حفر البروفيسور الدكتور مخلوف حدادين اسمه في عالم الكيمياء العضوية، عندما أنتج مركّباً كيميائيا سماه: «بيروت ريآكشن» الذي ارتبط بمرض التليف الكيسي، ومركباً آخر باسم «ديفيس بيروت ريآكشن».
اكتشافاته التي أقرنها باسم «بيروت» المدينة التي احتضنته 63 عاماً وتدرّج في الجامعة الأميركية من طالب في مرحلة البكالوريوس إلى تقلُّد مناصب متقدمة فيها، وتم تخصيص «كرسي علمي» وجائزة في الكيمياء باسمه تكريماً لمسيرته الحافلة في هذا المجال.
حدادين، الذي جعل من أعماله نبراسا للعلم، أنتج ما يقارب 135 بحثا علميا منشورا في مجلات محكمة، وسجلت له 45 براءة اختراع في 25 بلداً.
وقد قرر مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت أن يكرم الدكتور حدادين بأرفع ما لديها من أوسمة التكريم وهو وسام الجامعة، تقلده في الماضي دولة الرئيس رفيق الحريري، وكذلك عتاولة من العلماء والباحثين.
وبدأ مخلوف مشواره في الجامعة الأميركية ببيروت بعد تخرجه في كلية الحسين بعمان عام 1953، وكان طموحاً بلا حدود، ثم التحق، بعد نيله الدكتوراه من جامعة كولورادو، بجامعة هارفرد الشهيرة ليعمل سنتين في بحوث ما بعد الدكتوراه قبل أن تعرض عليه الجامعة الأميركية في بيروت موقعاً أكاديمياً فيها قبله والتحق به في العام 1964، وتمكن مع رئيسه في دائرة الكيمياء هناك أن يهتدوا إلى تفاعل جديد حصدت منه الجامعة لأول مرة نصيباً لا يستهان به من المال شارك في بعضه المخترعون.
وأسست الجامعة الأميركية في بيروت صندوقاً باسم مخلوف احتفاءً بعيد ميلاده الثمانين تنفق منه على جوائز المتفوقين من طلبتها في الكيمياء، وتدعو، بدعم من الصندوق، محاضرين مرموقين من الخارج لإلقاء المحاضرات في مبحث الكيمياء العضوية، وكان عدد لا بأس منهم من حائزي جائزة نوبل في الكيمياء.
حدادين ليس عالماً فقط، وإنما يهوى الشعر وينظمه، ويتغزل بمن يحبهم وبمن يصطفيهم ويهديهم قصائده.
اما عن اختراعه «بيروت ريآكشن» الذي تبنته شركة (فايزر) الأميركية للأدوية، إذ كانت تلك الشركة تحاول أن تأتي بمثله عبر سنوات عشر لكن مخلوف ورئيسه توصلا إليه في أقصر من نصف تلك المدة، وصنعت منه فايزر دواءين، جربتهما على الحيوانات وأثبتا جدوى وفعالية، وربما قد يكون له تأثير على أمراض وراثية أخرى وأمراض السرطان.
وفي مسيرة مخلوف اختراع آخر باسم (ديفيس بيروت ريآكشن) وهو في مرحلة التجارب منذ عام 2004، حيث حرص على أن يرتبط اسم بيروت بالأبحاث العلمية وهو ثمرة تعاون طويل بين حدادين والبروفسور من جامعة كاليفورنيا مارك كورث، وتم تكريمه لهذا الاختراع من قبل بلديات بيروت وديفس.
و’ديفيس بيروت» اختراع من المؤمل أن ينتج عنه أبحاث ومركبات دوائية عديدة، وينصب الجهد حالياً لاستعمال هذا التفاعل لتطوير مضادات لأنزيم الميلوبيروكسيديز، وقد يؤدّي إلى توفير خيارات علاجية للمصابين بالتليّف الكيسي وأمراض التهابية أُخرى مثل التهاب المفاصل الروماتزمي، وهذه الاختراعات سيتفرع عنها مئات الأبحاث، وبالتالي أدوية لأمراض مختلفة.
وكان الأستاذ بلال القعفراني من دائرة الكيمياء في الجامعة الأميركية ببيروت قد نشط بشكل ملحوظ وتوّج نشاطه عام 2016 بمأسسة محاضرة سنوية تقيمها الجامعة باسم مخلوف، يشارك فيها علماء حصلوا على جائزة نوبل، ومشاهير من علماء الكيمياء العضوية، وهناك جائزة يتم تقديمها باسم الدكتور حدادين تمنح في نهاية كل عام دراسي لطالب متخرج من برنامج البكالوريوس في الكيمياء من الجامعة الأميركية في بيروت، ممن أظهروا سجلاً أكاديمياً ممتازاً بالإضافة إلى التميز بالعمل على بحث في الكيمياء عبر مقالة أو مشروع.
يذكر أن الدكتور مخلوف حدادين يدرس الكيمياء في الجامعة منذ اثنين وخمسين عاما، وعمل رئيسا لدائرة الكيمياء ويتولى حاليا منصب مستشار رئيس الجامعة.
يشار الى ان الدكتور حدادين من مواليد بلدة ماعين بمحافظة مادبا عام 1935 وحصل على البكالوريوس في الكيمياء من الجامعة الاميركية عام 1957 والماجستير بذات التخصص عام 1959، ثم تابع دراساته العليا في جامعة كولورادو وتخرج منها بدرجة الدكتوراة عام 1962 والتحق باحثا بجامعة هارفرد حتى عام 1964 ثم التحق بالجامعة الأميركية ببيروت مدرساً (بترا).
عاد حدادين إلى الأردن بعد أن قضى 58 عاماً يدرس ويدرّس في علم الكيمياء بالجامعة الأميركية، عابراً بعلمه واكتشافاته إلى العالمية.
وفجاءة في صباح يوم أمس الأربعاء،انتقل إلى جوار ربه وهو قنوع مقتنع بقول الشاعر: ولا كنت إلا واحدًا من عشيرة.. ولا باقيا في الناس إلا ابن ذاهب.
المصدر: الرأي ،وكالات