مرعبة الصورة التي نشرتها والدة ابن الـ10 أشهر غيدا الدايخ على صفحتها في “#الفايسبوك“.
معالم الضرب واضحة، والأصعب ما تحمله من آثار نفسية قاسية سيصعب نسيانها بسهولة.
تفضح تكاوينه الصغيرة بشاعة إهمال أقلّ ما يُقال عنه أنّه “إجرام”. لا مبرّر لما جرى، 20 دقيقة من دون مراقبة أيّ مسؤول أو معلّمة أو مساعدة في صفّ حضانة هو عملٌ مرعب في حدّ ذاته.
في تلك الدقائق العشرين كان #الأطفال جميعهم في خطر، وكان جسد الطفل م.د يتعرّض لأقسى أنواع الضرب.
وقعت الكارثة، الطفل يتألم، خائف إلى حدّ لا يتصوّره عقل، كيف له أن يغمض عينيه بأمان بعد ما حصل.
لم تكن مجرّد حادثة، كان الحدث تقصيراً فاضحاً في حضانة يُفترض أن تكون مكاناً آمناً لهؤلاء الأطفال الصغار.
لقد ائتمن والديّ الطفل م.د على حياة أغلى ما لديهما ليكون في أيادٍ أمينة، لكنّهما لم يتصوّرا يوماً أن يختبرا أبشع ذكرى مؤلمة في حياة طفلهما الصغير وعلى أيادي غرباء!
شكوك كثيرة ترافق هذه الحادثة، وأسئلة واسعة ومتشعّبة تفرض نفسها، كيف يمكن لطفل آخر في عمر السنة و3 أشهر أن يؤذي طفلاً آخر بهذه الوحشية؟ وهل يمكن لطفل بهذا الحجم أن يتصرّف بهذا العنف والقساوة؟ كيف يمكن لحضانة تهتمّ بأطفال صغار أن تتركهم بمفردهم من دون أيّ مراقبة وبغياب أيّ مسؤولة؟ هل حقّاً تعرّض الطفل للضرب من طفل آخر أو من معلمة! وهناك من يحاول لفلفة الموضوع؟
كشفت كاميرات المراقبة الكثير، وسارعت وزارة الصحة إلى إقفال مؤقّت للحضانة إلى حين استكمال التحقيق وأخذ الإجراءات للمحاسبة اللازمة ومعالجة الأسباب التي أدّت إلى هذه الحادثة. وقد أظهر التحقيق الأوّلي مع صاحبة دار الحضانة وفق بيان وزارة الصحة أنّ “الأطفال كانوا قد تُركوا بلا أيّ رقابة من لمدّة وجيزة، وما حدث هو نتيجة إهمال وتقصير لا يمكن التغاضي عنهما”.
في المقابل، أصدرت الحضانة بيانًا توضيحيّاً جاء فيه “تتأسف balloons nursery على الحادثة بين طفلين في تاريخ 7/11/2022، يستكمل التحقيق لإظهار حقائق ووقائع الحادثة ولأخذ الإجراءات اللازمة للمحاسبة.”
ويضيف البيان “منذ بدايتنا أي منذ نحو 18 عاماً، سلامة الأطفال كانت وستبقى دائماً أولويتنا. لذلك نرجو لا بل نحذّر وسائل الإعلام الرسمية من نشر الأخبار غير الدقيقة حتى انتهاء التحقيق. في انتظار أن يصدر من قبلنا بيان مفصّل عن حقيقة ما جرى”.
