حقائق ومشاهد مؤلمة تمخضت عنها مهمة البحث عن “زورق الموت” بعد إنطلاق مهمة انتشاله. رفات ضحايا شوهدت في الزورق. الواقع كانت الثياب تساعد على الاستدلال على الجثث، وبرزت صعوبة في انتشالها مع احتمال تحولها رماداً مع الاحتكاك بها.
أفادت مصادر مطّلعة على مسار مهمّة البحث عن “زورق الموت” في بحر طرابلس “النهار” بأنّ “الغواصة لم تنفّذ اليوم أيّ مهمّة غطس”، مؤكّدة أنّها “ستستأنف أعمال تصوير الزورق الغارق غداً وبعد غد من الجوانب كافّة وحتّى من الجهة السفليّة إذا أمكن”.
وأكّدت المصادر لـ”النهار” أنّه “خلال عمل الغواصة أمس، عثرت على جثة خارج الزورق حاولت انتشالها فتفتّتت وتحوّلت رماداً، وتمكّنت من التقاط سترة غارقة، كما شوهد ما بدا أنه رفات سيدة تحمل طفلين وتتمسّك بباب الحجرة التي يُقال إنّهم كانوا داخلها، غير أنّ الغواصة لم تحاول انتشال الجثث الثلاثة خوفاً من تفتّتها، خصوصاً وأنّه تبيّن للطاقم وجود بكتريا في البحر تأكل العظام حتّى ولهذا تقرّر التريّث في الانتشال”.
وذكرت المصادر أنّ “الغواصة ستحاول غداً إدخال الكاميرات إلى داخل الزورق للتدقيق في أماكن وجود الجثث ليُصار بعد التشاور مع مفتي طرابلس محمد إمام في ما يقوله الشرع والدين في حال تحوّلت الجثث رماداً، وربّما يُصار إلى استخراج الثياب إن وُجدت وإقامة جنازة الغائب على أرواح الضحايا علماً بأنّه تبيّن أنّ انتشال المركب غير ممكن كونه مليء بالرمل ولا يمكن سحبه إلى سطح الماء سوى في حال في برزت إمكانات جديدة تتيح ذلك”.
وكان قائد القوات البحرية في الجيش العقيد الركن هيثم ضناوي، عقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع النائب اللواء أشرف ريفي في قاعدة القوات البحرية في مرفأ طرابلس، تناولا فيه آخر المستجدات والتطورات الحاصلة في قضية المركب الغارق قبالة شواطئ مدينة طرابلس، بمشاركة كابتن الغواصة سكوت واتيرز وممثل الجمعية الأوسترالية AUS- Relief توم زريقة
وأشار ضناوي الى “وضع أدلة جديدة في عهدة القضاء لاستكمال التحقيقات على أمل أن يخفف عن الأهالي مصابهم”.
وقال: “منذ شهرين تقريبا ونحن نسعى للاستعانة بغواصة لايجاد المركب والضحايا الموجودين بمبادرة من جمعية AUS- Relife ومتابعة من قبل اللواء ريفي، وكانت قيادة الجيش متعاونة لايصال الغواصة وتقديم كل الامور اللوجستية لتسهيل مهمتها، وفي البداية واجهتنا صعوبات كبيرة ولكن تمكنا من تخطيها ووصلت الغواصة بواسطة أشخاص عديدين من دول عدة عملوا ليلا نهارا لتشكيل فريق عمل واحد متجانس هدفه انجاز هذه المهمة الانسانية وايجاد المركب، ووضع الجيش خلال هذه الفترة اجهزته كافة الادارية والعملانية وعناصره بتصرف هذه المهمة، وبمتابعة دقيقة من قبل قائد الجيش العماد جوزيف عون، وكما تعلمون في اليوم الاول لم تستطع الغواصة ان تبدأ مهمتها بسبب الامواج العاتية، ولكن الاربعاء الماضي تمكنا ان ننجز الامر و استطعنا العثور على المركب الغارق على عمق ٤٥٩ مترا وتم التقاط صور له واكتشفت الغواصة مصير المفقودين”.
أما كابتن الغواصة واتيرز فقال: “عملنا في اليوم الاول للغوص على بعد كيلو متر واحد بحثا عن مركب لونه أبيض باستخدام “الجي بي أس” الذي نملكه، اتجهنا على بعد ٦٠٠ متر بحثا عن المركب ولكننا لم نستطع ايجاده في اليوم الاول وكان العمل في ذلك الوقت صعبا جدا، وفي اليوم التالي وعلى بعد ١٣٠ مترا من المكان الاخير الذي وصلنا إليه وجدنا القارب ولكن عليه الكثير من الرمل ومن الصعب انتشاله وخاصة بسبب الصخور “.
وأضاف “سنسعى لنخفف من وجع اهالي الضحايا وألمهم عبر ايجاد جثث أبنائهم ورفعها الى سطح المياه، وفعلا وجدناهم وأنا رأيتهم شخصيا وهم في القارب وكلنا أمل أن نستطيع إنتشالهم وأعلم أن الأمر صعب ومؤلم ولكن سنعمل جاهدين من أجل ذلك، وندعو لهم بالسلام والراحة”.
من جهته، لفت ريفي الى أنه “لا يمكن لأي انسان أن يقدم على الخطر والمجهول إن لم يكن يهرب من خطر اكبر، وضعونا في جهنم وأولادنا اليوم يبحثون عن كيفية الفرار من جهنم، لذلك أقول أن الطبقة السياسية أوصلت لبنان الى جهنم، والمؤسسة العسكرية والوطنية تقول: نحن سنخرجكم من جنهم في هذه المحنة وفي المحن الأخرى”.