/ رندلى جبور /
تقول الحكاية التي لا يُكتب مثلها إلا في لبنان، أن حاكم مصرف مركزي يدعى رياض سلامة، مدّعى عليه في وطنه وفي أكثر من ست دول حول العالم، بجرائم اختلاس وتهريب وتبييض أموال وسرقة مال شعب، استُدعي منذ أكثر من شهر إلى جلسة استماع أجنبية في بيروت.
وكان قصر العدل شاهداً على إبلاغه من قبل القاضية الفرنسية أود بوريزي،وجاهياً، بضرورة حضوره جلسة تحقيق معه في باريس في السادس عشر من أيار.
انتفض القضاء اللبناني لكرامته، وطالب القاضية الفرنسية بالمرور عبره.
بوريزي احترمت الطلب اللبناني وجيّرت له مسألة إبلاغ سلامة.
وكان العيب الكبير ما أدلى به قاضي التحقيق شربل أبو سمرا عن أنه “فتّش عن الحاكم ولم يجده في أي مكان”، مع العلم أن منزليه المصرّح عنهما معروف مكانهما في الرابية والصفرا، ومكان “عقد صفقاته” معروف أيضاً في البنك المركزي، عدا عن أنه يسوح في بلاده ووصل الى أقاصي بعلبك.
وسُرّبت معلومة عن أن جهازاً أمنياً توجه أربع مرات، الأسبوع الماضي، إلى المصرف المركزي للتبليغ، وأيضاً لم يجده.
فماذا يعني ذلك؟
يعني أولاً أن القضاء اللبناني فَقَدَ جدّيته ومصداقيته، أمام اللبنانيين الشرفاء وأمام القضاء الدولي.
ويعني ثانياً أن صيت المركزي اللبناني، وحاكمه، بات “بالأرض” بالنسبة إلى الخارج، ولا ثقة.
ويعني ثالثاً أن القضاء الفرنسي يمكنه اتخاذ الاجراء الذي يراه مناسباً، وهو أصدر مذكرة توقيف دولية، وأصبح رياض سلامة هارباً من العدالة الدولية، ومطلوباً من الانتربول، إلا إذا هرب، بعيداً عن مخابئه اللبنانية،لاستكمال “البزنس” في إمارة الشارقة التي لم توقّع الاتفاقات الدولية لتسليم المطلوبين من هذا النوع، علماً أن أي محاولة للخروج من لبنان عبر المطار تفرض على الأجهزة الأمنية اللبنانية القبض عليه وتسليمه للإنتربول.
وهذا يعني، أخيراً، أن مفهوم المؤسسات، وفصلها عن بعضها البعض،واستقلاليتها، قد ضُرب من بيت أبيه بصفعة قضاة يلاحقون الشرفاء منهم، ولا يعثرون على المجرمين.