كتبت النهار:
تزداد الأجواء والمناخات السياسية الداخلية تأزماً وتشنجاً على كل محاور الأزمات المفتوحة من أزمة الفراغ الرئاسي إلى أزمة انعقاد جلسات مجلس الوزراء والجلسات التشريعية لمجلس النواب بحيث بات من الصعوبة بمكان توقع أي انفراج ولو نسبي في أي منها قبل حل العقدة الكبيرة المتمثلة بالعجز عن انتخاب رئيس الجمهورية المقبل.
وفي انتظار أسبوع جديد سيتحدّد في ظله مصير العرض الأخير الذي طرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري لتحويل الجلسة العاشرة المقبلة لانتخاب رئيس الجمهورية إلى جلسة حوار بين رؤساء الكتل النيابية، يفترض أن يتبلغ بري أجوبة رؤساء الكتل على هذا الطرح الحواري المتجدّد قبل مساء الثلثاء المقبل لكي يتمكن بري من تحديد الآلية إما لتوجيه دعوة جديدة للمجلس لانتخاب رئيس الجمهورية في حال جاءت أجوبة رؤساء الكتل بمعظمها ولا سيما منها المسيحية سلبية، وإما إعلان تحويل جلسة الخميس المقبل إلى جلسة تشاور وتحاور بين رؤساء الكتل النيابية حول ما آل إليه الاستحقاق الرئاسي في ظل تسع جلسات فاشلة لانتخاب رئيس الجمهورية في حال جاءت أجوبة الكتل بمعظمها إيجابية على عرض بري. ولكن وسط حالة الترقب هذه لم يكن خافياً أن أجواء ضاغطة وسلبية جديدة برزت في الساعات الأخيرة في ظل التشنج الذي خلفته حملة “التيار الوطني الحر” ضد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الجمعة الماضي من بكركي تحديدًا. تركت هذه الحملة أصداء ملبدة ومتوترة بعدما اطلق توظيف الحملة العونية ضد ميقاتي في إطار طائفي يخشى أن يتسبب بترددات طائفية مقابلة.
كما أن ثمة من تحدث عن حملة ردود متوقعة بدءاً من مطلع الأسبوع من قيادات ونواب في الصف السني رداً على حملة جبران باسيل على رئيس الحكومة.
ولذا اكتسب التطور البارز الذي سجل في الرياض مع استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس الرئيس ميقاتي دلالات مضاعفة الأهمية إن لجهة كونها المرة الأولى التي يخص بها بن سلمان ميقاتي بهذا اللقاء الرسمي العلني أو لجهة ما سيتركه من تأثيرات داخلية وسط الحملة العونية على رئيس الحكومة.
وقد استقبل الأمير محمد بن سلمان الرئيس ميقاتي في قصر عرقة بالرياض غداة مشاركة ميقاتي ممثلاً لبنان في القمة العربية الصينية، وعقد معه لقاء ثنائياً.
وكان رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جينبينغ التقى الرئيس ميقاتي في مقر اقامته في الرياض، وخلال اللقاء، قال رئيس الصين إنّ بلاده “تقدر المساهمة الإيجابية للبنان في تعزيز التعاون بين الدول العربية والصين”، وأضاف: “الصين مهتمة بتطوير التعاون مع لبنان في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وهي مستمرة في دعم لبنان بكل ما يحتاج إليه ولا سيما في هذه الفترة في مجال الطاقة المتجددة”. بدوره، شكر الرئيس ميقاتي “الصين على مساهمتها الفعالة منذ سنوات في حماية الاستقرار في جنوب لبنان عبر مشاركتها الفاعلة في قوات اليونيفيل”، وقال: “إنّ لبنان يتطلع إلى المزيد من الاستثمارات الصينية في لبنان لا سيما في مجال البنى التحتية والتي للصين خبرات واسعة فيها”. وتمنى “فتح الاسواق الصينية لمنتجات حرفية لبنانية”، وشكر الصين على “هبة تمويل بناء الكونسرفاتوار الوطني”.
وحضر اللقاء وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، وزير المال يوسف الخليل، وزير الصناعة جورج بوشيكيان، مستشار الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس، سفير لبنان في المملكة العربية السعودية فوزي كبارة، وسفيرة لبنان في جمهورية الصين الشعبية ميليا جبور.
وفي التحركات البارزة امس قام قائد الجيش العماد جوزف عون بزيارة رسمية لدولة قطر حيث كان في استقباله نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وشكر قائد الجيش وزير الخارجية القطري على المبادرات المتكررة التي تقوم بها دولة قطر الشقيقة لمساعدة الجيش اللبناني خلال هذه المرحلة.
كما التقى العماد عون الفريقَ الركن سالم بن حمد بن عقيل النابت رئيس أركان القوات المسلحة القطرية، وتناول البحث علاقات التعاون بين جيشي البلدين وسبل استمرار الدعم القطري للجيش اللبناني بهدف مساعدته على تجاوز الصعوبات الراهنة.
وأشاد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ورئيس أركان القوات المسلحة القطرية بأداء الجيش في حفظ استقرار لبنان وصون سلمه الأهلي على الرغم من التحديات التي فرضتها الأزمة الحالية في البلاد.
أما في الداخل فواصل مساعد وزير الخارجية الأميركية الاسبق السفير دايفيد هيل جولته على المسؤولين بصفته مدير مركز ويلسون للأبحاث والدراسات فزار أمس رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، والمرشح الرئاسي رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض. وفي معراب تباحث المجتمعون في الأوضاع العامة محلياً وإقليمياً حيث اطلع جعجع ضيفه على التطورات على الساحة اللبنانية، مؤكداً أن الفرصة اليوم سانحة لإنجاز تغيير جذري بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية سيادي يضع في صلب أولوياته خطة إصلاحية للنهوض بالبلاد ووضعها على مسار الإنقاذ.
إلى ذلك، جدّد رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط التأكيد أن الحوار وحده قادر على فتح ثغرة في الجدار المقفل للخروج بالبلد من النفق المظلم، مذكّراً في هذا السياق بالخطوات التي بادر إليها اللقاء والحزب التقدمي الاشتراكي في مجال الحوار، حيث في عزّ المعركة الانتخابية في أيار الماضي كانت رسالتنا اعتماد الحوار في مواجهة خطاب الإلغاء والتفرد، وقد أعطت الناس ثقتها لهذا الخيار ونحن مستمرون به.
وأعلن جنبلاط ترحيبه بدعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للحوار للسعي من خلال ذلك إلى وقف النهج المدمّر للبلد، مضيفاً في تصريح: “لطالما كنا ولا نزال من دعاة تسريع الحوار، وبعد الوصول إلى المأزق وحالة الجمود والتعطيل للاستحقاق الرئاسي، فإنه لا مفر من الاتفاق على شخصية قادرة على تطبيق الدستور والالتزام باتفاق الطائف ومواجهة التحديّات المقبلة من خلال برنامج إصلاحي واضح، والحوار أيضاً يجب أن يضمن انتظام المؤسسات لكي تعمل للتخفيف عن كاهل المواطن مما يعانيه في لقمة عيشه ومقوّمات صموده الاقتصادي والاجتماعي والاستشفائي وأزماته المتفاقمة.