كتبت سوسن الأبطح في “الشرق الأوسط”:
أثارت الجريمة المروعة التي شهدتها طرابلس في شمال لبنان بعد ظهر الجمعة الماضي، وراح ضحيتها أربعة قتلى، رعباً لدى الطرابلسيين من العودة لاستغلال المدينة، وأوضاعها الاقتصادية البائسة، من أجل إثارة الفتن من جديد.
ورغم الحوادث الأمنية المتفرقة التي يشهدها لبنان، ولطرابلس منها حصة كبيرة، فإن مهاجمة محل لبيع الهواتف الخلوية، في محلة التل، قرب مستشفى شاهين، بالرشاشات من قبل ملثمين مجهولين، وإطلاق الرصاص على صاحب المتجر وعاملين معه، في وضح النهار، اعتُبرت سابقة خطرة، وتسببت بما يشبه المجزرة.
وعلى الفور توفي العاملان، وهما الشقيقان عمر ومحمد الحصني، من بلدة ببنين في عكار، كما توفي على الأثر صاحب المتجر محمود خضر من جبل محسن، وقتل في الوقت نفسه أحد المهاجمين وهو خالد عبد المجيد، فيما لاذ آخرون بالفرار، بعد ارتكاب جريمتهم، كما ضرب الجيش طوقاً أمنياً حول المكان.
وقالت قيادة الجيش، في بيان صادر عن «مديرية التوجيه»، إن مطلق النار هو مطلوب ومن أصحاب السوابق الجرمية والإرهابية، وكان يرافقه 3 أشخاص مجهولين يستقلون دراجتين ناريتين، أطلقوا النار من أسلحة حربية في اتجاه محل لبيع الهواتف الخلوية ثم دخلوا المحل وأطلقوا النار فيه وفروا إلى جهة مجهولة.
وتوجهت قوة من الجيش إلى المكان، حيث عملت على عزله وتولى الخبير العسكري تفجير رمانة يدوية عُثر عليها ملقاة في المحل، وذلك بسبب خطورة نقلها، وتعطيل رمانتين أخريين.
وأشار البيان إلى توقيف مديرية المخابرات لشخص تبين أنه شارك في الهجوم، وبوشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص.
وجددت الجريمة المخاوف من عودة التوترات والفلتان الأمني.
وقال الباحث السياسي خلدون الشريف لـ«الشرق الأوسط»: «الحكم هيبة، ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي كما وزير الداخلية بسام مولوي، هما طرابلسيان، وعلى عاتقهما في الحكومة تقع مسؤولية الأمن».
وأضاف الشريف: «أنا لا أقول إنهما وراء المشكل، لكنهما في السلطة التنفيذية، وعدم اهتمامهما بما يحدث في المدينة، من فقدان الأمن الاجتماعي إلى انقطاع الماء والكهرباء، وغرق سفينة المهاجرين، وانهيار منزل في ظهر المغر، هذا كله يفقد الدولة هيبتها».
وأضاف الشريف أن المسؤولية «تتحملها السلطات السياسية والأمنية، التي تبدأ برئيس الحكومة وتنتهي بالمحافظ، مروراً بالوزراء المعنيين، والقوى الأمنية لا تستطيع أن تقوم بالعبء».
من جهته، وصف الوزير السابق رشيد درباس الجرائم التي ترتكب حالياً في طرابلس بأنها «عمل عصابات في حوزتها قنابل ورشاشات، وخطط، وليس ما يحدث هو شغل فقراء، يريدون الحصول على قوتهم».
من جهته، وصف الوزير السابق رشيد درباس الجرائم التي ترتكب حالياً في طرابلس بأنها «عمل عصابات في حوزتها قنابل ورشاشات، وخطط، وليس ما يحدث هو شغل فقراء، يريدون الحصول على قوتهم».
لكن درباس يخشى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يؤدي «تفلت هذه الأعمال الإجرامية التي ترتكبها عصابات سرقة، مستغلة غياب الدولة لتجرنا إلى فوضى عامة، في غياب مرجعية الدولة».
ويؤكد درباس أن «الجهات الأمنية لوجستياً قادرة على ضبط الأمن، لأن لديها (داتا) فظيعة. فإن كان أحد القتلى مثلاً ينتمي للعصابة التي هاجمت المتجر، فهم حتماً سيصلون لباقي أفراد العصابة».
كما يحمّل درباس القضاة الذين ينفذون إضراباً هذه الأيام جزءاً من المسؤولية، ويضيف: «القوى الأمنية ليست لها مرجعية قضائية، في ظل غياب القضاة عن عملهم».
ويرى درباس أن «هذا النوع من الحوادث لا يزال معزولاً، لكنه جرس إنذار لرئيس الحكومة ووزير الداخلية، ليقوما بعملهما تجاه مدينتهما».
وطلب درباس موعداً من قائد الجيش جوزيف عون راغباً في شرح الأوضاع التي وصلت إليها المدينة بحثاً عن حلول معه.