كتبت النهار:
اليوم ستكون أعين العالم على #قطر في افتتاح الحدث الكروي العالمي فيما “سيُنقّب” ال#لبنانيون عن قناة تلفزيونية عربية أو أجنبية تمكّنهم من متابعة هذا الحدث لأنّ واقع دولتهم البائس حال دون انجاز الإجراءات اللازمة لنقل وقائع الحدث لشهر كامل.
وقد وصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى الدوحة، مساء أمس، تلبية لدعوة رسمية لحضور حفل افتتاح بطولة #كأس العالم ويضم الوفد اللبناني وزير الشباب والرياضة جورج كلاس ووزير السياحة وليد نصار.
ولكن الحدث الكروي العالمي لن يحجب تفاقم المناخات السياسية التي شهدت احتقانات متزايدة بشكل لافت في الأيام الأخيرة بما أخضع مسار أزمة الفراغ الرئاسي لفائض من التخبّط والعشوائية والغموض، علماً أنّ هذه التوترات أثبتت أنّ الاستحقاق الرئاسي لا يزال من دون بوصلة أو خريطة طريق داخلية، وأنّ معظم الافرقاء السياسيين يظهرون عجزاً كبيراً عن التزام استعجال انتخاب رئيس للبلاد بلا تدخلات خارجية. ولم تكُن الحركة التي قام بها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في باريس سوى إثبات سافر على محاولته استدرج فرنسا للتدخل في خصوصيات الاستحقاق الرئاسي من خلال التحريض على منافسيه وخصومه ومحاولة تكبير حجمه والسعي إلى استدراج تدخّل فرنسي في طرح أسماء مرشحين أو رفض أسماء آخرين. ولذا تستبعد الأوساط المعنية بمراقبة معطيات الاستحقاق أي تطورات جديدة من شأنها تبديل صورة الأزمة أقلّه إلى ما بعد بداية السنة الجديدة، إذ إنّ المعطيات الداخلية تواجه انسداداً سياسيّاً محكماً يغذّيه اشتداد التجاذبات بين أطراف فريق “الممانعة”، كما أنّ المعطيات الخارجية تبدو إلى مزيد من ترك لبنان يقلع شوكه بيديه في ظل انصراف الدول الى أولوياتها ويأسها من الطبقة السياسية اللبنانية.
في المواقف البارزة من أزمة الفراغ الرئاسي، أكّد أمس رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أنّ “وقوع الفراغ الرئاسي أساساً وسبب استمراره اليوم مردّه إلى سببين: الأول أن هناك من يدرس خطواته في مسألة انتخابات رئاسة الجمهوريّة من منطلقات لا علاقة لها بلبنان، ولا يعير بذلك أي أهميّة لمصلحة الشعب اللبنانيّ أو المصلحة الوطنيّة العليا وإنّما جل ما يهمّه هو مصالحه الخاصة ومصالح المشروع الإقليمي الذي يرتبط به ارتباطاً عضوياً، ويتستّر خلف شعار التوافق من أجل تبرير فعلته هذه، أما السبب الثاني فهو حالة الانتظار لتطورات يعتمدها البعض الآخر ولا نعرف ماهيتها”. ولفت جعجع خلال لقائه وفداً من دائرة “بيروت الثانية”الانتخابية إلى أنه “يجب على الـ128 نائباً أن يقوموا بأداء واجبهم الدستوري بحضور جلسات الانتخاب” باعتبار أنّها “جلسات انتخاب رئيس للجمهوريّة خصوصاً في ظل الأوضاع الدقيقة والصعبة والحرجة في البلاد”.
في المقابل، اعتبر عضو كتلة “لبنان القوي” النائب آلان عون أنّ “خيارنا إلّا نصوّت تصويتاً شكلياً بل أن يتم التحضير له مع الكتل الأخرى وحقنا أن نصوت بالورقة البيضاء لا ان نعطل نصاب الجلسات”. ورأى أنّه “لم يتبيّن أنّ هناك مرشحاً أصبحت لديه فرصة جدية للانتخاب وحتى ترشيح النائب ميشال معوض دخل في حال من المراوحة”، مضيفاً: “معادلتنا ليست جبران باسيل أو لا أحد ونريد أن تنضج فكرة شخصية توافقية من دون الدخول ببازار الأسماء، واذا تبيّن أنّ هذه الشخصية يمكن أن تكون من داخل التكتل أو خارجه سنؤيدها”. وإذ اعتبر عون أنّ :المعارضة تطرح ترشيح معوض كالخط 29 وهي تريد التراجع عنه لاحقاً”، لفت إلى أنّ “أحداً لم يعلن ترشيح باسيل للرئاسة”، مضيفاً: “حقه ان يترشح وحالياً ما من ظروف تسمح بترشيحه، ويمكن لهذه الظروف أن تتغيّر أو لا لكن هناك ظروفا سياسية عاطلة”. وأكد ان “التكتل منفتح على الاتفاق على أسماء” رافضاً “وضع أشخاص منفتحين على الخيارات وآخرين مغلقين على خياراتهم في السلة نفسها”.
في غضون ذلك، أطلقت أمس حركة ”التجدد للوطن”وثيقتها التأسيسية في مؤتمر تشاركي بعنوان ”الروم الكاثوليك، من ريادة التأسيس الى هواجس المصير”، بحضور بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي وحشد من الشخصيات وبمبادرة من رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي شارل عربيد .
وفي كلمته في المؤتمر، تناول البطريرك العبسي دور العلمانيين فقال “للعلمانيّين، وخصوصاً الشبابَ، متّسع ورسالة ودور. الطائفة، الكنيسة، ليست نفوذ الإكليروس أو سلطتهم بل مشاركة في المسؤوليّة وفي التخطيط والعمل. العلمانيّون في الكنيسة ليسوا فئة بإزاء الإكليروس بل جزء من الكنيسة مع الإكليروس، يعملون ويتعاونون معًا باحترام ومحبّة متبادلين، من دون استغلال ولا استقواء.
هكذا تكون العائلة الروحيّة بنّاءة يتنافس أبناؤها ويتسابقون إلى خدمة الوطن. على العلمانيّين أن يتحمّلوا هذه المسؤوليّة في البناء وأن لا يرموها على غيرهم. نحن ننهض بجميع أبنائنا من دون استثناء، فلا يتنصّل أحد من المسؤوليّة ولا يحتكر أحد المسؤوليّة: لا انكفاء ولا إقصاء.
من هذه القناعة، بل من هذه العقيدة، نرى إلى ما يجري اليوم في لبنان وفي المنطقة من اضطرابات من شأنها أن تزرع الخوف واليأس في النفوس وتُفضي خصوصًا إلى هجرة الشباب، من ناحية، وإلى انفصال المسؤولين عن حياة الناس اليوميّة المعيشيّة بنوع خاصّ، من ناحية أخرى. إنّ قيام السلطة هو أساس قيام الأوطان. لذلك على المعنيّين جميعًا أن يسرعوا في انتخاب رئيس الجمهوريّة.
إنّ الانتظام السياسيّ العامّ، المستند خصوصًا إلى المبادئ التأسيسيّة ووثيقة الوفاق الوطنيّ، يجلب الراحة والطمأنينة للناس جميعًا ويشكّل أساس الاستقرار والازدهار الاقتصاديّ والاجتماعيّ”.