توصية من الخارج للتصويت رغماً عنهم لشخصية ما. ومن يُنتخب من الخارج سيكون مرهوناً للخارج”.
إنعدام الثقة بباسيل
وردًا على سؤال عن انعدام ثقة “المعارضة” بالوزير باسيل، ووضعه تحت الاختبار، ومطالبته بالسير بمرشح يرفضه حزب الله قال: “ما يطلبونه مستحيل. إذ من غير المعقول أن تقاطع طائفة أو أن يتمّ انتخاب رئيس من دونها، ولا بدّ من وجود التأييد او التفاهم. قبل انتخابي، تحاورت مع القوات اللبنانية وتيار المستقبل حتى انتخبوني علماً أنني كنت أملك غالبية الأصوات المسيحية. واتفاق التيار الوطني الحر والقوات على مرشح، لا يعني انه يمكن لهما أن يضعا فيتو على الأفرقاء الآخرين”.
وعن الانطباع اللبناني العام عن أن ثنائي أمل حزب الله لن يتراجعا حتى إيصال مرشحهما، اعتبر الرئيس عون أن “هذا الأمر يشكّل تحدياً للكتل الأخرى، فهما لا يملكان الأكثرية، ولا يمكن لطائفة أن تضع فيتو على أحد، وما ينطبق على القوات والتيار ينطبق على أمل وحزب الله. وإلا بتنا أمام تعطيل وعرقلة وضرب للعيش المشترك”.
وتابع: “رئاسياً، لا حل إلا بتفاهم يجمع الطرفين”… وإذا لم يحصل التفاهم، يرى عون أن ذلك سيفضي إلى استكمال السير في اتجاه جهنم الأكبر.. وكل الخارج يقول إن الملفّ الرئاسي يعني اللبنانيين. ولم يظهر حتى الآن ضغط من الخارج، وحدها فرنسا حاولت القيام بتجرية، ولكنها لم تنجح”.
أما عن الاتهام الموجه له بتسليم القرار السياسي لحزب الله علق عون: “لم يملِ علي أحد يوماً كلمة في خطاباتي في الأمم المتحدة. كنت أنا من يكتب خطاباتي. ومن يقول إنني سلّمت البلد، يعني أن حزب الله تصرّف وخرج على القوانين ضمن البلد. وهذا لم يحصل. فقد كان كل شيء تحت رعاية الدولة، لكن الخصومة السياسية تدفع البعض لتسويق مثل هذا الاتهام. وليس كل ما يحكى صحيحاً”.
وأوضح عون: “لم أطلب ضمانات من أحد عند إنجاز ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، لقد كان قبول من كل اللبنانيين، وحزب الله أصدر بيان تأييد، وأنا قمت بالمفاوضات. وخلال تسع سنوات، لم يتمكّن الرئيس بري من إنهاء الملفّ مطالباً بالخط 23، وما قمت به أنني أنهيت التفاوض ووصلت إلى حل على أساس الخط 23 زائد قانا من ضمن صلاحيتي الدستورية في المادة 52”.
لا للتسويات الترقيعية
وفيما يخص التسويات شدد على أن “التسويات الترقيعية لم تعد تنفع. عندما كنت رئيس كتلة نيابية، كان عنوانها “التغيير والاصلاح” على اعتبار ان لا إصلاح إذا لم يحصل تغيير، وهنا أقصد بكلامي “الحرامية”، وإصلاح النظام الاقتصادي أولاً، فحتى نحلم بشيء أفضل يجب أن يكون اللبنانيون قادرين على تأمين طعامهم.. وهذا يعني أن المطلوب تغيير المنظومة والنهج الاقتصادي قبل الوصول إلى استكمال تطبيق الطائف”.
الجمهورية الثالثة
سئل: هل يشكل عهدكم مدخلاً إلى الجمهورية الثالثة؟
أجاب: “لقد طرحت إصلاحات للجمهورية الثانية. الجميع يعرف أنني كنت ضد الطائف وقد ظهرت عيوبه اليوم.. ونظرية الرئيس القوي لم تسقط والانتخاب يحدّد ذلك. أنا كنت قوياً، وإيصال الوضع المالي إلى هذا الواقع القضائي اليوم كان يحتاج الى قوة معنوية، ولو لم أكن أملك تأييداً شعبياً لما كنت قادراً عل فعل ذلك. يقولون إنهم (ما خلوني)، وهذا غير صحيح فقد قمت بالكثير، والعراقيل لم تمنعني من الإنجاز بل أخّرتني فقط”.
عودة سوريا
وعن عودة سوريا الى جامعة الدول العربية قال الرئيس عون: “الجواب بسيط. انا مع الوحدة العربية ومع الاتفاق بين العرب. وهذا الامر يصب في مصلحة الجميع، ولبنان ضمناً، خصوصاً ان جزءاً من ضرر الحرب السورية تحمّله لبنان. فقد استقبلنا عدداً كبيراً من النازحين السوريين، فاق المليونين، وهذا يضرّ ببلدنا الذي تحوّلت الكثافة السكانية فيه الى كثافة مُدُنية”.
وأكد ميشال عون: “نحن نتعاطى مع ملف النزوح السوري من منطلق ان النازحين ليسوا لاجئين سياسيين، بل لاجئين امنيين هربوا من الحرب. والحرب انتهت ما يعني ان على النازحين ان يعودوا الى بيوتهم. والادعاء بأن النظام سيضطهدهم ليس إلا كذبة تستخدمها الدول التي تريد ابقاءهم على أرضنا. نحن نطالب بمساعدتهم ولكن في سوريا. مسألة النزوح بالنسبة الينا خطيرة”.
الاهتمام السعودي
وعن الاهتمام السعودي باعادة النازحين قال: “عودة النازحين الى بلادهم هو الحل الطبيعي، بالاضافة الى وجود شعور بالمسؤولية الجماعية للدول العربية”. وأشار إلى ان “السعودية، بالمبدأ، ستساعد في إعادة اعمار سوريا، لكن الأمر لم يُدرس بالتفصيل بعد”. وقال: “إن سيناريو تكرار تجربة اللاجئين الفلسطينيين مع النازحين السوريين لم يُطوَ بعد”.
وعن سبب تأخر عودة سوريا الى جامعة الدول العربية قال: “الدول العربية كانت خاضعة لقانون مقاطعة سوريا الذي وضعته الولايات المتحدة الأميركية”.
ونفى عون وجود اتفاق بين العرب واميركيا بموضوع استعادة العلاقات مع سوريا، مشيراً الى ان “اجماعاً عربياً تبلور اليوم بالعودة عن هذه المقاطعة، وتمرّدوا على قانون المقاطعة الأميركي”.