هذه الحادثة تُعيد فتح ملفّ الحضانات في لبنان، ومن يراقب عملها وفق المعايير المطلوبة. منذ أيام توفّيت الطالبة ماغي محمود نتيجة إهمال في إعادة ترميم الصفّ في مدرسة الأميركان في طرابلس، وفي الأمس تعرّض الطفل، ابن الـ10 أشهر، إلى ضرب مبرح، مشكوك في مصدره، استدعى نقله إلى المستشفى للتأكّد من عدم وجود أيّ نزيف داخلي
اتصال الحضانة بوالده كان كفيلاً بأنّ الضرب لم يكن عادياً، وأنّ ما تعرّض له ليس مجرّد “ضرب طفل طفلًا آخر”. هذا ما يؤكّده والد الطفل مازن الدايخ في حديثه لـ”النهار” فقال: “تلقيتُ اتصالاً من مسؤولة الحضانة عند العاشرة و8 دقائق صباحاً تفيدني أن ابني تعرّض للضرب، ولكنّه بصحة جيدة، ولقد وضعنا له المرهم على وجهه. فطلبتُ منها أن تفتح الكاميرا لأراه، فوجدته جالساً على الأرض يبكي ووجه أحمر.”
أشعل الاتصال غضب وخوف والديه، سارعت والدته إلى أخذه من الحضانة ومعرفة حقيقة ما حصل. وعليه، توجّهت بابنها إلى المستشفى للتأكّد من عدم وجود أيّ رضوض أو نزيف داخلي. لكن يوضح مازن أنّه “بمجرّد التوجه به إلى المستشفى لم تهدأ الاتصالات من الحضانة، إلّا أنني لم أجب على أيّ منها لأنّ صحة ابني كانت همّي الوحيد في تلك اللحظة. كان هدف هذه الاتّصالات أن تظهر لنا إدارة الحضانة أنّها تحت سقف القانون والبحث في مسألة بوليضة التأمين لابني في الحضانة وغيرها… كانت الحاضنة تتحدّث في تفاصيل تعنيها بينما كنتُ أهتم بصحة ابني بعد الذي شاهدته من عنف وإهمال.”
ويشير مازن إلى أن ” ممرضة الطوارئ التي كشفت على طفلي أكّدت أن “هذه الكدمات لا تظهر بهذه الطريقة إلّا بعد ضرب لمدة 20 دقيقة على الأقل. في حين أفاد الطبيب الشرعي وفق تقريره أن هذه الكدمات هي نتيجة التعرّض لأجسام صلبة ورفض ذكر باقي التفاصيل إلى حين انتهاء التحقيق.”
لم يمرّ اليوم الأول على هذه الحادثة كغيره، بقي “ينفض طوال الليل وهو نائم”، إلا أنه في اليوم التالي عاد إلى طبيعته وعاد يضحك ويلعب من دون أن تظهر عليه عوارض نفسية أخرى.لكن ما جرى معه سيصعّب علينا الاختيار في المرحلة المقبلة، ليس سهلاً أن نختار مجدّدًا حضانة بعد ما تعرّض له، وستؤثر هذه الحادثة على الخطوات المستقبلية. نحن في انتظار ما ستؤول إليه التحقيقات، ولكن لدي بعض الشكوك حول ما جرى.”
وبينما سارع والداه للاطمئنان عليه في المستشفى، بادرت الحضانة إلى فتح محضر لكشف ملابسات ما حصل. خطوة استباقيّة كما يقول مازن نتيجة لما تعرضه له ابني.
لم يمضِ على حادثة الطفل م.د أكثر من 5 أسابيع، هذه التجربة القاسية والسيئة ستترك أثرها في نفسه، وستؤثر على ثقة والديه مع حضانات أخرى نتيجة ما تعرّض له من إهمال وتقصير. ومهما كانت المبررات إلا أنّها لا تخفف من وطأة ما حصل، كما لا يمكن تعميم هذه الحادثة الفردية على باقي الحضانات. لكنّ الأكيد أنّ على المعنيين وعلى رأسهم وزارة الصحة أن يعيدوا تقييم وضع الحضانات في لبنان، وحقيقة ما يجري داخل أروقتها، لأنّ حياة الأطفال مقدّسة ويجب ألّا تكون “على كفّ عفريت.