مركز معالجة النفايات في صيدا: محمية سياسية(١)
وزارة الصناعة: موجة غضب.
على الرغم من مرور اكثر من اسبوعين على اندلاع حريق طال النفايات المرمية في الأرض المردومة الملاصقة لمعمل معالجة النفايات المنزلية في صيدا، وحتى اللحظة لم تفصح الجهات المعنية وبشكل رسمي عن أسباب الحريق والمسؤولين عنه رغم المتابعة القانونية والادارية، ولا يزال الحريق كامد داخل تلال النفايات التي تم تكديسها، الى جانب ما يطلق عليه اسم جبل المتبقيات، عندما أغلق المعمل أبوابه ولم يستقبل نفايات بلدات إتحاد بلديات صيدا – الزهراني.
يبدو ان ما يحدث في المنطقة ليس وليد الساعة، بل نتيجة تراكمات سلبية طالت المعمل لأسباب داخلية تختص بادارته، ولاسباب خارجية تتعلق ببلدية صيدا واتحاد البلديات وغياب رقابتها واشرافها على المعمل، وكما هو مفترض بهما.
يشير احد المصادر القريبة من وزارة الصناعة، الى ان لجنة الترخيص الصناعية في الجنوب وجهت كتابا الى مدير عام وزارة الصناعة حمل رقم ٧٥٨/ج بتاريخ ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٢، يتضمن تفاصيل اراء مندوبي الوزارات والمديريات المعنية، وهي: وزارة الصحة، وزارة البيئة، وزارة العمل، وزارة الصناعة والمديرية العامة للتنظيم المدني، والتي خلصت اللجنة الى الاتي:
“اوصت اللجنة بالإجماع بتوجيه إنذار الى ادارة المعمل لمعالجة المشكلة، والتقدم بطلب ترخيص، وإرسال كتاب الى بلدية صيدا باعتبارها الجهة صاحبة العقد مع المعمل لاستطلاع رأيها في الوضع العام وخطتها للمعالجة”.
وكان وزير الصناعة جورج بوشكيان قد التقى وفدا من ناشطي مدينة صيدا في مكتبه بالوزارة صباح الخميس ٦ تشرين الأول ٢٠٢٢، لمناقشة وضع مركز معالجة النفايات في صيدا.
منذ بداية اللقاء، وموقف بوشكيان كان حاسما وواضحا:” الوزارة أعطت موافقة على انشاء المعمل “بدون طمر او حرق”، كما جاء في قرار الانشاء، ولم نسمح لادارته بتشغيله حتى اللحظة، وأن تشغيله تم بغطاء سياسي”.
تدخل احد موظفي الوزارة الاساسيين بالقول:” تم تشغيله بقرار غير قانوني من مجلس الوزراء وفهمكم كفاية”. وهو كان يشير الى القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء المنعقد في ١٢ تموز ٢٠١٢ والذي حمل رقم ٣٣. والذي أشار فيه محتسب الصندوق البلدي المستقل الى ان كلفة التشغيل وحسب ما قررت مجلس الوزراء، لمعالجة نفايات إتحاد بلديات صيدا الزهراني توازي ١٣ ضعفا لعائدات الاتحاد السنوية، وضعفي مجموع عائدات البلديات المنضوية في الاتحاد.
نعود الى الوزير، الذي اضاف:” المشكلة عند بلدية صيدا التي تغطي الوضع الراهن وعليكم متابعة الموضوع معها، ولكن من الضروري ان تعلموا ان المعمل يحظى بغطاء سياسي اكبر من الوزارات المعنية بالترخيص والمراقبة”.
وكان عدد من الناشطين قدم طلبا الى وزارة الصناعة في مطلع شهر أب الماضي يطلب تقريرا عن الوضع الفعلي للمعمل المذكور، وعلى الرغم من المتابعة الا ان الوزارة المذكورة لم تعد اي تقرير والسبب، وكما قال مسؤولو الوزارة، ان ادارة المعمل لم تجب على الأسئلة التي أرسلتها الوزارة اليها حول وضع المعمل وان الاجوبة هي عبارة عن وعود عرقوبية تتعلق بوضع المعمل وإمكانية تشغيله.
ويذكر ان وزير الصناعة فريج صابونجيان اصدر قرارا حمل رقم ٤١٤٧ بتاريخ ١٧ كانون الاول ٢٠١٢ قضى بالموافقة على انشاء مصنع لفرز ومعالجة النفايات المنزلية الصلبة دون طمر او حرق، وذلك بناء على قرار مجلس الوزراء رقم ٣٣ بتاريخ ١٢ تموز ٢٠١٢، والذي وصفه احد مسؤولي وزارة الصناعة بغير القانوني.
كما ان لجنة التراخيص في محافظة الجنوب والتي تضم ممثلين عن عدة وزارات معنية مثل الصناعة والبيئة والصحة والعمل وغيرها رفضت وبالاجماع الترخيص للمعمل وإعطاء الأذن بذلك، ومنها ما صدر بتاريخ ٣ حزيران ٢٠١٩. ومنذ ذلك الوقت لم تستجب ادارة المعمل لطلبات وزارة الصناعة.
كلام الوزير كان واضحا، المركز يعمل بصورة غير قانونية ويحظى بتغطية وحماية سياسية.
اما صحة الناس فهي اخر هم عند المسؤولين عن الملف، وبدل جبل للنفايات، ستكون هناك سلسلة جبال، وسيستمر نهب المال العام.
وفيق الهواري.