و كأن القدر قد تحامل على الشعب اللبناني و سلبه حتى حقه بالموت الطبيعي..هذا الشعب الجبار الذي لم تهزم عزيمته السلطات العثمانية،ولا الاحتلال الفرنسي و لا حتى هجمات العدو الصهيوني،بات اليوم فريسة سهلة بأنياب القدرالذي يخطفه بلحظه و يهدم كل ما بنى من أحلام.
منذ بدء الأزمة الاقتصادية الخانقة،و أخبار زوارق الموت تتوالى.و كأن الفقر الذي ينهش بجسد الفقراء يدفع بهم للجري وراء الموت بأقدامهم، يجعلهم يتمسكون بخيوط أمل أقربها قعر البحر و أبعدها الحدود اليونانية.
ولا سبيل لهم سوى هذه الزوارق التي تتسبب بغرق العشرات و المئات من شباب و شابات و أطفال و كهول.. هم يقضون في البحر غرقا،و ذووهم يقضون بانتظار انتشال ضحاياهم من البحر ..
اما القدر الثاني الذي حتم على اللبناني فهو الموت حرقا، اما بانفجار او بحريق مفتعل يلتهم الاخضر و اليابس و الابنية و المعامل لغايات سياسية و غير سياسية.و في كل مرة يدفع لبنان الثمن من ارواح أبنائه، فيما تكثر التحقيقات و الدلالات.
و في كل مرة يتسكر الملف و تنتهي الحكاية بمرور الايام و يقع اللبناني لمرة جديدة ضحية تآمر القدر مع سلطات فاسدة تحرق آمالنا بوطن جديد كل يوم و بكل لحظة.
تنحصر خيارات الموت تدريجيا امام اللبناني،ليجد نفسه ضحية حادث سير مروع على طرقات عجزت الدولة و وزارات الاشغال المتعاقبة على مدى سنوات باصلاحها و جعلها صالحة للسير.
لا انارة،لا مطبات صحيحة،لا ازفلت ولا لافتات..باختصار لا سلامة مرورية.المواطن و حسن حظه،اما ان يعود ادراجه سالما معافا او يعود محمولا بنعش يلفه العلم اللبناني و بعض الاكاليل و برقيات تعزية ممن قتل القتيل و مشى بجنازته.
لبنان،قطعة السماء، التي تغنى بها الشعراء و الفنانين أصبحت مسرح جريمة شاهد على خطف ارواح المئات و الالاف من الضحايا و الابرياء الذين لا حول لهم ولا قوة الا بالله و الذين لا ذنب لهم سوى انهم ولدوا في مساحة جغرافية تتناهش القوى السياسية اجزائها كقطع الجبن،و تستغل خيرها و تستكثر بمواطنيها العيش الكريم.
كفى بكم قتلا لشبابنا.كفى بكم سفكا لدمائنا.
ارحلوا عنا او اتركوا لنا لبناننا.
اتركوا لنا فسحة نعيش بها احلامنا فوالله القلب متعطش للفرح و أعيننا غشتها الدموع من قراءة اوراق النعوة.
ملت الاذان من سماع اخبار الموت،و فجعت قلوبنا بصور الشباب تلفها الشرائط السوداء.
نتمنى فرجا يليق بصبرنا،نتمنى فرحا يعوض علينا وجعنا..نتمنى ان نسترجع لبنان من أيدي الذين سلبوه و سلبوا معه مستقبلنا و مستقبل اجيالنا.
أريج الدنف.