شهدت مدينة طرابلس اليوم الخميس مؤتمرا صحافيا دعا إليه الحزب الديمقراطي الاجتماعي “لنا”، إلى جانب المحامين الموكلين بالقضية وعدد من أهالي الضحايا، لإطلاع الرأي العام على آخر التطورات في قضية إغراق قارب الهجرة في بحر المدينة.
وكشف المؤتمر الصحفي عن تقديم دعويين جديدتين في هذه القضية، بينها دعوى إخفاء قصري، تقدم بها والد المفقود هاشم مثلج، بناء على توفر عدة شهادات تؤكد قفز الأخير من المركب قبل الغرق، وتواصله مع شقيقته، وتأكيد ممرضة في مستشفى طرابلس الحكومي للأهل أنه كان لا يزال حيا في المستشفى حيث قدم له العلاج، إضافة إلى تأكيد أحد الموقوفين أن هاشم كان موقوفا معه في نظارة الأمن العام في طرابلس لصالح مخابرات الجيش.
وكان قد افتتح المؤتمر الصحفي بدقيقة صمت عن أرواح الضحايا، قبل أن يلقي علي جوهر كلمة لنا، مشيرًا إلى أن “131 يوما مرت على إغراق قارب الهجرة في بحرنا، والعدالة مغيبة، ونتائج التحقيقات الأولية مجهولة، وحقوق الناجين وأهالي الضحايا بالتقاضي مهضومة”.
وأشارت كلمة حزب لنا إلى “مجموعة ممارسات تؤكد أن مخاوفنا من عدم ضمان حيادية وشفافية تحقيقات المحكمة العسكرية في هذه القضية مبررة”، معددة “تأخر التحقيقات وعدم صدور أي نتائج ولو أولية عنها، عدم وجود أي موقوف على ذمة القضية حتى اللحظة، عدم الاستماع لإفادات الناجين والأهالي سوى بعد شهرين من وقوع الجريمة، وبعد تقديمنا للدعاوى ومطالبتنا بالاستماع لإفاداتهم، ما يكرس أن حق الناجين بإشراكهم بالتحقيقات غير مؤمن”.
وأكملت الكلمة مشيرة إلى “التناقض في المواقف الصادرة عن ضباط، فضلا عن ممارسات أعقبت المؤتمر الذي اتحدث فيه قائد الغواصة، منها عرض صور ضعيفة الجودة غير الصور الملتقطة عالية الجودة، وقول العقيد ضناوي أن المركب ليس به أي خدش أو آثار ضربات، بعد دقائق فقط من تأكيد قائد الغواصة أن المركب تظهر عليه بالفعل آثار تلقي ضربات”.
ونددت الكلمة بصدور “تصريحات عن سياسيين خلال مؤتمر صحفي رعاه الجيش، تتجاوز القضاء وتقفز فوق التحقيقات وتتقمص شخصية الطبيب النفسي، لتتهم الناجين بالتهيآت”.
ودعت كلمة الحزب الديمقراطي الاجتماعي لنا إلى “الاحتشاد والتنظيم للوصول إلى دولة لا تترك أحدا، وبرفع يد السياسة، وعدم التدخل بمجريات القضاء، وتكريس حقوق الناجين واهالي الضحايا عبر احالة الملف الى المجلس العدلي”، مؤكدة “إبقاء كامل خياراتنا للضغط بهذا الاتجاه، وبكل السبل الممكنة والتي يكفلها القانون والدستور، مفتوحة”.
بدوره قال المحامي محمد صبلوح “إنه كان قد وصل الى مسامعنا أن ملف طلب إحالة القضية إلى المجلس العدلي مدرج على جدول مجلس الوزراء لكنه سحب بسحر ساحر”، متابعا بأن “قناعتنا كاملة بأن التحقيق بالملف من قبل الجيش اللبناني لا يضمن الحيادية والشفافية، ولا يوفر للضحايا حقوقا متساوية بالتقاضي”.
وتطرق المحامي صبلوح إلى قضية الغواصة التي استقدمت الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أنه “كان لديها عدة مهمات هي ايجاد المركب وتصويره تصويرا غير متقطع”، مؤكدا أنها “لم تتمكن من استكمال مهمتها، ولم نتمكن حتى الآن من الاطلاع على هذه الصور، بل إنه تم إخفاؤها وعرض صور رديئة الجودة، وتسليمنا صور رديئة الجودة غير الصور الملتقطة بتقنية ال 4K التي تحدث عنها قائد الغواصة”.
وأشار المحامي محمد صبلوح إلى أن “المؤتمر الصحفي الذي أعلن نتائج عمل الغواصة، انعقد برعاية الجيش ولم يسمح بوجود الأهالي فيه رغم أنهم لديهم أسئلة وهم أهل الفاجعة”، وتابع: “رأينا التناقض بين كلام العقيد ضناوي وبين قائد الغواصة، ففي غرفة العمليات أصر العقيد ضناوي على أن القارب لم يتعرض لأي خدش بشكل يتناقض مع تصريحات قائد الغواصة”. وأكد أنه “يفترض أن يكون عمل الغواصة بإشراف قضائي”.
بدورها تحدثت المحامية ديالا شحادة، موضحة أن “المؤسسة العسكرية هي مؤسسة دستورية، لا تحمي الاشخاص بل تحمي القانون والدستور، ونحن نطالب بالعدالة حماية للقانون وللشعب”.
وأشارة المحامية شحادة إلى أنه “مهما كانت النوايا الحسنة لدى المحكمة العسكرية فالحيادية غير مضمونة”، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في نظام هذه المحكمة الذي لا يسمح للأهالي بأن يكونوا أطرافا في القضية، كمدّعين، بل فقط كمشتكين وشهود يستمع لإفادتهم، ولا تشركهم بالتحقيقات”، مشددة على مطلب إحالة القضية إلى المجلس العدلي”.
وكشفت المحامية شحادة عن تعرض الناجين للضرب على مراكب الإنقاذ بسبب تشاجرهم مع الجيش اللبناني بعد إغراق المركب، وتابعت: “نشجع جميع الناجين وأهالي الضحايا على أن يتحركوا فرادة وجماعات لتقديم شكاويهم رسميا، وتسجيل شهاداتهم في محاضر رسمية، وهناك الكثير من الشهادات التي لم نتحدث بها بعد، لاننا نريد تقديمها وفق المسار القانوني”.
بدورها قالت بارعة صفوان، ناجية وأم لطفلتين ضحيتين، “نحن نتمنى من الدولة اللبنانية أن تعطينا حقنا وأن تتم محاسبة العساكر، أولادي راحوا في البحر وحرام أن نكون صامتين، نحن تحت القضاء ونتمنى من الدولة أن تحاسبهم”.
ثم تحدث جهاد مثلج، والد المخفي قصرا هاشم مثلج، معتبار ان “هناك من اعطى الحق لنفسه بان يكون القاضي والجلاد، أنا لست هنا للتشكيك بالمحكمة العسكرية، لكن الذي قتلنا وأخفى أولادنا قصريا هم عساكر، لهذا نحن نطالب بإحالة الملف بأكمله إلى المجلس العدلي”.
واخيرا، تحدث عميد دندشي، أحد الناجين، وفقد زوجته وأولاده في البحر، مطالبا الجيش اللبناني بعرض كامل اللقطات لمطاردة القارب الذي تم إغراقه، والتي امتدت لساعتين.