حمل بيان الأمين العام للأمم المتحدة، المتعلّق بوقف إطلاق النار في غزّة، مفارقة غريبة نسبياً، تمثّلت بإشادته الاستثنائية بدور لبنان في التوصل إلى تسوية وقف إطلاق النار، إلى جانب مصر وقطر والولايات المتحدة.
لكن هذه المفارقة، على أهميتها، لم تأخذ حيّزاً من الاهتمام على مستوى الدولة، وهو ما بدا غريباً في عدم تفاعل لبنان الرسمي مع هذا التنويه بدوره في قضية الحرب على غزّة التي لم يسبق أن لعب فيها لبنان أي دور سابقاً.
ما هو الدور الذي قام به لبنان؟ وعلى أي مستوى؟ وما هو حجم مساهمته في التوصّل إلى قرار وقف إطلاق النار؟
لا يملك أحد من المسؤولين الرسميين في السلطة السياسية معطيات كاملة حول هذه المسألة، خصوصاً أن الأنانيات تلعب دوراً في طمس دور مهم لعبه لبنان، عبر أي مسؤول ومن أي مستوى.
لكن “وكالة الصحافة الفرنسية” كشفت جانباً من الدور الذي قام به لبنان للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزّة، مساء يوم السبت الماضي، بعد خمسة أيام من قتال عنيف نجحت فيه المقاومة الفلسطينية بتأكيد التوازنات السابقة وتجديد قواعد الاشتباك.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر دبلوماسي قريب من المفاوضات قوله إن عدة جولات فاشلة من محادثات الهدنة أثارت مخاوف من تصاعد الصراع قبل التوصل إلى اتفاق.
وأضاف المصدر، الذي لم يصرح له بالتحدث علنا لوسائل الإعلام، إن رئيس لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني الدكتور باسل الحسن كان “الوسيط الرئيسي” في الاتصال بقيادة حركة “الجهاد الإسلامي” وإعادة المحادثات إلى مسارها الصحيح.
وقال مسؤول باللجنة طلب عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية المفاوضات “تمكنّا من اتخاذ ترتيبات معينة حتى تكون هناك قناة اتصال مع الأمم المتحدة والمصريين”.
وتفيد المعلومات أن لبنان، عبر رئيس لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني الدكتور باسل الحسن، كان قناة الاتصال الوحيدة بين قيادة حركة “الجهاد الإسلامي” وبين المسؤولين في الأمم المتحدة ومصر وقطر، وهو ما ساهم في تسريع التفاهم على صيغة وقف إطلاق النار، وهو ما استدعى الإشارة اللافتة من الأمين العام للأمم المتحدة بتوجيه الشكر للبنان، لأول مرة في تاريخ المواجهات التي وقعت بين الاحتلال الإسرائيلي وغزّة أو الضفة الغربية واتفاقات وقف إطلاق النار.
وتحفّظت المصادر عن كشف تفاصيل إضافية حول كيفية حصول التواصل مع قيادة حركة “الجهاد الإسلامي” وما إذا كان ذلك حصل في العاصمة اللبنانية بيروت أو مع مكان إقامة قيادة الحركة.