/ غاصب المختار /
أخذ خصوم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ومعارضو ترشيحه لرئاسة الجمهورية عليه “إشهاره” الدائم انتماءه الى محور الممانعة أو فريق 8 آذار، وخاضوا ضده حملات سياسية وإعلامية وصلت بالقوات اللبنانية مثلاً إلى حدّ إعلان “عدم الاذعان للضغط السعودي بإنتخابه في حال تغير موقف الرياض بإتجاه الموافقة على ترشحه”.
وبغض النظر عن موقف فرنجية الثابت في انتمائه منذ ما قبل اتفاق الطائف وما بعده، فهو لا يختلف عن كل القوى السياسية في إعلان ثباتها على مواقفها المعارضة لخيارات فرنجية، وعلى هذا من حق مؤيدي فرنجية رفض أي مرشح من الفريق الآخر حتى لو كان مسربلاً بالفضائل.
لكن مصادر متابعة لحركة فرنجية تؤكد لموقع “الجريدة” أنه ولو كان يؤكد صبحَ مساء تمسكه “على راس السطح” بانتمائه، فهو عند إعلان برنامج ترشيحه من بكركي ومن منبر تلفزيوني مؤخراً، قال ان “ثمّة ولكن” في حال انتخابه، بحيث أنه سيكون رئيساً لكل اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم، وأنه مستعد للحوار مع كل القوى السياسية لطمأنتها وتبديد هواجسها، وصولاً الى إعلان استعداده للإستقالة من منصب الرئاسة في حال لم يتمكن من تحقيق برنامجه!
حتى هذه المواقف التطمينية لم”تشفع” لفرنجية، ولم تُسهّل له إمكانيات فتح باب الحوار والنقاش مع الآخرين الذين تمسكوا بقاعدة “عنزة ولو طارت”. فالرجل مرفوض من قبلهم بسبب إختلاف الخيارات والولاءات والارتباطات، هو مع سوريا والمقاومة، والآخرون بعضهم مع هذا المحور الخارجي أو ذاك، مع هذه الدولة أو تلك، “يضربون بسيفها” ويتبنّون مواقفها وخياراتها.
وهنا يدخل “اللاعب الأميركي” في الظل، ليقرر ما هو مقبول وما هو مرفوض، وقد نقل أحد النواب الذين زاروا واشنطن مؤخراً معلومات لموقع “الجريدة” مفادها أن “أعضاء الطاقم التنفيذي في الادارة الأميركية (مساعدو وزير الخارجية) لم يطرحوا على الوفد أي اسماء تدعمها هذه الإدارة، ولم يعترضوا على اسم سليمان فرنجية أو سواه، وأنها تؤيد ما يتفق عليه اللبنانيون ضمن مواصفات معينة للرئيس العتيد”. لكنهم سمعوا من بعض اعضاء الكونغرس الأميركي “استفساراً” عن حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون بالوصول إلى الرئاسة، وكان جواب الوفد ان انتخابه يحتاج الى تعديل دستوري غير متاح حالياً.
لكن معلومات النواب تفيد أن الإدارة الأميركية “فرملت” اندفاعة باريس بدعم فرنجية، وطلبت منها التروي لأن لها رأي آخر ومقاربة أخرى، وأهداف أخرى للإستحقاق الرئاسي، تبدأ من موقفها من المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي ولا تنتهي بالموقف من العلاقة مع سوريا، وهذا ما يُفسّر صدور بيان عن الخارجية الفرنسية بأنها لا تدعم أي شخص.
وبحسب المصادر اللبنانية الرسمية، فإنّ ملف الرئاسة اللبنانية بيد القصر الرئاسي ومساعدي الرئيس ايمانويل ماكرون وليس بيد الخارجية، وبالتالي كان إصدار البيان بمثابة “إرضاء” للأميركيين، لكنه عملياً لم يُقدّم او يؤخر في اندفاعة قصر الإليزيه في مواصلة التسويق لفرنجية وبصورة خاصة لدى السعودية.
واذا كان الأميركي “لا يقف عند خاطر أي طرف” سوى خاطر مصالحه وسياساته في الشرق الأوسط، فإن سياسته وشروطه السلبية تجاه لبنان، عامل اساسي من عوامل استمرار الازمات التي يعيشها البلد، سياسياً واقتصادياً ونقدياً ومعيشيا وخدماتياً (حصار الكهرباء)، ويبدو أن ضغوطه أقوى من المساعي الفرنسية الرقيقة التي لن تصل إلى نتيجة من دون رضى وموافقة الأميركي، حتى لو نجح الفرنسي في تغيير الموقف السعودي.