قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته، الأحد 12 مارس/آذار 2023، إن علماء أطلقوا صيحات تحذير من أن كوكب الأرض يواجه “كارثة فسفورية”، وهم يخشون أن يؤدي سوء استخدام البشر للفسفور إلى نقص حاد في الأسمدة من شأنه أن يعطل إنتاج الغذاء العالمي.
في الوقت نفسه، يؤدي تصريف الأسمدة الفوسفاتية من الحقول -جنباً إلى جنب مع الصرف الصحي في الأنهار والبحيرات والبحار- إلى انتشار الطحالب على نطاق واسع وإنشاء مناطق مائية ميتة تهدّد الأرصدة السمكية.
تحذيرات من الإفراط في استخدام الفسفور
بالإضافة إلى ذلك، حذر باحثون من أن الإفراط في استخدام هذا العنصر في إشارة إلى الفسفور يؤدي إلى زيادة انبعاثات الميثان عبر الكوكب، مما يزيد من الاحتباس الحراري وأزمة المناخ الناجمة عن انبعاثات الكربون.
قال البروفيسور فيل هيغارث من جامعة لانكستر: “لقد وصلنا إلى نقطة تحول حرجة. قد نكون قادرين على العودة إلى الوراء، ولكن علينا حقاً أن نتحد معاً وأن نكون أكثر ذكاءً في الطريقة التي نستخدم بها الفسفور. إذا لم نفعل ذلك، فإننا نواجه كارثة فسفورية”.
يذكر أن الفسفور قد اكتُشِفَ في عام 1669 من قبل العالم الألماني هينيغ براندت، الذي عزله عن البول، ومنذ ذلك الحين ثبت أنه ضروري للحياة. تتكون العظام والأسنان إلى حد كبير من معدن فوسفات الكالسيوم -وهو مركب مشتق من الفسفور- بينما يزوِّد العنصر أيضاً الحمض النووي بعموده الفقري المكون من فوسفات السكر.
لا حياة بدون الفسفور
أوضح البروفيسور بيني جونز من جامعة بريستول، قائلاً: “ببساطة، لا توجد حياة على الأرض بدون الفسفور”.
تكمن الأهمية العالمية للعنصر في استخدامه للمساعدة في نمو المحاصيل. يُباع حوالي 50 مليون طن من الأسمدة الفوسفاتية في جميع أنحاء العالم كل عام، وتلعب هذه الإمدادات دوراً مهماً في إطعام سكان الكوكب البالغ عددهم 8 مليارات نسمة.
مع ذلك، توجد رواسب كبيرة من الفسفور في عدد قليل من البلدان: المغرب والصحراء الغربية لديهما أكبر كمية، والصين ثاني أكبر بلد لديه رواسب، والجزائر في المرتبة الثالثة. في المقابل، انخفضت الاحتياطيات في الولايات المتحدة إلى 1% من المستويات السابقة، بينما كان على بريطانيا دائماً الاعتماد على الواردات. وأضاف جونز: “احتياطيات الفوسفات الصخري التقليدية نادرة نسبياً وقد استُنفِدَت نظراً لاستخراجها لإنتاج الأسمدة”.
في سياق موازٍ، أثار هذا الضغط المتزايد على الفوسفات مخاوف من أن يصل العالم إلى “ذروة الفسفور” في غضون سنوات قليلة. ستنخفض الإمدادات بعد ذلك؛ مما سيجعل العديد من الدول تكافح للحصول على ما يكفي لإطعام شعوبها.
يثير هذا الاحتمال قلق العديد من المحللين، الذين يخشون من أن بعض الشركات الكبرى يمكن أن تتحكم قريباً في معظم إمدادات العالم وتترك الغرب معرَّضاً بشدة لارتفاع الأسعار. والنتيجة ستكون المكافئ الفوسفاتي لأزمة النفط في السبعينيات.
دور الفسفور في تحقيق التوازن في الكوكب
سُلِّطَ الضوء على هذه المخاطر من خلال نشر كتاب “العنصر الشيطاني: الفسفور وعالم غير متوازن” في الولايات المتحدة للكاتب البيئي دان إيغان. لم يُنشر الكتاب بعد في المملكة المتحدة، لكنه يعكس المخاوف التي أثارها علماء بريطانيون مؤخراً.
يقولون إن السكان في كوكب الأرض أصبحوا مسرفين في استخدام الفوسفات الذي يضعه الفلاحون في الحقول. وأدى تصريف الأسمدة منها -وتصريف النفايات السائلة الغنية بالفسفور- إلى تلوث المياه على نطاق واسع وتكاثر الطحالب الضارة. وتتأثر بذلك الآن بعض أكبر المسطحات المائية العذبة في العالم، بما في ذلك بحيرة بايكال الروسية وبحيرة فيكتوريا في إفريقيا وبحيرة إيري في أمريكا الشمالية. وقد تسمَّمت مياه الشرب في بحيرة إيري في السنوات الأخيرة.
من جانبه، قال هيغارث، وهو مؤلف مشارك لكتاب “الفسفور: الماضي والمستقبل”: “يساعد الفوسفات النباتات المائية على النمو. وهذا الآن له عواقب وخيمة في الأنهار والبحيرات والبحار. العديد من هذه المسطحات المائية أصبحت مناطق ميتة، وهي الآن تتوسع. على سبيل المثال، تكون لدينا الآن منطقة ميتة بمساحة خليج المكسيك كل صيف”.
في سياق متصل، تخلق مثل هذه الأزمات مشاكل بيئية أخرى. قال البروفيسور برايان سبيرز من مركز المملكة المتحدة للبيئة والهيدرولوجيا في ميدلوثيان: “تغير المناخ يعني أننا سنحصل على مزيد من تكاثر الطحالب لكل وحدة من تلوث الفوسفات بسبب الظروف الأكثر دفئاً”.
كما أضاف: “المشكلة هي أنه عندما تموت هذه الطحالب، يمكن أن تتحلل وتنتج الميثان. لذا فهذا يعني المزيد من ضخ الميثان في الغلاف الجوي -والميثان أقوى 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون في تدفئة الغلاف الجوي. إنه سبب للقلق الحقيقي”.