كتب خضر أنور
إن النظام الاجتماعي هو مجمل العلاقات الدائرة في المجتمع ببعدها السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي
ان النظام في لبنان يتفجر بتناقضاته البنيوية
الأسباب الاقتصادية لانهيار النظام الاجتماعي في لبنان :
-النمط الاقتصادي الذي ساد تحديدا بعد الحرب من المضاربات وامولة الاقتصاد من جهة وضرب الانتاج الاساسي للمجتمع من جهة اخرى
-تفتيت كل الامكانيات والمقومات التى تنظم القوى المنتجة كضرب القطاعات المنتجة واثرها على القوى المنتجة، كالتهجير لليد العاملة المتخصصة .
-علاقات الانتاج القائمة على تقسيم العمل على اسلوب ماكدونالد في قطاع الخدمات مما سهّل امكانية استبدال العمال نتيجة عدم الحاجة للخبرة المتخصصة ، تقسيم العمل بنائا على الجنسية ومعاملتها كيد عاملة رخيصة ….الخ
الأسباب الاجتماعية لانهيار النظام الاجتماعي في لبنان:
و لا بد من ذكر الأسباب الاجتماعية التي أدت إلى تفجير هذا النظام بتناقضاته البنيوية و من هذه الأسباب :
-توليفة العلاقات الاجتاعية التي انتجتها العلاقات الراسمالية والتي انعكست بشكلها على تركيبة النظام السياسي كالطائفية , المحاصصة ….
-تحويل جزء من الفائض لقوى تدمير المجتمع كالتمويل المادي المقدم من الدولة عبر بنكها الى مؤسسات الاحزاب السياسية التعليمية والدينية كاحدى مؤسسات الهيمنة الثقافية للطبقة المسيطرة او عبر الاستدانة ونهبه مثل باريس واحد , 2,….الخ
-تفتيت القوى المنتجة عبر العنصرية حيث فك امكانية خلق اطارات تنتظم فيها القوى المنتجة كاطارات توفر التضامن الاجتماعي انطلاقا من واقعها الاقتصادي والاجتماعي .
-تعزيز ثقافة الاستهلاك على ثقافة الانتاج .
-ضرب مقومات الانتاج الفكري عبر تحوير دور المؤسسات التعليمية من تطوير المجتمع الى اعادة انتاج اقتصاد ينمو على المضاربات والخدمات دون الانتاج (تشيؤ العلم) .
فان هذه المسببات هي قلة قليلة من مسببات تفجر هذه التناقضات المترابطة بشكل مباشر مع ازمة النظام العالمي كخسائر بنك عودة خارج لبنان فالبنك المركزي موّل هذه الخسائر عبر الهندسات المالية .
-تناقضات اودت الى سلك مسار تفتت المجتمع بكل مؤسساته .
-نظرة تشاؤم حول البربرية القادمة وجذورها فان النظام الاجتماعي الذي كان يعيد انتاج نفسه كان يثبت الهيمنة الطبقية عبر ضرب دور القوى المنتجة من اعادة انتاج المجتمع بشكل تطوري الى اعادة انتاج النظام بشكل اشرس لضرب القوى المنتجة وتدميرها وتعزيز دور قوى التدميرية للمجتمع كالقوى الاجتماعية التي تعزز الهيمنة الثقافية للنظام و أيدولوجيته
مثلا : استطاع النظام اغراق الحركات الاجتماعية التي تتجسد في فعل وثقافة المقاومة بوجه الاحتلال و استوعابها لتصبح جزء منه وتحويل بُعدها من الثوري الى القمعي، فمن مقاومة شعبية بوجه كميل شمعون وبوجه الاحتلال 82 من منظور مجتمعي الى مقاومة من منظور ديني . واخيرا اقصى مراحل تشويه مفهوم دور المقاومة نفسه في اللاواعي الجماهيري لتحمل في طياتها ادوات قمعية بحتة.
فنتيجة هذه الصيرورة أن القوى التدميرية تمتلك مقومات اعادة الانتاج الاجتماعي بعكس القوى المنتجة لا بل تمتلك ايضا جذب القوى المنتجة نتيجة هيمنتها الثقافية والعلاقات الاقتصادية-الاجتماعية السابقة من جذبها لصالحها لنجد ان المسار ممكن ان يؤدي الى جماعات مناطقية منخرطة فيه بما يسمى اقتصاد الحرب كتدخير المازوت والخبز .. والاقتصاد الاسود كالتهريب .
-شرخ الافراد عن بعضها ضمن الجماعات نفسها فالعديد يعبر عن شعور عدم الانتماء ووجود ازمة هوية اجتماعية للافراد نتيجة انعدام شعور اهمية الدور الفردي باعادة انتاج المجتمع من جهة وعزل الافراد عن بعضهم ذو خصائص الانتاج المشتركة عبر تدمير كافة الاطارات التي ممكن ان تجمع الافراد ضمن جماعات كالنقابات والاحزاب .
-افراد منسلخة عن الواقع وفهمه كالزومبي نتيجة مساعيها للهروب منه ماديا بعد عجزها عن تغييره ولهذا تأثيرين الاول عدم وجود قوى اجتماعية تعبر عن المجتمع لتحريره من القيود كمقومات تنظيمية وسياسية وفكرية…الخ ،نتائج الهيمنة الثقافية التي تعبر عن ثبات الواقع وعدم تغييره .
