لسنوات، تراود الأشخاص أحلام بأنّ أسنانهم تتكسّر، أو تتخلخل، أو تقع. وتتكرّر أحلام مثل الطيران، أو التدحرج من سيارة، أو التأخر بالذهاب إلى المدرسة أو العمل. وهذه ليست كوابيس نموذجية تحدث لمرة واحدة، بل أنّ بعضًا من الأحلام المتكررة الأكثر شيوعًا، تميل إلى الاستسلام للسلبية، وقد تتطلب بعض الجهد للتغلب عليها.
وقالت ديردري باريت، الباحثة في مجال الأحلام، والمحاضرة بعلم النفس في قسم الطب النفسي بكلية الطب في جامعة هارفارد، إنه “يُرجّح أن تكون الأحلام المتكررة نتيجة لتجارب حياتية عميقة جدًا، أو مجرد قضايا منطقية شخصية للغاية قد تتكرّر في حياة اليقظة لأنها جزء منك، عوض أن تشكل حدثًا لمرة واحدة”.
وأوضحت باريت أنّ أحلامنا عادة لا تكرّر نفسها، فكل ما يتطلبه الأمر أن نحلم الحلم عينه مرتين أو أكثر حتى يعتبر متكرّرًا. ولفتت إلى أنّها أكثر شيوعًا في الطفولة، لكن قد تستمر حتى مرحلة البلوغ. وتابعت باريت أنّ الأحلام المتكررة لا تحدث دومًا في فترة زمنية قريبة، فقد تحلم بها مرات عدة في الشهر أو على مرّ السنوات.
وقال الخبراء إنّ الأحلام المتكررة قد تكون عينها في كل مرة، أو قد تعيد تدوير أنواع السيناريوهات أو المخاوف ذاتها.
وأشارت الدكتورة نيريت سوفر دوديك، عالمة النفس السريري، والمحاضرة الأساسية بقسم علم النفس في جامعة بن غوريون في إسرائيل، إلى أنّه “من الصعب تقييم مدى انتشار الأحلام المتكررة لأنها ليست حدثًا يجري على نحو منتظم لدى غالبية الناس”.
وتابعت أنه “عندما يُسأل الناس عن أحلامهم السابقة، فقد يتأثرون بتشوهات الذاكرة، أو الاهتمام بالأحلام (أو عدم وجودها)، أو عوامل أخرى”.
ومهما كان الأمر، فإن أي شيء يتكرّر يستحق البحث عن سببه، وفقًا لما ذكره الدكتور أليكس ديميتريو، اختصاصي طب النوم، ومؤسس شركة Silicon Psych للطب النفسي وطب النوم في مينلو بارك، بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وقال ديميتريو إن “لدى الناس هذا النوع من مقاربة المرحلة الحرجة مع الأمور غير المريحة أو المسبّبة للخوف، وأعتقد أن الأحلام، بطريقة ما، هي عينها”. وتابع: “بصفتي طبيب نفسي، فإنني أجنح للقول إن هناك بعض الرسائل التي قد تحاول (الأحلام) إيصالها إليك. والإجابة، قد تكون معرفة ما هي. وأعتقد أنه عندما تفعل ذلك، ستشعر بالراحة”.
إليك السبب وراء تكرار أحلامك:
ماذا في الحلم؟
بالنسبة لبعض الأحلام المتكررة، تكون الرسالة مباشرة، فإذا كنت تحلم مرارًا بأنك تأخرت عن المدرسة أو العمل، فيحتمل أنك غالبًا ما تكون متوترًا بشأن عدم جهوزيتك لذلك. لكن أحلامًا أخرى، رغم شيوعها، قد لا يكون لها معنى، ما يتطلب منك القيام ببعض البحث عن النفس لمعرفة المزيد.
وأضاف أنّ “الدماغ يحاول حل أمر ما ووضعه في حالة راحة، لكن بحالة الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، تكون أحلامهم حية لدرجة أنها توقظهم من النوم. وتصبح هذه مشكلة لأن الحلم لم يعالجها أبدًا.. ولهذا السبب يتكرر، فهو بمثابة عمل غير منجز”.
وأحيانًا تشير الأحلام المتكررة إلى مشاكل بيولوجية أيضًا. وشرح ديميتريو أنّ “الأشخاص الذين يعانون من توقف التنفس أثناء النوم سيبلّغون عن أحلام، مثل الغرق، والاختناق، والأمواج العملاقة، واللهث بحثًا عن الهواء، والبقاء تحت الماء أو الاختناق”، عندما يعانون بالفعل من انقطاعات في التنفس بسبب حالتهم.
كيفية التعامل مع الأحلام المتكررة
ما أن يكون لديك إحساس أفضل بمخاوفك، فإن الكتابة عنها قبل النوم قد تكون مفيدة للتخفيف من الأحلام السلبية المتكررة، والتوتر عمومًا.
وقال ديميتريو: “بالنسبة لي ولمرضاي، يُعد التدوين أداة قوية للغاية”.
وعندما تعرف ما هو الخوف الذي ولّد حلمك، يوصي ديميتريو بمعالجته بطريقة الأعمدة الثلاثية المستخدمة في العلاج السلوكي المعرفي: ما هو تفكيرك التلقائي؟ ما هو شعورك التلقائي؟ أخيرًا، ما هو االتفكير البديل الأكثر استنادًا إلى الواقع؟
وقد يكون علاج تدريب الأحلام، المعروف أيضًا باسم العلاج التمهيدي التخيلي، فعالًا لكل من الأحلام المتكررة والكوابيس. ويتضمن هذا النهج تدوين العناصر السردية للحلم بالتفصيل، ثم إعادة كتابته بحيث ينتهي بشكل إيجابي، والقول بصوت عالٍ قبل النوم: “عندما تراودني بدايات الحلم السيئ عينه، فسأكون قادرًا على عكس نتيجته على نحو إيجابي”.
ولفت الخبراء إلى أنه في حال بدأت أحلامك المتكرّرة تُشعرك بالتوتر، أو التعاسة، أو تسبب أعراضًا أخرى، أو بدأت بإضعاف قدرتك على العمل بشكل منتظم، فقد حان الوقت لطلب المساعدة المتخصصة.
قد يكون هناك سبب آخر
ومن جهتها، قالت سوفر دوديك إن الأحلام المتكررة يمكن أن تنجم أيضًا عن عادات نوم سيئة.
وأوضحت أن “الكثير من الأمور المحرجة تحدث في الليل عندما يُحرم الناس من النوم، أو يشربون الكافيين أو الكحول في وقت متأخر، أو يعملون لوقت متأخر”. وتابعت أن “الجوهر والأساس لحياة الأحلام الصحية يبدأ بالنوم الصحي.