بقلم الصحافية كريستابيل نجم :” قلت لا، لكنّها لم تكن للمرّة الأولى بل الثالثة على التوالي لتنهمر القذائف الكلاميّة نحوي كهدف صاخب يهدف إلى تدميري لا مخاصمتي. أكنت ذاك العدو الّذي يقاتل لتفادي الخسارة؟ لا، كنت الضحية ولكنَّ البعض رآني ككرة مضرب يلعب بها من شاء ويرميها من أراد.
لم يكتفي بالتلاعب الكلاميّ، لا الشتائم ولا حتى بالتعنيف الّلفظي بل أرادني كدمية هشّة تنفّذ رغباته الجنسيّة بعد القيام بتخديرها.
أَتُلام الضحية عندها؟ بالطبع، فمجتمعنا الذكوريّ الفضيل ينعتها بالفاسقة ويداوي جروحها بلومها وإسكاتها.أَيبقى المغتصبُ حرًّا طليقًا؟ أجل، لا يَكِنُ عن تدميرِ نساءٍ أخرياتٍ وأنا أتوه يومًا بعد يوم، فلقد حُكمت بسجنٍ مؤبَّدٍ داخل زنزانة عجّة بوحوش الأمّة، ليقف بعضهم ويتّهمني بإغرائه والإستمتاع بعضوه الذكوريّ.
وقد يبرّر له البعض، آسفين على ما مرّ به من ظروف قاسية داعرة أودعته سجينًا لماضيه مكبّل اليدين ويتيم الأحاسيس والمشاعر.دعاني بالغشماء، بالعاهرة، بالفاشلة وبما تلذّذت أفواهه نطقه، ليمارس عليَّ الإبتزاز العاطفيّ ويهدّدني بالإنتحار خلال فترة وجيزة.
وما إن رآني ضعيفة المنال حتى أمرني بإطاعته خَلَفًا عن إرادتي.صرت كطائرٍ جريحٍ تائهٍ غيرَ سعيد، يُرفْرف عاليًّا في السماء فيراه البعض طليقًا حرًّا وهو يناضل بشدَّة ورهابٍ من صياد يهوى ذبحه دون سابق إنذار.
وما أدراكم ما وراء السكون أو الضحكة المستعارة، أقام أحدهم بانتزاع جسدكم بهشاشة مُقابل رفاهيته الّلامتناهية، كمكينة مرخَّصة الإستخدام لشهواته المقرفة؟
جسدي يتألَّم بشدّةٍ فلقد آلم أعضائي التناسليَّة بِوِفرَةٍ لِيتَّهمني بعدها بالفسق والنميمة. أنتمي إلى حياة زاهدة، بعيدة عن فساد السلطة والقوانين المُشعوذة، أَعشقُ أنوثتي الّتي لا تأبى مفارقتي، فلقد ورثتها عن حضن جدَّتي وحنان أمي، من جمال أعين البحار والأنهار، حفافة المحيطات والأحجار الكريمة.
أطوق لجلسات الضحكات والوناسة، لأيام الطفولة البريئة، الشقاء والعناد، أشتاق لرائحة عِتاب فصل الشتاء ريثما كان يتوجَّب عليَّ الذهاب إلى المدرسة خلف أمواجٍ من الصقيع والوحدة.
قمعُ المجتمع الذكوريّ باتَ مفصلًا حتميًّا ما بين قضية مصيريَّة بناءةٍ وواقعًا مرادًا إحياءه كالعادات والتقاليد الرائجة. سلامٌ لضحايا العنف والإستغلال الجنسيّ، سلامٌ لنساء لبنان المناضلات، سلامٌ إلى كلّ من شاركهنَّ رحلتهنَّ الإنسانيَّة الثائرة.
سلامٌ إلى كلِّ من أحبَّ السلام!“.