-انهيار المؤسسات التعليمية ,فالتعليم الاكاديمي دوره اعادة انتاج النظام الاجتماعي ببعده الاقتصادي والاجتماعي .
ففي لبنان كان تدمير التعليم الرسمي اسلوبا لتعزيز ارباح المؤسسات التعليم الخاص ,كان يؤمن اعادة انتاج الهيمنة الثقافية من خلال المنهج ومن خلال تواجد المؤسسات تعليم القوى التدميرية ودعمها كاداة هيمنة اجتماعية كان يؤمن المساهمة في إعادة انتاج النمط الاقتصادي القائم في لبنان حسب سوق العمل واستنذاف القادرين على الانتاج عبر تهجيرهم الممنهج عبر المنح او خلفية الاتفاقيات بين الجامعة اللبنانية والخارج لتطوير الانتاج العالمي .
-انهيار الدولة التام في المفهوم وفي الدور السياسي الاقتصادي والاجتماعي فالدولة لقد سقطت شرعيتها وقدسيتها وهذا يمكن ملاحظتها بالتعايش المباشر في المجتمع حيث ان شرعية العشائر والاحزاب والمراكز الدينية لديها السلطة الاقوى من الدولة مجتمعيا وبالتالي المفهوم الغربي للدولة الذي يمثل الشرعية في القانون والمؤسسات التي تنظم النظام الاجتماعي في مجتمعنا الذي يمثل الشرعية هم القوى التدميرية انفسهم وبالتالي يمكن تصور شكل المجتمع القادم بدويليات .
على الصعيد الاقتصاد السياسي
يمكن ان نلاحظ على صعيد الاقتصاد السياسي بعدم قدرة النظام السياسي من اعادة انتاج نفسه لسبب التناقضات الداخلية وحالية التغيير الاجتماعي كضرب التوازن السياسي بسبب اختلافات موازيين القوى بشكل كبير ، بالاضافة الى الازمة العالمية الناتجة عن ازمة النظام الراسمالي العالمي بالاخص بعد تراجع تفرّد الامريكي كقطب واحد وظهور اقطاب تصارع .
ويرافق هذا تناقض ما بين دور الحكومة بالدولة البرجوازية وبين اصحاب المصارف على مدى سنتين حول مدى تحقق رغبات الربحية لاصحاب المصارف حتى بلغت حدة الامر الى بيع اصول الدولة اي الاملاك العامة , الامر الذي رفضه البنك الدولي لعله يعلم عبر دراسات ان هذا الامر سيؤدي الى تفجير تناقضات النظام الاجتماعي وسيستفيد من هذا التناقض اقوى قوى اجتماعية سياسيا وعسكريا للسيطرة .
مثلا: كان ميشال شيحا يعتبر ان من صالح البرجوازية اللبنانية بناء دولة مؤسساتية بعيدة من المحاصصة والطائفية
و لا بد من الإشارة الى ان بنية تشكل البرجوازية اللبنانية تتعارض مع مفهوم الدولة نفسه مما ادى الى امكانية اعادة انتاج نفسها دون دولة لتبتكر ادوات قمعية اخرى لعلها القوى التدميرية الحزبية .
انهيار المؤسسات القانونية الذي بدء فعلا ،فان الدوائر في القطاعات العامة ومؤسساتها اصبحت مراكز اشباح .
دور الثوريّين في المجتمع
ان المجتمع نتيجة الكم من التناقضات يتجه الى تدمير ذاته ليعيد انتاج نفسه بشكل بربري راسمالي , فأن الثوريّين دورهم تاريخي في هذه المرحلة الانتقالية. نحن نعلم من اين ننطلق من المجتمع القديم لاننا عايشناه ،لكننا لم نفهمه ولكن يمكننا ان نحدد الى اين ،ونغير مسار البربرية . في هذه المرحلة الانتقالية بعد سرعة تفتت المجتمع وتسارع الامور يجب استخلاص العديد من الامور .
الحاجة الى فهم هذه المرحلة وتناقضاتها فالملفت للنظر ان العديد من الاشخاص الذين راكموا التجربة الميدانية ومن كان على اطلاع على المناهج الفكرية بدء الحديث عن اعادة فهم الواقع الاجتماعي , رغم من ان لا احد قد وصل الى خلاصات اساسية. ولكن بدأت المحاولات في فهم الواقع نفسه وحتى نقد العديد من المفاهيم والاساليب النضالية ويمكن ملاحظة هذا ان العديد من كانوا في الميدان كانت رسائلهم الاكاديمية للدكتوراه عن نقد مفاهيم ومحاولة قراءة للواقع الاني ومن تلك الرسائل يتم استخلاص افكار حول اشكال التغيير .
و من الضروري كسر دينامكية الانهيار الاجتماعي عبر تنظيم الفئات الاجتماعية الاكثر تضررا من النظام الاجتماعي السابق والبربري القادم . ان هذا التنظيم يبدأ بالضرورة على حسب المصالح والحاجات الاقتصادية والاجتماعية للفئات الاجتماعية .
و اخيرا ضرب اعمدة النظام القديم اثناء بناء هذه الفئات لبناء اعمدتها الاقتصادية والاجتماعيةو إن النظام الاجتماعي هو مجمل العلاقات الدائرة في المجتمع ببعدها السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي ..