بقلم وفيق الهواري.
يبدو ان نظام المحاصصة المستخدم في إدارة السلطة اللبنانية قد ارخى بظلاله على مدينة صيدا وعلى القيمين عليها.
لقد استطاع هذا النظام التحاصصي النجاح في إنهاء دور المؤسسات الدستورية التي تحولت الى تجمعات ترفع الأيدي بالموافقة على ما يتفق عليه أولياء الأمور. لن ننسى كيف كان الرؤساء الثلاثة يجتمعون ويتفقون على قوانين ومراسيم ثم يدعون مجلس الوزراء ومجلس النواب لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وإصدار القانون المطلوب او المرسوم الذي يلبي ما يريده الرؤساء.
وفي صيدا يبدو انهم يسيرون وفق الخطة عينها، فقد صدر بيان صحفي يوم الاربعاء ٢٢ اذار ٢٠٢٣، يقول ان رئيس المجلس البلدي المهندس محمد السعودي قد دعا الى اجتماع ضم اعضاء هيئة المتابعة لمبادرة “صيدا تواجه” وفيه أبلغهم عن جملة مشاريع إستثمارية مقدمة، منها مشروع إستثمار في مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الرياضية (ملعب صيدا البلدي) الذي تقدمت به مؤسسة اليمن غروب، “حيث تم التوافق على دراسة المشروع والرد خلال أسبوع” ولم يعلن من توافق مع من، وعلى ماذا؟؟ ولم يعلن اذا كان المجلس البلدي قد اجتمع واتخذ قرارا بشأن ذلك. وبما ان ملعب صيدا البلدي هو ملك بلدي أليس من الأفضل نشر المشروع وطرحه للمزايدة اذا كان المجلس البلدي قد ناقش الموضوع وعليه البحث بأفضل الشروط للحصول على أعلى استثمار يؤمن مدخولا رافداً لصندوق البلدية وبشروط تؤمن مصالح البلدية والمدينة.
ويضيف البيان الصادر عن البلدية انه
“تم عرض مشروع آخر تقدم به السيد عبدالودود النصولي لإستمثار مساحة 40-60 ألف متر مربع من قطعة الأرض المردومة جنوبي حديقة المهندس محمد زهير السعودي العامة في محلة سينيق ، وتم التوافق على دراسة المشروع وإستكمال بعض التفاصيل حوله”.
وهنا يصاب المواطن بصدمة قاتلة، المجلس البلدي لم يطلع على المشروع ولم يناقشه، وكما يبدو ان المجلس البلدي لم يقرأ ولم يناقش المرسوم ٣٠٩٣ الصادر في نهاية ايار ٢٠١٨، بخصوص الارض المردومة، والذي نص على حق البلدية استثمار هذه الأرض المردومة وفق شروط حددها المرسوم المذكور، وعلى الرغم من مرور نحو خمس سنوات على صدوره فان البلدية لم تقدم دراسة جدوى اقتصادية بهذا الشأن كما اشترط المرسوم ولم تصدر اي دراسة للاثر البيئي لها. ولا هي درست واعتمدت اي من الخيارات المتاحة لمصلحة المدينة وخصوصا ان هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها ٥٠٥ الف متر مربع قد ترسم مستقبل المدينة ونوعية دورها. والسؤال: ما هو المشروع وما هو دوره الاقتصادي وأثره البيئي؟ وهل يتحمل اعضاء المجلس البلدي مسؤولية تمرير هذا المشروع قبل اعتماد المخطط التوجيهي للمنطقة؟ لانهم بذلك يخالفون القانون، وعليهم مراجعة المرسوم المذكور، وايضا ضرورة نقاش الخطط والمشاريع الاقتصادية المقترحة وبشفافية، وهذه مسؤولية جميع من يهتم بالشأن العام.
واكمل البيان الصادر عن البلدية، ان المجتمعين ثمنوا الدراسة التي ارسلها وزير البيئة د.ناصر ياسين حول مركز معالجة النفايات!!!!، مع العلم ان الوزير ياسين ارسل الدراسة الى البلدية يوم ١١ كانون الثاني ٢٠٢٣، وحتى اللحظة لم يناقش المجلس البلدي الدراسة المقدمة، على الرغم من إقرار جميع من إطلع عليها باهميتها كدراسة تصف الواقع وتؤشر الى الاحتياجات المطلوبة لكنها، وهذه ليست من مسؤولية الخبير، لم تلحظ كيفية التصحيح.
ويشير البيان الى ما تم تنفيذه من بنود الدراسة، وهنا العجب، المعمل لا يعمل فعليا، والنفايات باتت تحتل كل مساحاته، والمعلومات تشير الى ان ادارة المعمل قد حصلت على مبلغ كبير من مستحقاتها من الحكومة اللبنانية وحتى كتابة هذا المقال لا جديد في وضع المعمل، والمشكلة الاساس عند إتحاد البلديات وبلدية صيدا بعدم استخدام
المسار القانوني، يعني ان يناقش المجلس البلدي الدراسة ثم يشكل لجنة من المعنيين رسميين ومن المجتمع المدني كي تتم متابعة وضع المعمل.
اننا في لبنان نعيش نتائج سياسة نظام المحاصصة وإلغاء المؤسسات الدستورية، ولا نريد أن تتكرر التجربة في صيدا