كان إيليا أمس من أصغر المتحدّثين في معرض “جايتكس” في دبي، الذي يصنّف الحدث التكنولوجيّ الأكبر في الشرق الأوسط، بل من بين الأبرز الأحداث عالمياً.
لفتت موهبة إيليا المميّزة العديد من الشركات، من بينها شركتا PROW وREVOTIPS، اللتان تبنّتاه وجعلتاه سفيرًا لهما في إطار إطلاقهما برنامجًا إرشاديًا للشباب لتوفير بيئة مناسبة للتعلّم المهني والقيادة في عصر التحوّل الرقميّ.
وفي حديث لـ”النهار”، يروي إيليا قصته مع عالم الأمن السيبراني، قائلاً: “صحيح أنني تلميذ في الصف الأول الثانوي، لكنني شعرت على الدوام بشيء ما يجذبني نحو عالم الأمن السيبراني. كنت أشاهد الأفلام وأنجذب إلى شخصيات الـ”هاكرز”. ومع البحث، وجدت أن عمل “الهاكرز” يمكن أن يكون أخلاقيًا (ethical hacking) ويساعد الناس بدل أن يضرّهم؛ عندها بدأت بتلقّي عدد من الدروس لدى أهمّ الشركات في هذا المجال، من بينها شركتا “سيسكو” و”آي بي أم”، لأصل إلى ما وصلت إليه اليوم”.
وعن أهمية قطاع الأمن السيبراني، يتحدّث إيليا مطوّلاً، وبكثير من الحماس والشغف، محذّرًا من إهمال هذا القطاع الذي ينقصه الكثير من الكادر البشريّ المتخصّص. ولفت إلى أن هذا النقص إذا ما استمرّ مستقبلاً، فقد لا تجد الشركات أشخاصًا يحمون أمنها الإلكترونيّ، وهو أمرٌ سيتسبّب بكوارث لا تُحمد عقباها.
أما عن أسباب الشحّ في الكادر البشريّ فيقول إيليا: “تتعدّد الأسباب، وهناك الكثير من المسؤولين عن هذا الشحّ، على رأسها الشركات، التي لا تزال حتى اللحظة ترفض توظيف أيّ شخص لا يحوز شهادة جامعيّة وخبرة في هذا المجال، علمًا بأن أكثر النّاس تميّزًا في عالم الأمن السيبراني، والذين يقومون بتنفيذ أكبر عمليات القرصنة، تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا، وهؤلاء لا يملكون أيّ شهادات جامعيّة بالتأكيد!”
يضيف إيليا سببًا آخر، هو أن الشركات تريد توظيف مَن يحضر إلى المكتب من دون الأخذ بعين الاعتبار إمكانية توظيف أشخاصٍ موهوبين يُمكنهم العمل من بُعد.
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت البيئة المحليّة في لبنان داعمةً للمواهب الناشئة في مجال الأمن السيبراني وعالم ال#تكنولوجيا بشكل عام، يجزم إيليا بأن هذه البيئة هي أبعد ما تكون عن الدعم. ويشير إلى سلسلة أسباب اجتماعيّة، تتعلّق أوّلاً بالعائلة والعقليّة المحدودة لبعض الأهل غير المطّلعين على سعة المجالات التي تتيحها الاختصاصات الحديثة لأبنائهم؛ فهم لا يزالون يتشبثون بمجالات الدراسة والعمل التقليديّ كـ”محامٍ” أو “طبيب” مثلاً.
إلى ذلك، هناك أيضًا مشكلة على الصعيد الأكاديمي؛ فالمناهج القديمة المتّبعة لا تساعد الجيل الجديد، إذ تحصره في مجالات محدودة، حيث لا يجد الكثيرون أنفسهم فيها. والشركات في لبنان، كغيرها في الخارج، لا تشجّع أيضًا الشباب على تنمية قدراتهم التكنولوجيّة لكونها لا توظف سوى حملة شهادات جامعيّة.
ويتوجّه إيليا إلى الشباب اللبنانيين المتحمّسين لدخول عالم “السايبر”، مؤكّدًا أن جميع الموارد المطلوبة لتنمية قدراتهم في هذا المجال متاحة للعموم على شبكة الإنترنت، وهي على بُعد كبسة زرّ منهم، ولا يوجد – بالتالي – أعذار لمن يريد أن يتعلّم بالفعل؛ فكلّ ما يحتاجونه – بحسب إيليا – هو جهاز الكومبيوتر الخاصّ بهم.